اعتبرت الرئاسة الأوكرانية، الجمعة، أن "إجازة البيت الأبيض لكييف استخدام أسلحة أميركية في ضرب أهداف داخل روسيا"، ستعزز "بشكل بالغ" قدراتها الدفاعية في مواجهة هجمات موسكو، فيما أعلنت برلين منح كييف الضوء الأخضر لاستخدام أسلحتها داخل الأراضي الروسية.
وقال الناطق باسم الرئاسة الأوكرانية سيرجي نيكيفوروف في تصريحات صحافية: "سيعزّز القرار الأميركي بشكل بالغ قدرتنا على مواجهة المحاولات الروسية للحشد على طرفي الحدود".
بدوره، أعلن الناطق باسم المستشار الألماني شتيفن هيبستريت، أن كييف لديها "الحق بالدفاع عن نفسها بموجب القانون الدولي ضد الهجمات من مناطق داخل روسيا قرب الحدود مع أوكرانيا. لهذه الغاية، يمكنها استخدام الأسلحة التي زُودت بها لهذا الغرض، بما في ذلك الأسلحة التي زودناها نحن بها".
يأتي ذلك في وقت أكد مسؤول أميركي لـ "الشرق"، أن إدارة الرئيس جو بايدن "لم تجر أي تغيير على سياستها بشأن استخدام الصواريخ طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا".
وقال المسؤول: "أذنت الإدارة الأميركية مؤخراً لأوكرانيا باستخدام الأسلحة التي توفرها لأغراض التصدي للهجمات الروسية في منطقة خاركيف"، مضيفاً أن "بإمكان أوكرانيا استهداف القوات الروسية التي تهاجمها أو التي تستعد لمهاجمتها"، وذكر أن "سياسة واشنطن فيما يتعلق بحظر استخدام صواريخ ATACMS أو الضربات بعيدة المدى داخل روسيا لم تتغير".
في المقابل، قال الناطق باسم الكرملين، الجمعة، إن الأسلحة الأميركية "تُستخدم بالفعل من قبل القوات الأوكرانية لاستهداف روسيا".
وأضاف ديمتري بيسكوف: "نعلم بشكل عام أن الأسلحة الأميركية تُستخدم بالفعل لمحاولة توجيه ضربات إلى الأراضي الروسية. هذا دليل بالغ على مدى تورط الولايات المتحدة في هذا الصراع".
إذن أميركي "سري" لأوكرانيا
وفي وقت سابق، أفادت مجلة "بوليتيكو"، نقلاً عن مصادر قولها، إن إدارة بايدن أذنت لأوكرانيا "سراً" باستخدام أسلحتها في شن ضربات داخل روسيا، بالقرب من منطقة خاركيف.
وقال مسؤول أميركي للمجلة، إن الإذن الأميركي "يسمح باستخدام الأسلحة الأميركية لأغراض التصدي لنيران روسية في خاركيف، حتى تتمكن أوكرانيا من الرد والدفاع عن نفسها"، مضيفاً أن سياسة عدم السماح بتوجيه ضربات بعيدة المدى داخل روسيا "لم تتغير".
وأضاف أن أوكرانيا "طلبت من الولايات المتحدة إجراء تغيير في السياسة فقط، بعد بدء الهجوم الروسي على خاركيف هذا الشهر".
بدوره، قال مسؤول أميركي ثان إن الولايات المتحدة "اتخذت في الأيام القليلة الماضية قراراً مرناً يسمح لأوكرانيا بالدفاع عن نفسها من الهجمات على الحدود بالقرب من خاركيف".
وأضاف: "في الواقع، يمكن لأوكرانيا الآن استخدام الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة، مثل الصواريخ وقاذفات الصواريخ، لإسقاط الصواريخ الروسية المطلقة المتجهة نحو خاركيف، ضد القوات المحتشدة على الحدود الروسية بالقرب من المدينة، أو القاذفات الروسية التي تطلق قنابل باتجاه الأراضي الأوكرانية".
لكنه لفت إلى "عدم إمكانية أوكرانيا استخدام تلك الأسلحة لضرب البنية التحتية المدنية أو إطلاق صواريخ بعيدة المدى، مثل نظام الصواريخ التكتيكية التابع للجيش، لضرب أهداف عسكرية في عمق روسيا".
