صفقة الأسرى تمنح بايدن "هدنة مؤقتة" من الضغوط لوقف الحرب في غزة

الرئيس الأميركي يواجه تحديات انتخابية مع فتور التحالف المؤيد له بسبب موقفه من الحرب

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته إلى جزيرة ناتوكيت لقضاء عطلة عيد الشكر. 25 نوفمبر 2023 - Reuters
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته إلى جزيرة ناتوكيت لقضاء عطلة عيد الشكر. 25 نوفمبر 2023 - Reuters
دبي -الشرق

واجه الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطاً شديدة داخل الحزب الديمقراطي خلال الأيام الأخيرة من أجل الضغط على إسرائيل لإقرار وقف كامل لإطلاق النار في غزة، ولكن الهدنة المؤقتة التي بدأت الجمعة، واتفاق تبادل الأسرى، وفرا له "استراحة قصيرة" من هذه الضغوط، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

ولعبت إدارة بايدن دوراً بارزاً في اتفاق تبادل الأسرى، الذي توصلت إليه إسرائيل وحركة "حماس"، بعد أسابيع من المفاوضات بمشاركة قطر ومصر، وأجرى بايدن أكثر من 10 اتصالات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بما في ذلك هذا الأسبوع، وكان أيضاً على اتصال شخصي مع قادة آخرين مع تقدم المحادثات.

وسارع المفاوضون للتغلب على نقاط خلاف في اللحظة الأخيرة، هددت بعرقلة الجهود قبل الإعلان عن بدء سريان الهدنة، الجمعة، بعد يوم واحد من الموعد المقرر لها.

ولفتت الصحيفة إلى أن الاتفاق يظهر أن بايدن لا يزال يتمتع ببعض النفوذ على الإسرائيليين، الذين رفضوا وقف القتال، وأنه يحرز تقدماً في مسألة حدد البيت الأبيض مراراً أنها تأتي على قمة أولوياته، وهي إعادة الأسرى الأميركيين.

ولم تضم المجموعة الأولى أو الثانية من الرهائن المفرج عنهم مواطنين أميركيين، لكن مسؤولاً في البيت الأبيض، قال إن الإدارة لا تزال تأمل أن تضم الدفعات اللاحقة أميركيين من بين الرهائن الـ50 الذين ستفرج عنهم الحركة، في إطار الاتفاق، الذي ستفرج إسرائيل بموجبه أيضاً عن 150 معتقلاً فلسطينياً.

وقال بايدن في مؤتمر صحافي عقب عملية التبادل الأولى، الجمعة، "إنها مجرد بداية، لكن الأمور سارت بشكل جيد حتى الآن".

ضغوط انتخابية

ويواجه بايدن، الذي يسعى لإعادة انتخابه العام المقبل، ضغوطاً من مشرعين تقدميين وناخبين، لا سيما الأصغر سناً، لممارسة ضغط على إسرائيل لوقف كامل لإطلاق النار في الصراع المستمر منذ نحو سبعة أسابيع.

وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن بايدن كان متردداً في القيام بذلك، وكان يصر على ضرورة تأمين إطلاق سراح الأسرى أولاً، وحذّر من أن أي توقف مطول قد يسمح لحركة حماس بـ"إعادة تجميع صفوفها، وشن المزيد من الهجمات على إسرائيل".

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن سيليندا ليك، وهي مستطلعة آراء ديمقراطية تعمل على القضايا التقدمية، وكانت مشاركة في حملة بايدن لعام 2020، قولها: "أعتقد أن هذا الأمر سيعطي انطباعاً إيجابياً حقيقياً".

ويربط الاتفاق بين إطلاق سراح الأسرى ووقف القتال، وهما مسألتان تثيران قلق الناخبين الأميركيين بشدة.

وأشارت ليك إلى أن "بايدن ظهر على أنه لا يُبالي بأرواح الفلسطينيين مع استمرار الصراع، ومع انتشار صور الحرب في كل مكان على منصات التواصل الاجتماعي. وما يفعله هذا (الاتفاق) هو أنه يضع الجميع إلى جانب العمل الإنساني"، على حد قولها.

فتور التحالف المؤيد لبايدن

وساهمت استجابة بايدن للحرب في الشرق الأوسط في تقويض الحماس بين أجزاء من التحالف الذي ساعده على هزيمة الرئيس السابق دونالد ترمب في انتخابات 2020. وتظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن الشباب، الذين دعموه على نطاق واسع قبل ثلاث سنوات، "يكرهون نهجه إزاء الحرب".

وتشمل هذه الاستطلاعات استطلاعاً أجرته شبكة NBC News مؤخراً، وجد أن 70% من الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الصراع بين إسرائيل و"حماس".

وأظهر الاستطلاع نفسه أن 51% من الديمقراطيين يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب.

وفي هذا السياق، قال وليد شهيد، وهو خبير استراتيجي ديمقراطي عمل مع كبار المشرعين التقدميين: "لا أعتقد أن الجروح داخل الحزب تلتئم على الإطلاق، ويمكنني أن أتوقع أن الأمر سيزداد سوءاً. سترون المزيد من الأدلة على الحجة التي يسوقها التقدميون بأنه لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع".

تغير في نهج الإدارة

واتخذت إدارة بايدن رد فعل مؤيداً لإسرائيل بشدة على هجمات "حماس"، لكنها أصبحت "أكثر حذراً" مع تزايد الضغط السياسي، وأبدت استعداداً لانتقاد الإسرائيليين، وخاصة مستوطني الضفة الغربية، الذين تسببوا في توتر شديد في المنطقة، فيما أكد بايدن والإدارة باستمرار أن لإسرائيل "الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حماس".

