اتفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، على أن يقوم الأخير بزيارة إلى فرنسا "مع نهاية سبتمبر وبداية أكتوبر"، وذلك بعد أشهر من إرجاءها بسبب خلافات على عدد من الملفات، منها "ملف الذاكرة" العالق منذ سنوات.
وقالت الرئاسة الفرنسية " الإليزيه" في بيان، إن هذه الزيارة التي سبق أن ارجئت مراراً، ستجري "في موعد يتم تحديده" خلال الفترة المذكورة.
وذكرت أن الرئيسين ناقشا خلال الاتصال الهاتفي "تعميق الشراكة المتجددة بين فرنسا والجزائر، إثر "إعلان الجزائر الذي تم التوصل إليه خلال زيارة ماكرون في أغسطس 2022".
وشددت على ضرورة أن تتم الشراكة المتجددة "على المستوى الاقتصادي والزراعي والتربوي والثقافي وفي مجال الطاقة، وكذلك على صعيد التنقل والتبادل البشري".
وأضافت: "بالنسبة إلى المسائل المتعلقة بالذاكرة، أشاد الرئيسان بالتقدم الأخير الذي أحرزته اللجنة المشتركة الفرنسية الجزائرية (والتي تضم) مؤرخين ويترأسها البروفسوران محمد لحسن زغيدي وبنجامان ستورا، والتي ستجتمع مجدداً في أبريل".
ويعد "ملف الذاكرة" من أبرز نقاط الخلافات بين البلدين، وهي قضية الأرشيف، فعند مغادرة الفرنسيين للجزائر في عام 1962، أخذوا معهم أطناناً من الأرشيف الجزائري، والذي يعود بعضه لحقب ما قبل الاستعمار الفرنسي في عام 1832.
وتصر الجزائر على استرجاع الأرشيف كاملاً، وهو ما رفضته الحكومات الفرنسية المتعاقبة، لكن ماكرون أقر في وقت سابق إمكانية الوصول "المحدود" لبعض الأرشيف.
الآفاق الاقتصادية
وأشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن ماكرون وتبون "تطرقا أيضاً إلى المسائل الإقليمية والتعاون في مجلس الأمن الدولي، وخصوصاً فيما يتصل بالنزاع في الشرق الأوسط".
من جهتها، قالت الرئاسة الجزائرية في بيان، إن ماكرون وتبون اتفقا على "الزيارة الرسمية" التي سيؤديها الأخير إلى فرنسا والتي "ستكون مع نهاية شهر سبتمبر وبداية أكتوبر، على أن يحدد تاريخها الرسمي لاحقاً".
ولفتت إلى أن الاتصال تطرق إلى "الآفاق الاقتصادية المشتركة التي تعود بالمنفعة على البلدين، ولاسيما الزراعة والطاقة والأتربة النادرة وصناعة السكك الحديد".
ملفات عالقة
وكانت هناك زيارة مقررة لتبون أولاً بداية مايو 2023، لكنها أرجئت إلى يونيو من العام نفسه، وذلك في ظل خشية الجزائريين من أن تؤثر فيها سلباً تظاهرات الأول من مايو، احتجاجاً على إصلاح قانون التقاعد في فرنسا، بحسب مصادر متطابقة.
ومذاك، لم يؤكد الرئيس الجزائري مجيئه، الذي يهدف إلى ترسيخ تحسن العلاقات بين البلدين، بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية.
وفي المقابل، قام تبون بزيارة دولة لروسيا لم تنظر إليها باريس بارتياح، في حين توجه وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في نوفمبر الماضي، إلى الجزائر حيث استقبله تبون.
وفي ديسمبر الماضي، أكدت الجزائر أن ظروف الزيارة الرئاسية "لا تزال غير متوافرة"، مشددةً على "وجوب معالجة 5 ملفات قبل إتمامها".
وأوضحت أن الملفات الخمسة هي "قضية الذاكرة" و"التنقل" و"التعاون الاقتصادي"، و"التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية" و"إعادة متعلقات رمزية للأمير عبد القادر"، في إشارة إلى مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، والذي كان أسير حرب في فرنسا خلال القرن التاسع عشر.
وتطالب الجزائر باستعادة "سيف وبرنس" الأمير عبد القادر من بين الشروط التي وضعتها لقيام تبون بزيارة إلى فرنسا، بحسب وكالة "فرانس برس" التي قالت إن جان لوك مارتينيز، المدير السابق لمتحف اللوفر كتب في تقرير عام 2021، إن "الأملاك المعنية (البرنس والسيف) حصلت عليها الدولة الفرنسية بصورة قانونية من خلال هبة من عائلة عبد القادر".
ومن الملفات العالقة قضية التجارب النووية، إذ أجرت فرنسا 17 تجربة نووية في الصحراء الجزائرية في الفترة ما بين 1960 و1966، فيما كشفت وثائق رفعت عنها السرية عام 2013 عن تأثيرات إشعاعية كبيرة تمتد من غرب إفريقيا إلى جنوب أوروبا.