رحيل عالم الاجتماع آلان تورين منظّر ديناميات التغيير

time reading iconدقائق القراءة - 4
عالم الاجتماع الفرنسي الراحل آلان توران. 17 ديسمبر 2020 -  AFP
عالم الاجتماع الفرنسي الراحل آلان توران. 17 ديسمبر 2020 - AFP
دبي-الشرق

فقدت فرنسا والساحة الفكرية العالمية، أحد أبرز علماء الاجتماع المعاصرين، المفكر اليساري والمنظّر الثوري آلان تورين، الذي رحل عن 97 عاماً، بعد مسيرةٍ حافلة من العمل على ديناميات التغيير الاجتماعي، والتطوير السوسيولوجي في المجتمعات الحديثة.

اتسمت مسيرة تورين بالرفض السياسي للعقلية الاقتصادية التي باتت تحكم العالم، وبالفعل الاحتجاجي ضدّ الحروب الاستعمارية التي خاضتها بلاده، وبتحرير المجتمعات النامية من الهيمنة البرجوازية.

وعمل تورين على تطوير سوسيولوجيا التنمية، التي تعني سوسيولوجيا الانتقال من مجتمع لآخر، وأكد أن "علم الاجتماع الغربي ليس فعّالاً في دراسة مجتمعات العالم الثالث"، معتبراً أن "السوسيولوجيا في العالم الثالث هي أعقد بكثير".

اشتهر بنقده للمثقفين والسوسيولوجيين الذين ساهموا في فرض سيطرة الفكر على الفاعلين، من دون مساعدتهم على مقاومة النظم.

وقال في مقابلة عام 2016: "لماذا نكون نحن علماء اجتماع إذا لم يكن مـن أجل مساعدة المجتمعات على الفعل، على صنع تاريخها، بدلاً مـن أن ننساق إلى الاغتراب والخضوع واللاوعي".

وصية فكرية

دعا تورين في وصيته الفكرية "دفاعاً عن الحداثة" (2018)، إلى إعادة وضع الإنساني في مركز الاهتمام، في ظل اضطراب المعايير والمرجعيات، وأعلن في كتابه "نهاية المجتمعات" عن نهاية الاجتماعي، أو المجتمع ما بعد الصناعي، أو ما يسميه هو بالمجتمع المُبرمج.

ونعى الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدجار موران، تورين قائلاً: "أنا حزين على آلان تورين، رفيق عمر 70 عاماً، عالم اجتماع عظيم ومتبصّر خبير بالحركات الاجتماعية، أدخل الذاتية البشرية في علم تجاهلها. كان عقلاً نبيلاً ومخلصاً وعظيماً، وفخراً للفكر الفرنسي".

ولد آلان تورين في 3 أغسطس 1925 في فرنسا لعائلة برجوازية ومحافظة، حصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع تحت إشراف جورج فريدمان عام 1955، وأسس مجلة "Sociologie du travail" أو "سوسيولوجيا العمل" عام 1959.

انشغل في بداياته بسوسيولوجيا العالم الصناعي واستغلال العمّال والكادحين، وكتب "الكلام والدم" (1988)، ثم "تطوّر العمل في المصانع" و "الوعي العمّالي" (1966)، و"المجتمع ما بعد الصناعي: ولادة مجتمع" (1969)، و"عمّال جاؤوا من خلفية زراعية" (1961)، وذلك بالاشتراك مع أورييتا راجاتسي.

في السبعينيات انتقل إلى مرحلة التأسيس لعلم اجتماع مختلف من خلال "من أجل علم الاجتماع" (1974)، و"المجتمع اللامرئيّ" (1974)، "إنتاج المجتمع" (1973) و"المجتمعات الاعتمادية" (1976)، و"الجامعة والمجتمع في الولايات المتّحدة".

"نهاية المجتمعات"

شخّص تورين المجتمع المعاصر في كتابه البارز "نهاية المجتمعات" (2013)، الذي حلّل فيه نهاية شكل من أشكال الاجتماع البشري، مع تراجع دور العائلة والمدينة وأدوات الإنتاج الكلاسيكية، ما أدى إلى  "مرحلة ما بعد اجتماعية، تتميّز بمطالب أخلاقية وأخرى متعلّقة بالحقوق القانونية والإنسانية".

في كتابه "ما هي الديموقراطية"، حذّر من أن الديموقراطية "سهلة الانعطاب، خصوصاً عندما يشوبها خلل جذري، نتيجة حضور اللاتسامح الديني أو الطائفي أو القومي، لذلك فهي لا تتأسس على القوانين الصارمة فقط، ولا على التعاقدات التوافقية، بل ببناء ثقافة ديموقراطية سياسية".

اشتهر بمقولته التي تدلّ على عمق التفكير الاجتماعي: "عندما تكون لدينا مقولة نودّ قولها كعلماء اجتماع، فإن هذا قد يأخذ منّا ثلاثين عاماً".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات