أطلقت إيران، الأحد، أكثر من 300 مسيرة وصاروخ باتجاه إسرائيل، في أول هجوم مباشر من هذا النوع تشنه طهران ضد تل أبيب، بعد حوالي أسبوعين على قصف إسرائيلي للقنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق أسفر عن سقوط عدد من قيادات الحرس الثوري الإيراني.
وأفاد الجيش الإسرائيلي، في بيان، بأن إيران أطلقت أكثر من 300 مسيرة وصاروخ باتجاه إسرائيل، فضلاً عن إطلاق أكثر من 55 صاروخاً من لبنان خلال الساعات الماضية، معلناً اعتراض 99% منها بواسطة نظام الدفاع الجوي.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة إكس: "اعترضنا 99% من التهديدات نحو الأراضي الإسرائيلية.. هذا إنجاز استراتيجي مهم جداً"، مشيراً إلى أن إيران استخدمت صواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة.
وأضاف أدرعي: "التهديد الإيراني واجه التفوق الجوي والتكنولوجي لجيش الدفاع (الإسرائيلي) بمشاركة تحالف قتالي قوي تمكن من اعتراض الأغلبية الساحقة من التهديدات".
وقال المتحدث إنه من أصل نحو 170 طائرة مُسيرة أطلقتها إيران "لم تخترق، ولو واحدة منها، دولة إسرائيل، حيث اعترضت طائرات حربية لسلاح الجو وأنظمة الدفاع الجوي التابعة لنا ولحلفائنا عشرات منها".
وأضاف أدرعي: "من أصل أكثر من 30 صاروخ كروز أطلقتها إيران، لم يخترق أي صاروخ الأراضي الإسرائيلية.. لقد اعترضت طائراتنا الحربية 25 صاروخاً خارج حدود الدولة".
وأردف: "من أصل أكثر من 120 صاروخاً باليستياً (أطلقتها إيران)، اخترق عدد ضئيل جداً الحدود الإسرائيلية، بينما تم اعتراض باقي الصواريخ.. هذا العدد الضئيل سقط في قاعدة لسلاح الجو في نفاطيم وألحقت أضراراً طفيفة بالبنية التحتية"، مؤكداً أن "القاعدة تواصل عملها ومهامها".
وأفادت خدمات الطوارئ الإسرائيلية بأنها اهتمت بـ31 جريحاً إصاباتهم طفيفة و"تبدو عليهم أعراض قلق أو إصابات ناجمة عن بحثهم عن مأوى".
المجال الجوي الإسرائيلي
وأعادت إسرائيل فتح مجالها الجوي اعتباراً من الساعة 04,30 بتوقيت جرينيتش، الأحد، بعد إغلاقه تزامناً مع الهجوم الذي شنّته إيران، وفق هيئة المطارات المحلية.
وأوضحت في بيان: "اعتباراً من الساعة 07,30 صباحاً، أعيد فتح المجال الجوي الإسرائيلي ومطار بن جوريون يستأنف عمله"، مشيرة إلى أن المطارات المخصصة للرحلات الداخلية ستستأنف عملها تباعاً خلال اليوم.
وكانت السلطات أغلقت المجال الجوي اعتباراً من الساعة 00,30 بعد منتصف الليل (21,30 بتوقيت جرينتش السبت).
"الوعد الصادق"
وشنت إيران، ليل السبت الأحد، هجوماً ضد إسرائيل بعشرات الطائرات المُسيرة والصواريخ انطلاقاً من أراضيها، لكن لم ترد أي أنباء عن سقوط ضحايا في إسرائيل جراء أول هجوم إيراني مباشر عليها.
واستمر الهجوم الإيراني 5 ساعات، وأطلقت عليه طهران اسم "الوعد الصادق"، فيما قال رئيس هيئة الأركان العامة بالجيش الإيراني محمد باقري، الأحد، إن العملية العسكرية "كانت تحذيرية فقط".
وقال، في تصريحات نقلتها قناة "العالم" الإيرانية إن الضربة لم تستهدف أي مواقع اقتصادية، وإن جميع أنظمة الدفاع الجوي ستدخل العمل "إذا كانت هناك حاجة لذلك".
من جانبه، قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي إن صواريخ كروز التي أطلقتها بلاده تمكنت من عبور الدفاع الدقيق والحماية المعقدة التي قامت بها إسرائيل بمساعدة أميركا في المجال الجوي العراقي والأردني وحتى سوريا.
وأضاف: "حتى اللحظة لا نملك معلومات دقيقة عن نتائج عمليات ليلة أمس، لكن لدينا معلومات بأنها تمت بنجاح وحققت أهدافها بدقة".
