عودة الزخم لمهرجان برلين السينمائي على وقع الحرب الأوكرانية

time reading iconدقائق القراءة - 7
مدخل قصر برلينالي، الذي يحتضن مهرجان برلين السينمائي الدولي- 14 فبراير 2023 - AFP
مدخل قصر برلينالي، الذي يحتضن مهرجان برلين السينمائي الدولي- 14 فبراير 2023 - AFP
برلين -عرفان رشيد

على أنقاض وتداعيات "حرب كورونا" التي توشك على وضع أوزارها، وأخرى ما تزال رحاها دائرةً في قلب أوروبا، تنطلق الدورة الـ73 لـ مهرجان برلين السينمائي الدولي.

أعادت الحرب الدائرة في أوكرانيا، على بعد بضع مئات من الكيلومترات من مكان المهرجان، إلى الواجهة أجواء الحرب الباردة ووضعت العالم بأسره، في رمشة عين، على أعتاب مخاطر حرب كونية نووية ومدمّرة.

ويشعر أهل هذه المدينة أكثر من غيرهم بمخاطر هذه الحرب، واحتمال تداعياتها المأساوية، سيّما وأنّ برلين ظلّت مُقسّمة على معسكري صراع الحرب الباردة، وظلّ الجزء الغربي خلال ثلاثة عقود، جزيرة مُسوّرة داخل الأرض التي حكمها ”الحزب الاشتراكي الألماني الموحّد“ - الحزب الشيوعي-  بدعم من موسكو. 

”الدورة صفر“

ورُغم دخول المهرجان عقده الثامن، فإن هذه الدورة تبدو بمثابة الدورة الأولى من الزمن الجديد، أو بالأحرى ”الدورة صفر“.

إذا ما أردنا الاستعانة بعنوان أحد أفلام رائد الواقعية الإيطاليّة الجديدة روبيرتو روسّيلّيني ”ألمانيا العام صفر“، فكل ما سيجري لن يكون شبيهاً بما جرى سابقاً.

ولن تكون السينما نفسها أو مهرجاناتها شبيهة بما كانت عليه في السابق، بالذات بعد حالة الانفصال التي حدثت ما بين المشاهد والشاشة، بالذات في الغرب، حيث انهارت الصالات السينمائية، التي كانت تُعاني، حتى قبل الجائحة، من شحّ أعداد مرتادي الصالات، وإغلاق المئات منها في إرجاء عديدة من القارّة العجوز.

”لا شيء هادئ على الجبهة الشرقية“

وتنطلق الدورة الحالية من البرليناله، فيما ”لا شيء يبدو هادئاً على الجبهة الشرقية“، إذْ يكاد دوّي الانفجارات التي ابتدأت بالاندلاع في مثل هذه الأيام من العام الماضي، يُسمع هنا في العاصمة الألمانية، كما يتم تلمّس آثارها، ليس في ألمانيا فقط، بل في أوروبا بأسرها.

وهذا ما قد يدفع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إلى تفعيل تغيير جوهري في استراتيجيته الإعلامية، بتحويل حضوره الافتراضي في المحافل الدولية، كما فعل في مهرجاني كان فينيسيا، إلى حضورٍ فعلي مساء الجمعة ليرافق الفيلم الوثائقي ”Superpower ”، الذي أنجزه عنه المخرج والنجم الأميركي شون وين برفقة أرون كاوفمان، بعد لقاءات فعلية وافتراضيّة على مدى فترة طويلة استغرقت شهوراً عديدة.

ووصف المدير الفني للمهرجان كارلو تشاتريان هذا الفيلم بالقول: ”إنّه فيلم وثائقي صُوّر في ظروف صعبة للغاية، لكنه، في الوقت ذاته، عملٌ عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الفن والفنان في الظروف العصيبة والعسيرة“.  

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن هناك احتمال أن يُقرّر ”الرئيس زيلينسكي بالوصول إلى ساحة "پوستدامر بلاز" لحضور العرض العالمي الأول لفيلم شون بين آرون كاوفمان.

