أثار المسلسل السوري "كسر عضم" جدلاً واسعاً، خلال الأيام القليلة الماضية بشأن ملكية نصّه وفكرته، التي يدّعي الكاتب فؤاد حميرة أنه صاحبها، فيما يؤكد منتج العمل إياد النجار ومخرجته رشا شربتجي أنه من كتابة علي معين صالح، والذي يُعتبر أول عمل درامي يحمل توقيعه كمؤلف.
وكان الكاتب فؤاد حميرة اتهم المنتج إياد النجار، عبر مقطع فيديو نشره على فيسبوك، بسرقة نص مسلسل "حياة مالحة"، الذي كتبه عام 2011، وتقديمه في "كسر عظم".
ويتناول المسلسل الواقع السوري بعد الحرب، ملقياً الضوء على مسار الفساد والطمع في الأجهزة الأمنية والتي يمثّلها مسؤول كبير جشع يدعى "الحكم" ويحاربه ابنه الذي يمشي في خط نزيه، بانتحاره وفضحه وكسر ظهره، إذ يصاب الحكم بـ"الإيدز" ويخاف من الفضيحة، فيرتكب وأعوانه سلسلة مجازر لا تغتفر لعدم فضحه.
المسلسل من بطولة فايز قزق، وكاريس بشار، ونادين خوري، ومحمد قنوع، وأيمن عبد السلام، وسامر سليمان، ونادين تحسين بك، ويزن السيد وخالد القيش.
انتقام
وأوضح فؤاد حميرة، لـ"الشرق"، أنه لا يقصد سرقة فكرته كاملة، بل اقتناص الثيمة الفنية لمسلسله، والتي تحكي عن مسؤول كبير أصيب بالإيدز، نقله إلى زوجاته فينتشر الخبر، فيشعر بالرعب من معرفة الناس ذلك، وأنه من الداخل عَفِن، فظلّ محافظاً على صورته بزيادة القمع، مع أنه خائف هو نفسه من الشعب، والشعب مرعوب منه في الوقت نفسه".
وقال حميرة، إن "هناك خلافات بيني وبين النجار، لذلك قرّر الانتقام بإهانة النص وكاتبه، فقدّم العمل إلى أكثر من كاتب لتعديله، بينهم سامر رضوان الذي رفض لأنه أخلاقي ويعرف قيمة التعب، لكن هناك كتاب آخرين صغار في السن ينتظرون أية فرصة لذلك اشتغلوا على النص".
وأشار إلى أن "إياد النجار شرع في تصوير مسلسل (حياة مالحة)، قبل 12 عاماً تقريباً، لكن التظاهرات تسببت في تعطل المشروع بعد انسحاب الممثلين".
واتهم فؤاد حميرة المنتج إياد النجار بأنه "يمارس الكذب والتضليل، ويتعامل مع الناس بطريقة غير مهنية، ولديه استعدادات طوال الوقت لتعديل النصوص من تحت الطاولة".
وأعرب عن آماله بالحصول على حقوقه الأدبية من خلال كتابة اسمه على تتر المسلسل، كصاحب الفكرة، قائلاً: "لا أريد تشويه سمعة علي معين صالح، أو الحصول على مال وشهرة".
الملكية القانونية
من جهته قال إياد النجار، لـ"الشرق"، إن "فؤاد حميرة ليس لديه أي حقوق، خاصة أن المسلسلين هما ملك شركتي.. فهل يريد محاسبتي على أملاكي؟".
وأوضح أن "فؤاد كتب 6 حلقات من مسلسل (حياة مالحة) قبل 12 عاماً، وخسرت آلاف الدولارات لإنتاجه، لكن التصوير لم يُستكمل بعد"، مؤكداً أن مسلسل "كسر عضم" حديث الإنتاج ويحمل أفكاراً جديدة، "هو يدعي أن هناك تشابه في خط إصابة الحكم بالإيدز، وكل هذا لا يتعدى 20 مشهداً من 1500 مشهد يتضمنها المسلسل".
