لعبت أنظمة صواريخ أرض-جو (SAM) منذ منتصف الخمسينيات دوراً مركزياً متزايداً في السماح للدول بحرمان الخصوم من القدرة على تشغيل الطائرات، أو شن ضربات صاروخية ضد المجال الجوي المحمي.
واعتمد خصوم الولايات المتحدة بشكل متزايد على مثل هذه الأنظمة للدفاع الجوي منذ تفكك الاتحاد السوفييتي، حيث تأخرت روسيا بعد هذه الحقبة في إنتاج الطيران القتالي التكتيكي، وتوقفت عن دعم العديد من أساطيل شركائها المقاتلة، وفق مجلة "Military Watch".
وكانت هناك تكهنات متزايدة منذ عام 2010 بأن أنظمة صواريخ "أرض-جو" يمكن استخدامها لاعتراض صواريخ الخصوم، وبالتالي إبطال قدراتها الدفاعية.
وظهرت تلك القدرة لأول مرة مع استخدام إسرائيل لنظام صواريخ "أرض-جو" من طراز "مقلاع داود David's Sling" لإسقاط الصواريخ بعيدة المدى S-200 التي أطلقتها سوريا، وبالتالي منعها من استهداف طائرات تل أبيب التي كانت تهاجم أهدافاً سورية.
وجسدت تلك الواقعة إمكانية استخدام أنظمة الدفاع الجوي لحماية الطائرات الحليفة من الدفاعات الجوية التابعة للخصوم.
المسرح الأوكراني
ونشرت روسيا مؤخراً أنظمة دفاع جوي، تهدف لإسقاط صواريخ من أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، خاصة منظومة MIM-104 Patriot أميركية الصنع.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان، قبل أيام، أنه بجانب إسقاط مقاتلة من طراز MIG-29، ومروحية من طراز Mi-8، و7 صواريخ كروز من طراز Storm Shadow/SCALP، والعديد من الطائرات المسيّرة، تم تدمير أيضاً صواريخ موجهة من بطارية Patriot، بواسطة الدفاعات الجوية الروسية.
وستكون قدرة أنظمة الدفاع الجوي الروسية على اعتراض صواريخ Patriot ذات "أهمية كبيرة"، بحسب "Military Watch".
وتحلّق صواريخ "أرض-جو" التي تطلقها بطاريات Patriot بسرعة 3.5 ماخ فقط (4321 كيلومتراً/الساعة)، في حين أن الصواريخ التي تطلقها الأنظمة الروسية مثل S-400 تطير بسرعات تتجاوز 14 ماخ (نحو 17290كيلومتراً/الساعة).
اعتراض صواريخ باتريوت
ومع إثبات أنظمة S-400 قدرتها على اعتراض صواريخ بسرعة 8 ماخ (نحو 9880 كيلومتراً/الساعة) في الماضي، ولأن مسارات الصواريخ أرض-جو بعيدة عن التعقيد والمناورة، فإن المعلومات الروسية "تبدو معقولة"، حسبما أشارت "Military Watch".
وقد تستفيد القوات الروسية من اعتراض صواريخ Patriot، إذ إن صواريخها تُكلف نحو نصف تكلفة صواريخ المنظومة الأميركية، بالإضافة إلى أن مخزونات موسكو من الصواريخ لأنظمة مثل S-400 حجمها أكبر من المتاحة لبطاريات Patriot.
واستثمرت وزارة الدفاع الروسية بشكل كبير في زيادة قدرتها الإنتاجية لصواريخ "أرض-جو" بعيدة المدى في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وافتتحت 3 منشآت جديدة كبيرة لإنتاج أنظمة S-400، وS-300V4.
ويُقدّر إنتاج هذه الصواريخ بأكثر من ضعف حجم إنتاج جميع أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) مجتمعين من صواريخ الدفاع الجوي.
وتعكس تلك الأرقام، اعتماد روسيا بشكل كبير جداً على أصول صواريخ "أرض-جو" للتعويض عن التمويل المحدود نسبياً لأسطولها المقاتل.
ويُنظر إلى أنظمة مثل S-400 على أنها توفر وسيلة غير متماثلة وفعالة من حيث التكلفة لمواجهة المزيد من أساطيل الطيران الغربية التي تستخدم الطائرات بأجهزة استشعار أكثر تطوراً وقدرات خفية.
وتُعتبر حماية الطائرات أو الصواريخ الصديقة من الدفاعات الجوية للعدو عن طريق إسقاط صواريخ "أرض-جو"، قدرة ذات آثار محتملة كبيرة مع استمرار دول الناتو وروسيا في توسيع عمليات نشر صواريخ "أرض-جو" بالقرب من الحدود بينهما.