أعلنت ألمانيا، توقيف 4 من مواطنيها يشتبه في تجسسهم لصالح الصين، 3 منهم نقلوا معلومات حساسة وبيانات بحرية وأشعة ليزر عالية الطاقة لبكين، فيما نفت الأخيرة كل المزاعم منددة بـ"افتراء" بحقها.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وانج ونبين، إن "نظرية التهديد بتجسس صيني مزعوم ليست أمراً جديداً لدى الرأي العام الأوروبي"، مديناً "افتراء" هدفه "القضاء على جو التعاون بين الصين وأوروبا".
وفي وقت سابق، الثلاثاء، أعلن الادعاء في برلين، توقيف مساعد لنائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة "التجسس لصالح الصين"، إذ أوضح المدعون الفيدراليون أن الشخص الذي تم تقديمه باسم يان جي، متهم بالتجسس على معارضين صينيين في ألمانيا وتقديم معلومات عن البرلمان الأوروبي إلى الاستخبارات الصينية.
وأضاف الادعاء، أن المتهم هو "مساعد للنائب ماكسيميليان كراه، أبرز مرشحي حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف للانتخابات القارية في يونيو المقبل.
وفي سياق متصل، قال ممثلو الادعاء، إن المواطنين الثلاثة الآخرين يعتقد أنهم جمعوا بيانات بحرية حساسة وحصلوا على ليزر عالي الطاقة نيابة عن أجهزة الأمن الصينية، تم اعتقالهم، الاثنين، ما يسلط الضوء على الطبيعة الهشة للعلاقة بين البلدين. وفق ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز".
وأضافوا أن "رجلاً يُدعى توماس ر، قام بإشراك اثنين آخرين يعتقد أنهما زوجان تم تعريفهما باسم هيرويج، وإينا إف، يديران شركة هندسية، لعب دور العميل لصالح وزارة أمن الدولة الصينية".
بدورها، اعتبرت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، الاتهامات بتجسس الصين على مجلس النواب الأوروبي "خطرة للغاية"، قائلة إنه "حال ثبت أن أجهزة الاستخبارات الصينية تجسست على البرلمان الأوروبي من الداخل، سيكون هذا اعتداء على الديمقراطية الأوروبية".
وحول المشتبه بهم الثلاثة الآخرين، قالت فيزر: "نحن ندرك الخطر الكبير الذي يشكله التجسس الصيني على الأعمال والصناعة والعلوم. ننظر عن كثب إلى هذه المخاطر والتهديدات وأصدرنا تحذيرات واضحة ورفعنا مستوى الوعي حتى يتم زيادة إجراءات الحماية في كل مكان".
وقال وزير العدل الألماني، ماركو بوشمان: "إن أي شخص يعمل لدى أجهزة استخبارات أجنبية في ألمانيا ويصدر بشكل غير قانوني مواد يحتمل أن تكون مفيدة عسكرياً يجب أن يتوقع رداً قاسياً من دولتنا الدستورية".
وجاءت الاعتقالات في وقت قامت فيه الشرطة بتفتيش منازل وأماكن عمل المشتبه بهم الثلاثة في دوسلدورف وباد هامبورج في الجزء الغربي من البلاد.
العمل لصالح الصين
ووفقاً للسلطات، فقد استخدم هيرويج وإينا إف، شركتهما، التي عملت سابقاً في مشاريع في الصين، لإقامة شراكة بحثية رسمية مع جامعة بحثية ألمانية لم تحدد هويتها.
وتحت ستار العمل لدى شريك تجاري شرعي، قالت السلطات، إنها الشركة هي واجهة لوزارة أمن الدولة الصينية، إذ قام الزوجان بإجراء دراسة تبحث في حالة التطورات الحديثة لبعض أجزاء الآلات التي تعتبر حاسمة في تطوير التكنولوجيا العالية الجودة، مثل محركات السفن التي تعمل بالطاقة، المستخدمة في السفن البحرية.
كما استخدم الزوجان، شركتهما لشراء جهاز ليزر مزدوج الاستخدام عالي الطاقة، وقاما بتصديره إلى الصين دون تصريح التصدير المطلوب.
وقال المدعي الفيدرالي الألماني، إنه عندما تم القبض على المشتبه بهم الثلاثة، كانوا يعملون في مشروعات بحثية جديدة من شأنها أن تفيد البحرية الصينية، موضحاً أن المجموعة كانت تعمل لصالح الصين منذ يونيو 2022 على الأقل.
اعتقالات في لندن
وتأتي هذه الاعتقالات في وقت حرج بالنسبة للحكومة الألمانية، فقد أمضى المستشار أولاف شولتز مؤخراً ثلاثة أيام في الصين، حيث وقعت الدولتان العديد من الاتفاقيات التجارية الثنائية، لكن ألمانيا أيضاً يقظة في مواجهة التهديد الذي تشكله الصين.
وبشكل منفصل، قالت السلطات البريطانية في بيان، الاثنين، إن رجلين اتُهما بـ"انتهاك قانون الأسرار الرسمية"، بعد تبادل معلومات مع الصين قد تكون "مفيدة للعدو".
وقالت شرطة العاصمة لندن، إن "الرجلين هما كريستوفر بيري، 32 عاماً، وكريستوفر كاش، 29 عاماً، من لندن، إذ تم القبض على كاش، وهو باحث برلماني له صلات بحزب المحافظين الحاكم، العام الماضي، للاشتباه في عمله لصالح الحكومة الصينية".
وقال بيان الشرطة: "كان هذا تحقيقاً معقداً للغاية في مزاعم خطيرة للغاية"، مضيفاً أنه تم إطلاق سراح الرجلين بكفالة للمثول أمام محكمة وستمنستر، الجمعة"، فيما لم يشر المسؤولون إلى أن الحالتين الألمانية والبريطانية مرتبطتان ببعضهما البعض.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن التهديد الذي تتعرض له ألمانيا، أصبح واضحاً الأسبوع الماضي، عندما أكدت شركة "فولكس فاجن" أن قراصنة إلكترونيين صينيين، في حادثة منفصلة، سرقوا ما يقدر بنحو 19 ألف وثيقة حساسة من شركة صناعة السيارات على مدى أربع سنوات، بدءاً من عام 2010.
وقد تم بيع ما يقرب من 97 مليار يورو، أو حوالي 103 مليارات دولار، من المنتجات الألمانية في الصين العام الماضي، ما يجعلها رابع أكبر سوق للصادرات الألمانية وسوق ذات أهمية خاصة لقطاع السيارات القوي.
ويحذر الخبراء بشكل متزايد من الممارسات التجارية العدوانية للصين، إذ أصدرت الحكومة الألمانية العام الماضي ورقة استراتيجية وطنية تركز على الصين، ووصفت الشريك التجاري بأنه "منافس نظامي".