قالت مصادر لـ"الشرق"، الجمعة، إن مصر تسلمت بشكل رسمي رد إسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، والتي جرت بشأنها محادثات أخيراً في باريس، مشيرةً إلى أن تل أبيب رفضت مطالب حركة "حماس" بوقف إطلاق نار شامل، مقابل انسحاب الجيش من القطاع، لكنها أعربت عن استعدادها للانخراط في "مباحثات جادة" استناداً لمخرجات "باريس"، فيما تواجه مفاوضات القاهرة "غير المباشرة" بين الطرفين صعوبات في ظل غياب الوفد الإسرائيلي.
وأضافت المصادر أن إسرائيل رفضت أيضاً عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، إلا بعد ما وصفته بـ"تطهير المنطقة" من وجود حركة "حماس"، لافتةً إلى أن الوفد الإسرائيلي رفض الحضور إلى القاهرة، تعبيراً عن رفض شروط الحركة الفلسطينية.
وذكرت المصادر أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكدت استعدادها للانخراط في مباحثات "جادة" استناداً لمخرجات "محادثات باريس"، فيما أشارت المصادر إلى أن إسرائيل تخطط لعملية عسكرية في مدينة رفح جنوب القطاع لملاحقة عناصر من حركتي "حماس" و"الجهاد".
ولفتت المصادر إلى أن "وفد حماس في القاهرة كان قد أبدى مرونة في المفاوضات، واشترط وجود ضمانات لما يتم الاتفاق عليه".
مفاوضات القاهرة
وقال مصدر مسؤول في حركة "حماس" لـ"الشرق" الجمعة، إن وفد الحركة اختتم محادثاته مع الوسطاء المصريين والقطريين في القاهرة بشأن موقف الحركة من مقترح باريس. وذكر المصدر أن الوفد غادر القاهرة مساء الجمعة، في انتظار الرد الإسرائيلي.
وكشف مسؤولون في حركة "حماس" في وقت سابق الجمعة، أن مفاوضات تبادل الأسرى "غير المباشرة"، التي كانت مقررة في العاصمة المصرية القاهرة، لم تنطلق؛ لأن الوفد الإسرائيلي لم يصل، كما كان متفقاً عليه.
وقال مسؤول رفيع في حركة "حماس"، لـ"الشرق"، إن وفد الحركة برئاسة الدكتور خليل الحية، وصل إلى العاصمة المصرية الخميس، بعد تأكيدات بوصول الوفد الإسرائيلي في ذات الموعد، لكنه لم يصل حتى الآن.
"تكتيكات إسرائيلية للضغط"
وقال مسؤول آخر في "حماس" إن هناك شكوكاً لدى الحركة بأن نتنياهو "يراوغ لتحقيق أغراضه السياسية الخاصة". وأضاف: "هناك تفسير واحد لعدم وصول الوفد الإسرائيلي وهو أن نتنياهو، إما لا يريد التوصل إلى اتفاق، ويريد مواصلة الحرب، أو أنه يستخدم ذلك تكتيكاً للضغط على الحركة لخفض سقف مطالبها".
ومضى يقول: "وفي الحالتين نحن متمسكون بموقفنا، والوسطاء، بمن فيهم الجانب الأميركي، مقتنعون أن إسرائيل هي العائق وليس نحن".
وكانت الإدارة الأميركية أشارت إلى وجود إيجابية في رد حركة "حماس" على "اتفاقية الإطار" المقترحة من مصر وقطر برعاية الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. ورحبت مصر وقطر برد الحركة، واعتبرته أساساً صالحاً لإطلاق المفاوضات.
ولم يرفض نتنياهو "الاتفاق الإطاري" المقترح، لكنه أعلن عزمه مواصلة الحرب حتى تحقيق ما أسماه "النصر المطلق".
ويعتقد بعض المراقبين في إسرائيل أن نتنياهو لم يرفض الاتفاقية المقترحة علناً خشية إثارة غضب عائلات المخطوفين، ومن خلفهم الشارع الإسرائيلي والإدارة الأميركية والوسطاء، لكنه يضع العوائق لـ"تحقيق أغراض قد يكون أحدها مواصلة الحرب".
"انفتاح على التفاوض"
وقال مسؤول إسرائيلي كبير لموقع "والا" الإسرائيلي الجمعة، إن إسرائيل أبلغت مصر وقطر، رفضها العديد من مطالب الحركة التي تضمنها مقترحها لتبادل الأسرى، ولكنها أبدت عزمها الدخول في مفاوضات على أساس المقترح الأصلي الذي تم التوصل إليه في محادثات باريس.
وذكر المسؤول أن الرد الإسرائيلي حمل إشارات إلى الوسطاء بأنه رغم الرد العلني القاسي لنتنياهو الأربعاء، على مقترح الحركة، إلا أن إسرائيل لم تغلق الباب أمام مواصلة التفاوض بشأن صفقة تبادل الأسرى.
واجتمعت الحكومة الإسرائيلية لمدة 7 ساعات الخميس، لصياغة رد على مقترح "حماس" لإبلاغه للوسطاء، وقال المسؤول الإسرائيلي الكبير إن أعضاء من فريق التفاوض الإسرائيلي قدموا للوزراء رسالة أرادوا إبلاغها للوسطاء، بشأن الرد على مقترح حماس، وأن الوزراء وافقوا على تلك الرسالة.
مفاوضات باريس
ورعت الولايات المتحدة اجتماعاً في باريس قبل أسبوع بمشاركة وفود من كل من مصر وإسرائيل وقطر وفرنسا، وخرج الاجتماع بمبادرة نصت على إجراء تبادل أسرى بين إسرائيل و"حماس" خلال 3 مراحل يجري خلالها وقف إطلاق نار قد تصل مدته نحو 3 أشهر.
وشارك في الاجتماع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز و3 من رؤساء أجهزة الأمن الإسرائيلية ورئيس جهاز المخابرات المصرية ورئيس وزراء قطر.
وأعلنت "حماس" موقفها التفاوضي في ورقة مفصلة سلمتها للوسطين القطري والمصري، ووصلت نسخة منها إلى الجانب الإسرائيلي، يقوم جوهرها على وقف الحرب بصورة تامة، ورفع الحصار عن غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
واقترحت حركة "حماس"، خطة لوقف إطلاق النار من شأنها تهدئة القصف الذي يتعرض له قطاع غزة منذ أربعة أشهر ونصف الشهر، وتتضمن الإفراج عن جميع المحتجزين وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب.
وسلّمت "حماس"، الوسيطين القطري والمصري، تصورها للهدنة المحتملة في القطاع، والذي يقع في 3 صفحات، بينها تعديلات على ورقة "الاتفاق الإطاري"، التي قُدمت لها بعد اجتماع باريس، إضافة إلى ملحق خاص بالضمانات والمطالب الهادفة إلى "وقف العدوان وإزالة آثاره".
وبحسب مسودة رد "حماس"، التي اطلعت عليها "الشرق"، تقترح الحركة الفلسطينية اتفاقاً على ثلاثة مراحل، مدة كل مرحلة 45 يوماً؛ وتهدف المرحلة الأولى إلى الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال (دون سن 19 عاماً من غير المجندين)، والمسنين والمرضى، مقابل عدد محدد من السجناء الفلسطينيين، إضافة إلى تكثيف المساعدات الإنسانية، وإعادة تمركز القوات خارج المناطق المأهولة.