ويُشير الفيلم، حسبما رشح عنه حتى الآن، بأن اللقاء الأول بين الرئيس زيلينسكي و شون بين وآرون كاوفمان، جرى يوم الثالث والعشرين من شهر فبراير، قبل عام من الآن، وجرى ذلك اللقاء في القصر الجمهوري، حين كان زيلينسكي يرتدي بدلة أنيقةً وربطة العنق، إلاّ أنه اضطُّر، من اليوم التالي لذلك اللقاء، أي 24 فبراير، أن يرتدي الزي العسكري الخاكي، وأنْ يتّخذ كل الإجراءات التي تفرضها الحروب على زعامات البلدان التي تخوضها. 

أزرق وأصفر وزهري

وفيما كان اللون الطاغي في المهرجان على مدى سنواته السابقة هو الأحمر القاني، فإنّ الأزرق والأصفر، وهما لونا العلم الأوكراني، سيطغيان في هذه الدورة.

ولن يكون شريط شون بين هو الفيلم الوحيد الذي يتناول موضوعاً أوكرانياً فحسب، بل أنّ هناك أفلاماً قادمةً من أوكرانيا أو أنتجت بمساهمه منها أو من فنانيها، إضافة إلى حضور محكمين أوكرانيين في لجان تحكيم المهرجان.

وبانتظار ما سيحدث ليلة الجمعة، فإنّ المهرجان ينطلق أيضاً تحت سمةٍ لونٍ آخر، إذّ سيكون اللّون الزهري إلى جانب لوني العلم الأوكراني، ويظهر ذلك بجلاء ابتداءً من أختيار رئيسة لجنة التحكيم، النجمة الأمريكية كريستين ستيوارت، وأعضاء لجنتها التي تضم أربع نساء أخريات هن الفرنسية الإيرانيّة غولشيفته فاراحاني، والألمانية ڤاليسكا غريساخ، والأميركيّة فرانسين مايسلر، والاسبانية كارلا سيمون، مقابل محكّمين رجال هما الروماني رادو جود والصيني جونّي توو من هونغ كونغ.  

وستمنح هذه اللجنة جائزة الدبّ الذهبي إلى واحد من 18 فيلماً في المسابقة الرسمية جاءت من إسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا والمكسيك وسويسرا وأستراليا وبريطانيا و والنمسا واليابان والصين ولوكسمبرغ، والدولة المُضيّفة ألمانيا.

وثمةَ جوائز أخرى ستمنحها هذا اللجنة واللجان الأخرى، لكن هناك جائزتان مهمّتان هما ”كاميرا البرليناله“ الممنوحة إلى مديرة التصوير الفرنسية كارولين شامیتيير التي اشتغلت منذ نهايات السبعينات مع كبار المخرجين الفرنسيّين والأوروبيّين، مثل جاك ريڤيت وجان لوك غودار ونيكول غارسيا وشانتال آكرمان وجاك اوديار وآرنو ديپليشان، والفلسطيني توفيق أبو وائل وصولاً إلى ليوس كاراكس، الذي صوّرت معه فيلمه الأخير آنييت. 

إحتفاءٌ بسبيلبيرج

وستبلغ إحتفالية الإحتفاءات في هذه الدورة هذه الدورة بتسليم جائزة”الدب الذهبي لمجمل الإنجاز الإبداعي“ إلى  المخرج العالمي الكبير ستيفن سبيلبيرج، الذي سيشهد جمهور المهرجان فيلمه الأخير " The Fabelmans" إضافة إلى برنامج إستعادي يضمّ سبعةً من أهم أفلامه، وأستغرب لماذا لم يتم إدراج فيلمه "إمبراطوريّة الشمس" - 1987-  ضمن هذه الاختيارات، والذي أُعدّه واحداً من أهم ما أنجز سبيلبيرج على الإطلاق، وهو الفيلم الذي أطلق للريح جناحي فتى صغير اسمه كريستيان بايل الذي صار واحداً من ألمع النجوم وأكثرهم تنوّعاً وقدرةً على التغيّر وتَمَثُّل الأدوار.

ولتأكيد الدور الهام للمرأة سيْطلق المهرجان دورته الحالية بشريط ”جاءت إليّ“ للمخرجة الأميركيّة ريبيكّا ميلّلر، ابنة الكاتب المسرحي الكبير أرثر ميلّلر.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات