عبد الرحمن العاصم لـ"الشرق": بيوت الثقافة هي المكتبات الجديدة

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس التنفيذي لهيئة المكتبات في المملكة  الدكتور عبد الرحمن العاصم - @MOCLibraries
الرئيس التنفيذي لهيئة المكتبات في المملكة الدكتور عبد الرحمن العاصم - @MOCLibraries
الرياض-حسن رحماني

للمكتبات حضور فاعل في السعودية، منذ بزوغ فجرها وحتى وصولها إلى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز.

واستكمالاً لدورها المؤثّر طوال العقود الماضية، تأتي هيئة المكتبات التابعة لوزارة الثقافة السعودية، كي تكمل المسيرة، وتعيد صياغة التجربة بمعطيات حديثة.

ترتكز الهيئة على استراتيجيات واضحة، تسعى من خلالها إلى تنمية قطاع المكتبات، ورفع مستوى الوعي المعلوماتي، وتطوير الكفاءة الإدارية والتشغيلية، وتوفير الفرص الاستثمارية. 

 عن دور المكتبات الجديد في المملكة، يحدّثنا الرئيس التنفيذي لهيئة المكتبات، الدكتور عبد الرحمن العاصم، في لقاء خاص مع "الشرق".

قال وزير الثقافة قبل ثلاث سنوات إن المكتبات في المملكة لا تزال دون المأمول، فما المأمول برأيكم؟

 أشير بداية إلى أن وجود المكتبات في المملكة، يعود إلى عهد الموحّد الملك عبد العزيز (رحمه الله)، بسبب اهتمامه بالعلم والعلماء. وبناء عليه، تم إنشاء مكتبات عدّة، من بينها المكتبات البرلمانية، والمكتبات الوقفية، والمكتبات العامّة، وحتى المكتبات الجامعية، وكان لها وجود ضمن الخطط الخمسية للمملكة، وتحديداً المكتبات العامّة.

وبالعودة إلى المأمول، فإن هيئة المكتبات التابعة لوزارة الثقافة، تتولى عدداً من المهام، تشمل تنظيم قطاع المكتبات وتطويره، وتشجيع الاستثمار فيه، وتأصيل العادات القرائية، وتعزيز مكانة المملكة من خلال بناء العلاقات والشراكات مع دول أخرى.

وحين نتحدث عن المأمول، فنحن نتحدث عن الخدمات الإلكترونية المتزامنة مع الخدمات التقليدية، وعن بيئة مكتبية جاذبة لجهة الموقع والإضاءة والتهوئة، وغيرها من عناصر الاستدامة. 

هناك من يعتبر المكتبات رفوفاً وحسب فما هو دورها المحوري؟

 هيئة المكتبات مسؤولة عن النهوض بهذا القطاع بمختلف مكوّناته، نتحدث عن المكتبات العامة، المكتبات المدرسية، المكتبات الجامعية، المكتبات الخاصة، والمكتبات المتخصصة.

لنأخذ مثالاً واحداً على مهام هيئة المكتبات، وهي المحافظة على التراث المخطوط. في  السعودية يوجد أكثر من 130,000 مخطوط، كذلك نعمل بجدّ على تطوير البيئات الثقافية المتمثلة في بيوت الثقافة، ودورها في تعميم المعرفة وزيادة الوعي. 

 لماذا أغلقت الهيئة 84 مكتبة عامة في المملكة قبل سنتين وما هي البدائل؟

 صحيح أننا أغلقنا 84 مكتبة، لكن 50% منها كانت عبارة عن مبانٍ مستأجرة، وبالتالي لا يمكن الاستثمار في شيء لا تملكه أو تستطيع إعادة تأهيله، فضلاً عن  إعادة التفكير بموقعها، وإذا ما كانت تخدم الأهداف المطلوبة أو لا.

بالنسبة للنصف الآخر من المكتبات، فهي مملوكة من قِبل وزارة الثقافة، وهناك أسباب عدّة لإغلاقها أبرزها، افتقادها إلى وسائل السلامة وأنظمة مكافحة الحرائق وغيرها، وعدم توفّر البيئة الجاذبة للقرّاء، ببساطة فإن خطة الإغلاق هي جزء من مخطط أشمل لإعادة افتتاح المكتبات بالمفهوم العصري والحديث.

