تنطلق في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء"، الخميس، فعاليّات الدورة التاسعة من مهرجان أفلام السعودية، الذي تُقيمه جمعية السينمائيّين السعوديّين، بالمشاركة مع مركز إثراء، وبدعمٍ من هيئة الأفلام السعودية في وزارة الثقافة ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
وستشهد أمسية الحادي عشر من هذا الشهر حفل توزيع الجوائز على الأفلام المشاركة، فيما تشهد أيام المهرجان تسليم الجوائز التكريميّة إلى المنتج السعودي صالح فوزان وإلى الكاتب السينمائي البحريني أمين صالح، إضافة إلى "جائزة عبدالله المحيسن للعمل السينمائي الأول"، وهي جائزة استحدثها المهرجان قبل دورتين، ومنحتها اسم رائد السينما السعودية، اعترافاً بالدور الذي لعبه المحيسن في السينما السعودية.
وكان المهرجان قد بادر في دورته الأولى عام 2008 إلى تكريم المخرج عبدالله المحيسن، فيما كرم مهرجان العين السينمائي في الإمارات المحيسن في دورته السابقة.
ويعد المحيسن من بين الشخصيات النادرة في العالم العربي التي يمكن أن يطلق عليهم وصف رائد، ليس فقط بمعنى أنه وضع اللبنة الأولى للسينما في المملكة العربية السعودية، بل أيضاً بمعنى أنّه واصل بجَلَدٍ وإصرار إنجاز الأعمال رُغم ما واجهته من مصاعب وعوائق.
وقال المحيسن في حوار لـ"الشرق" إن شغفه بالسينما بدأ منذ الطفولة حين كان يدرس في مصر، وكان يشاهد في عطلة الأسبوع الأفلام والمسرحيات والأفلام الكرتونية القديمة. كذلك في السعودية "كانوا في درس العلوم يأتون بأفلام الكرتون التي تُمثّل الدّم، وكيفيّة صراع الكريّات الحمراء والبيضاء للدفاع عن جسد الإنسان".
بداية الاهتمام بالفن
وأضاف أن اهتمامه بالفن بدأ مع الرسم في المدرسة باعتباره وسيلة تعبير "وبعد حين وجدت أنّ الرسم ثابت، وجامد ويحتاج إلى القراءة، لذا تحوّلت إلى التصوير ووجدته هو أيضاً تجميداً للقطة معينة، ولمّا رأيت بأنّ كلّ هذه الأشياء لا توصلني إلى التعبير الذي أُريد، لجأت إلى الكاميرا والسينما في مرحلة الدراسة الثانوية في لبنان".
وتابع أنه كان يحضر عروض أفلام كثيرة في لبنان، و"كان هناك ناقدٌ يسكن معي عند سيّدة لبنانية متزوّجة من إنجليزي، وعندما كنت أعود إلى البيت ليلاً بعد مشاهدة أحد الأفلام كان ذلك الناقد يجلس معي ويناقشني عمّا شاهدت، ويسألني عن أداء الممثلين، وبعد سلسلة من نقاشاتنا هذه أسرّ إليّ قناعته بأنّ لديّ ما له علاقةٌ في مجال السينما، وكان ذلك مؤشراً بالنسبة لي للبدء بالبحث عن الجامعات والكليات التي أستطيع الدراسة فيها لأكمل فيها التخصص، ولهذا السبب ذهبت إلى بريطانيا".
وأكد المحيسن أنه ركز على عنصر النقد في أعماله، مضيفاً أن والده كان "يريدني أكون طياراً أو طبيباً أو محامياً، فقلت له بأنّني سأشتغل محامياً، لكن ليس محامياً يتقاضى الأموال، بل محاميَ مجتمع، أفكر في مواضيع تُهمّ المجتمع وأتناولها وهي، على ما أعتقد أكثر من صالة محكمة".
"سينما القضايا"
وقال إن أستاذه في معهد السينما قال له بعد إنجاز أول تجربة سينمائية إنه "صانع أفلام مثقف"، وبعد التخرج عرض فيلمه "الإسلام جسر المستقبل في القاهرة"، فأشاد به المخرج المصري أحمد كامل مرسي قائلاً إن المحيسن قدم سينما جديدة اسمها "سينما القضايا".
ويرى المحيسن أن السينما السعودية لازالت في خطواتها الأولى، مضيفاً: "لا شك أن دعم وتوجه الدولة بقيادة الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وإصرارهما على التعامل مع الصورة بمخاطبة العالم بلغة العصر، وهي السينما والصورة. هذا الدعم جميل وتمنيت لو كان معي في الماضي، لكن الله سبحانه وتعالى هو المسيّر وهو الموجّه، فوجّهني ومنحني الصبر والذي بدأت ألمس اليوم ثمراته في شباب ابتُعثوا للدراسة، وهم شباب شغوفون ويحاولون إثبات أهمية لغة العصر، السينما والتعامل معها بأساليب يستطيعون بها التعبير عن أنفسهم".
وشدّد على مفهوم التعبير عن الذات "بمنظارهم، وليس بالمنظار الغربي لأنّ للمنظار الغربي رؤيته، وحاول معي كثيراً يدعمني في أفلامي على أساس أن أقدم المجتمع السعودي برؤية غربية ورفضت. العالمية عندي تنبع أساساً من داخل المجتمع، لذا أن يحمل الشباب يحمل هذه الرسالة ليقدّموا مجتمعنا إلى العالم بمنظارنا هذا وليس بمنظار ما يُريد هذا العالم أن يرانا فيه".
ويُقام مهرجان الأفلام السعودية لهذا العام تحت شعار "الكوميديا"، ويرتقّب أن تشهد أيام المهرجان، حتى الحادي عشر من هذا الشهر عرض ما يربو على 80 فيلماً وعملاً، إضافةً إلى مشاريع للأفلام والنصوص السينمائية التي قُدّمت إلى سوق الفيلم.