وتابع قائلاً: "قمنا بعمليات محدودة بحجم ووزن معين لتحذير إسرائيل، وكان يمكن أن تكون عملية موسعة".
وأضاف قائد الحرس الثوري: "اتخذنا معادلة جديدة مع إسرائيل، وهي الرد على أي اعتداء من جهتها من الأراضي الإيرانية مباشرة".
وكانت بعثة إيران في الأمم المتحدة أعلنت أن هذا العمل العسكري يستند إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن "الدفاع المشروع"، رداً على هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق.
وقالت البعثة الإيرانية، بحسب وكالة "إرنا" الإيرانية للأنباء، إنه "يمكن اعتبار الأمر بانه بلغ نتيجته"، وأضافت: "لكن إذا ارتكب الكيان الإسرائيلي خطأ آخر، فإن رد إيران سيكون أشد بكثير".
وتابعت بعثة إيران في الأمم المتحدة: "هذا صراع بين إيران والكيان الإسرائيلي المارق، ويجب على أميركا أن تبتعد عنه".
الحرس الثوري يحذر
ورغم عدم وجود أي بيانات عن وقوع خسائر أو أضرار جراء الهجوم الإيراني على إسرائيل، قال الحرس الثوري الإيراني، في بيان، إن الهجوم أسفر عن تدمير أهداف عسكرية مهمة للجيش الإسرائيلي، وحذر الإدارة الأميركية من أي دعم ومشاركة في استهداف مصالح إيران.
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني إنه "وفقاً للمعلومات الواردة، فإن نصف الصواريخ التي أُطلِقت قد أصابت هدفها بنجاح".
وكانت وكالة الأنباء الإيرانيّة الرسمية "إرنا" زعمت أن أكبر قاعدة جوية في النقب بجنوب إسرائيل تعرضت "لأضرار جسيمة" بعدما أصابتها صواريخ إيرانية.
وحذر الحرس الثوري الإيراني، في بيان يحمل الرقم 2 واستهله بعبارة "بسم الله قاصم الجبارين"، بحسب وكالة "إرنا"، من أن أي تهديد من قبل أميركا وإسرائيل، انطلاقاً من أي دولة، سيواجه برد مضاد من إيران على مصدر التهديد.
وجاء في البيان: "بعد أكثر من 10 أيام من صمت وتجاهل المنظمات الدولية، وخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لإدانة عدوان وإجرام الكيان الصهيوني في مهاجمة القسم القنصلي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق كجزء من أراضي البلاد واستشهاد 7 من المستشارين القانونيين للبلاد وعدم معاقبة الكيان المجرم بموجب الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة؛ لذلك فإنه رداً على هذه الجرائم وتنفيذاً للتحذيرات السابقة وتأميناً لمطالب إيران المحقة ومن أجل معاقبة المعتدي، قام أبطال الحرس الثوري باستخدام قدراتهم الاستخباراتية والصاروخية والمسيرة الاستراتيجية بمهاجمة الأهداف العسكرية الهامة للجيش الإرهابي الصهيوني في الأراضي المحتلة وضربها وتدميرها بنجاح".
الدور الأميركي
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن قوات بلاده ساعدت على إسقاط "كل المسيرات والصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل تقريباً"، مضيفاً أنه أكد مجدداً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعم الأميركي "الثابت" لإسرائيل.
وذكر بايدن، في بيان، أنه سيدعو قادة مجموعة السبع، الأحد، إلى تنسيق "رد دبلوماسي موحد" على الهجوم الإيراني الذي وصفه بـ"الوقح"، مضيفاً "شنت إيران ووكلاؤها الذين يعملون انطلاقاً من اليمن وسوريا والعراق، هجوماً جوياً غير مسبوق ضد منشآت عسكرية في إسرائيل، إنني أدين هذه الهجمات بأشد العبارات الممكنة".
وقال مسؤولون أميركيون لشبكة CNN الإخبارية إن القوات الأميركية اعترضت أكثر من 70 طائرة مسيرة هجومية أحادية الاتجاه، و3 صواريخ باليستية على الأقل خلال الهجوم الإيراني على إسرائيل.
وشاركت السفن الحربية الأميركية المتواجدة بالبحر الأبيض المتوسط في عملية اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية، بحسب مسؤول أميركي.
وأشارت الشبكة الأميركية إلى تواجد مدمرتين تابعتين للبحرية الأميركي في المنطقة، مشيرةً إلى أنهما قادرتان على تدمير الصواريخ الموجهة واعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة.
وأصدرت العديد من الدول بيانات تندد بالهجوم الإسرائيلي على إيران، فيما طالبت دول أخرى بوقف التصعيد خوفاً من انزلاق منطقة الشرق الأوسط نحو حرب واسعة وشاملة.