واعتبرت "وول ستريت جورنال" أن صفقة الأسرى هي أقوى مؤشر حتى الآن على أن الحكومة الإسرائيلية "تستجيب للدعوات الأميركية لتقييم ردها العسكري".

وقالت إن هذا الأمر أثار توقعات بين بعض الديمقراطيين بأن الحرب يمكن أن تدخل مرحلة جديدة مع نهج "أدق استهدافاً لحركة حماس، وقدر أكبر من الحرص على الحفاظ على أرواح المدنيين"، على حد قول الصحيفة.

في هذا الصدد، ذكرت الصحيفة أن السيناتور بيرني ساندرز، كتب في افتتاحية بصحيفة "نيويورك تايمز"، أن الهدنة كانت "خطوة أولى واعدة يمكننا البناء عليها، ونأمل أن نعمل على تمديد فترة التوقف".

وأضاف: "يجب ألا يتبع هذا التوقف، استئناف القصف العشوائي. ستواصل إسرائيل ملاحقة حماس، ولكن يجب عليها تغيير تكتيكاتها بشكل كبير لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين".

مساعدات لإسرائيل

ويتزامن تعليق الحرب مع جهود بايدن، لنيل موافقة الكونجرس على ما يقرب من 14 مليار دولار من المساعدات لإسرائيل، بحسب الصحيفة.

وقال ساندرز وغيره من التقدميين، إن أي مساعدة لحكومة نتنياهو يجب أن تكون مشروطة بوقف القصف، وعنف المستوطنين في الضفة الغربية، والالتزام بعدم احتلال غزة.

وفي الوقت نفسه، كان جميع الجمهوريين البارزين تقريباً مؤيدين بشدة لإسرائيل، وانتقدوا الدعوات لوقف إطلاق النار. وتحدث قلة في الحزب الجمهوري عن صفقة الأسرى.

وكتبت المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، والمرشحة الرئاسية المحتملة لعام 2024، على منصة "إكس" أنها "تشعر بسعادة غامرة لأن العائلات قد يلتئم شملها قريباً مع أحبائها (الأسرى). ولكن يتعين على العالم أن يطالب حماس بالمزيد. لماذا 50 رهينة فقط؟"، دون أن تشير إلى بايدن.

"جهود دبلوماسية صبورة"

ووصف مسؤولو البيت الأبيض الاتفاق بأنه نتيجة "جهود دبلوماسية صبورة"، وأعربوا عن أملهم في أن يبث قدراً من الهدوء في المنطقة بعد قتال عنيف، لكنهم كانوا مترددين في تأطير الانفراجة الدبلوماسية على أنها "بعيدة المدى"، مشيرين إلى انعدام الثقة بين حماس وإسرائيل حتى عندما كانوا يأملون في أن يكون إطلاق سراح بعض الأسرى لبنة في المفاوضات المستقبلية.

وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، في مقابلة مع شبكة (CNN): "لن ندخل في هذا بغطرسة أو ثقة فائقة. نحن ممتنون لأننا تمكننا من تأمين هذه الصفقة، كل شيء الآن يتعلق بالتنفيذ".

وأجرى بايدن، الذي يقضي عطلة عيد الشكر في جزيرة نانتوكيت بولاية ماساتشوستس، مكالمات منفصلة من الجزيرة مع قادة إسرائيل وقطر ومصر، الذين ساعدوا على التوسط في الصفقة.

وتضمنت المحادثة مع نتنياهو تطمينات بأن العمل سيستمر لتأمين إطلاق سراح أسرى إضافيين، وشدد بايدن على "أهمية الحفاظ على الهدوء" على طول الحدود مع لبنان، وفي الضفة الغربية، وفقاً للبيت الأبيض.

وقال بايدن لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إنه "يدعم إقامة دولة فلسطينية"، وفق ما نقلت الصحيفة. 

وأشاد نشطاء مؤيدون للفلسطينيين بإطلاق سراح الأسرى ووقف القتال، لكنهم قالوا إن ذلك يظهر فائدة نهجهم المفضل المتمثل في وقف كامل لإطلاق النار.

والجمعة، واجه بايدن هتافات "فلسطين حرة"، خلال حضوره حفل إضاءة شجرة عيد الميلاد في نانتوكيت.

وقالت إيفا بورجواردت، المتحدثة الوطنية باسم جماعة (IfNotNow)، وهي جماعة يهودية تضغط من أجل وقف كامل للقتال: "ما يوضحه هذا هو ما يقوله أولئك الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار منذ أكثر من شهر، وهو أن الدبلوماسية والمفاوضات هي السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة".

على الجانب الآخر، أشار النائب الديمقراطي من نيويورك ريتشي توريس الذي دعم سياسة بايدن المؤيدة لإسرائيل، إلى أن صفقة الأسرى تمثل "رفضاً لوقف إطلاق النار غير المشروط الذي دعمه بعض زملائه".

وقال توريس: "لو دخلت إسرائيل في وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار، لما كان لديها نفوذ لتأمين إطلاق سراح الرهائن".

وأوضح أن الصفقة التي ساعد بايدن في التوسط فيها تحقق ثلاثة أهداف تتعلق بـ"إطلاق سراح بعض الأسرى الأكثر ضعفاً، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإبقاء إسرائيل مركزة على الهدف الأكبر المتمثل في القضاء على حماس".

تصنيفات

قصص قد تهمك