وتابع المسؤول الأميركي: "إنه تحول مذهل، إذ قالت الإدارة في البداية إنه سيؤدي إلى تصعيد الحرب من خلال إشراك الولايات المتحدة بشكل مباشر في القتال، لكن الظروف المتدهورة بالنسبة لأوكرانيا في ساحة المعركة، وعلى وجه التحديد التقدم الذي أحرزته روسيا في خاركيف، دفعت الرئيس إلى تغيير رأيه".
سياسة واشنطن
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ألمح الأربعاء، إلى أن بايدن "قد يغير مساره، ويسمح بمثل هذه الضربات، وأن سياسة واشنطن تجاه أوكرانيا ستتطور حسب الحاجة"، فيما لم يستبعد منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، جون كيربي، حدوث تغيير محتمل.
وجاءت هذه الرسائل، بعد أن قال كبار حلفاء الولايات المتحدة، مثل بريطانيا وفرنسا، إن أوكرانيا يجب أن يكون لها الحق في الهجوم داخل روسيا باستخدام الأسلحة الغربية.
كما أيّد مشرّعون من كلا الحزبين هذه الخطوة، في حين أطلع كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين الكونجرس خلف أبواب مغلقة على أن تخفيف القيود له "قيمة عسكرية"، وفق "بوليتيكو".
ويشعر بعض المسؤولين بالقلق من أن أوكرانيا، عندما تهاجم داخل روسيا باستخدام طائراتها المسيرة، تكون قد ضربت أهدافاً عسكرية لا علاقة لها بالغزو الروسي، لذلك أوصلت الولايات المتحدة رسالة مفادها أن "كييف يجب أن تستخدم أسلحتها فقط لضرب المواقع العسكرية الروسية المستخدمة في نطاق الغزو بشكل مباشر، وليس البنية التحتية المدنية".
وضغط المسؤولون الأوكرانيون، بدءاً من الرئيس فولوديمير زيلينسكي وما دونه، على إدارة بايدن لتغيير سياستها منذ أن شنت روسيا هجومها على خاركيف، إذ قالوا لأسابيع إن عدم القدرة على مهاجمة مواقع القوات الروسية عبر الحدود أدى إلى "تعقيد دفاع أوكرانيا عن خاركيف والبلاد بشكل عام".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذّر من خطر اندلاع صراع عالمي، إذا سمح حلفاء كييف الغربيون لها باستخدام الأسلحة التي يزودونها بها لضرب الداخل الروسي، وهو الأمر الذي تحض الحكومة الأوكرانية شركاءها على السماح به.
سيطرة روسية على 880 كيلومتراً مربعاً
ميدانياً، أعلن وزير الدفاع الروسي أندري بيلوسوف، الجمعة، السيطرة على 880 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الأوكرانية منذ بداية العام 2024.
وقال بيلوسوف إن "التقدم يتحقق في كل الاتجاهات التكتيكية. بالإجمال، وقعت 880 كيلومتراً مربعاً من الأراضي تحت سيطرة الجيش الروسي خلال هذا العام"، وفق ما نقلت عنه وكالات أنباء روسية.
وأضاف: "أرغمت روسيا القوات الأوكرانية على التراجع مسافة 8 إلى 9 كيلومترات داخل منطقة خاركيف (شمال شرق) إثر هجوم بري مفاجئ عبر الحدود في 10 مايو الجاري. بفضل شجاعة واحترافية جنودنا، تم تحرير 28 قرية هذا الشهر".
وتعلن موسكو منذ أشهر السيطرة على قرى وبلدات، خصوصاً في شرق أوكرانيا وشمالها الشرقي، حيث بدأت في 10 مايو هجوماً برياً في خاركيف، ما دفع القوات الأوكرانية لإرسال تعزيزات إلى المنطقة، إذ يهدّد ذلك بخسارتها مناطق أخرى على الجبهة.
ويعاني الجيش الأوكراني من نقص في العديد والذخيرة، علماً بأن واشنطن أقرت الشهر الماضي مساعدة جديدة لكييف بقيمة 61 مليار دولار بعد أشهر من التجاذبات في الكونجرس الأميركي.