وأشار إلى أنه يرغب في استكمال كتابة "حياة مالحة"، لذلك جدد العرض على حميرة باستئناف المشروع، إلا أنه رفض ذلك، قائلاً: "أنا متمسّك بالمسلسل وأريد إنتاجه، لذلك عرضته على أكثر من كاتب، لكن خرجت اعتذارات عدة بأن النص لا يُشبه أسلوبهم".
خط ثانوي
أما الكاتب علي معين صالح فتعجب من هجوم فؤاد حميرة على المسلسل وتوجيه اتهامات بالسرقة، بعد فترةٍ قصيرة من مباركته له، قائلاً لـ"الشرق": "فؤاد كلمني قبل فترة وأثنى على العمل".
وأوضح أن "التشابه والتقاطع بين نصي ونصه يتعلق فقط بحدث الإيدز، وهو حدث ثانوي في مسلسلي، وتتدرّج أحداثه ببطء وحتى الحلقة 17، ولم يعرف المشاهد كيف تتمّ معالجة هذا الخط"، متابعاً "في حال عالج فؤاد حميرة هذا الخط في مسلسله، يمكنه نشر كيفية ذلك بتفاصيله أمام الجمهور ويترك الحُكم له، وفي حال تبيّن أن المعالجة هي نفسها في العملين سأعترف أنا بأن هناك سرقة جهد وسرقة محتوى".
وتابع: "في النهاية المعالجة وطريقة سياق الأحداث هي التي تحكم في حال كان هذا النص مقتبساً أو هناك استفادة من نص آخر، وكل الأعمال الإبداعية تتضمن ثيمات أساسية مشتركة عند الجميع هي الحب والانتقام والثأر والبحث عن الحقيقة".
فكرة المؤامرة
وأضاف الكاتب علي معين صالح: "توسّلنا لـ فؤاد بأن يتريّث حتى ينتهي العمل، وبعد عرض الحلقة الأخيرة يمكنه التصريح في حال كان هناك من اعتدى على حقوقه وسرق مجهوده أم لا"، لافتاً إلى أنّ "هناك شخص أو جهة منزعجة من نجاح مسلسلي، وصل فكرة إلى حميرة بأن نصّه سُرق، في نيّة غير طيبة، وكان مطلوب منه التريّث".
ومضى قائلاً: "المسلسل الذي كتبته يتضمن 3 خطوط درامية، وهي: خط الشباب الذي يمثلّ الطبقة الوسطى، وخط يارا وأبوها مالك وهي تمثّل الطبقة المسحوقة في سوريا التي تقدّم تنازلات نتيجة الظروف المأساوية التي تعيشها، وأخيراً خط الطبقة المُسيطرة التي يمثّلها المسؤول الأمني الحكم وأعوانه".
ويعتبر صالح أنه "ظّلم بسبب تصريحات فؤاد حميرة، فبعد النجاح الكبير للعمل والثناء بنصي كونه النص الدرامي الأول لي، اليوم تحوّل العمل من نعمة إلى نقمة، لأن هناك من يُشكّك الآن بأن يكون هذا لي خصوصاً أنني كاتب جديد"، رافضاً "فكرة المؤامرة المدبّرة من قبل حميرة وأنه يريد التسلّق على نجاح العمل".
تسرع
وترى المخرجة رشا شربتجي أن "حميرة تسرّع باتهام العمل بالسرقة في خط مرض الإيدز، مع أننا طلبنا منه التفسير ونشر تفاصيل نهاية العمل بما أنه يدعي كتابته ليحكم الناس في النهاية"، موضحة أنه سيُجرى نشر النصين الدراميين على الملأ بعد إجازة عيد الفطر، ليكون الحكم للجمهور، حال استمرار الأزمة.
وأوضحت أن "الشركة المُنتجة كانت ستكتب اسم حميرة على التتر، إذا كان هو صاحب الفكرة، كون اسمه مكسباً كبيراً، وهذا يخدم على صعيد التسويق للعمل أو بيعه للقنوات والمنصات، خصوصاً أن الجمهور كان متعطشاً لأعماله وينتظرها".