 المكتبات الخاصة تمثّل ثروات معرفية كبيرة فما هو موقف الهيئة منها؟

نحن نعمل على مشروع يتعلق بالمكتبات الخاصة، سنطلقه قريباً مع إطلاق المنصّة الرقمية لهيئة المكتبات، وهي "منصّة رفوف". هناك الكثير من أصحاب المكتبات الخاصة يرغبون في التنازل عنها، وهنا يأتي دور هيئة المكتبات في المحافظة عليها وإعادة تأهيلها.

تقدّم "منصّة رفوف" خدمة إعادة تداول الكتب وأوعية المعلومات بشكل عام، وهي عبارة عن نظام إلكتروني يتيح لأي شخص إضافة الكتب التي لا يحتاجها، من خلال إيصالها إلى المكاتب المعتمدة، أو تسليمها لمندوب الهيئة، كذلك تتيح المنصّة إيصال الكتب إلى طالبيها بشكل مجّاني. 

 اختفت المكتبات المدرسية تماماً في الفترة الأخيرة، هل هناك توجّه لإحيائها؟

نحن بصدد العمل مع وزارة التعليم، وأصحاب المدارس الخاصة، من أجل إعادة تفعيل المكتبات المدرسية، والتواصل مع مكتبات بيوت الثقافة.

بدأنا العام الماضي مع افتتاح أول بيت ثقافي في الدمام شرق الممكلة، ويفترض أن تكون هناك زيارات مجدولة للطلاب، وينطبق ذلك على جميع بيوت الثقافة التي ستُفتتح لاحقاً في جميع أنحاء المملكة، ليصبح لدى الطلاب فرصتان: مكتبة المدرسة، ومكتبة بيت الثقافة.

مفهوم جديد للمكتبات

 وعدت هيئة المكتبات بإنشاء 153 بيتاً للثقافة في جميع مناطق المملكة ما هو دورها؟

 بيوت الثقافة هي المفهوم الجديد للمكتبات، وهي عبارة عن منصّات ثقافية، تعليمية، تفاعلية. يحتوي بيت الثقافة على مكتبة للأطفال وأخرى لليافعين وثالثة للبالغين، كما يوجد  مسرح لتقديم الأنشطة المسرحية والفعاليات المنبرية، هناك أيضاً استديو تصوير وإنتاج سينمائي، واستديو صوتي، ستكون متاحة طيلة العام.

 ما هو النطاق الجغرافي المستهدف وهل جميع بيوت الثقافة بالمواصفات نفسها؟

 حالياً نستهدف العواصم الإدارية لمناطق المملكة، بنماذج معمارية وأحجام مختلفة، ذات استيعاب مختلف. فهناك البيت الكبير، والمتوسط، والصغير.

يأتي التصنيف بحسب حجم المدينة، الكثافة السكانية، وحرصنا في التصميم على إيجاد عناصر تعكس ثقافة المنطقة، كما وضعنا منهجية واضحة للمواصلات، أطلقنا عليها "خطة الوصول الشامل"، إذ لا يتجاوز الوصول إلى بيوت الثقافة في مدة 40 دقيقة، ولا يتجاوز 20 دقيقة في المحافظات أو المدن الصغيرة. 

 ما نسبة الإنجاز لديكم في مشروع بيوت الثقافة؟

 المشروع يسير بحسب الخطة الزمنية، ولا يوجد لدينا أي عثرات. افتتحنا حتى الآن بيت الدمام في المنطقة الشرقية، وبيت أحد رفيدة جنوب المملكة. هذا العام  لدينا أحد عشر بيتاً للثقافة، سنفتتح 6 بيوت أخرى، وسيبدأ العمل على 3 بيوت قريباً، فضلاً عن إنشاء مكتبتين في مدينة جدة ومدينة الباحة، وما يزال العمل مستمراً.

ماذا أنجزتم على صعيد خطة الوصول إلى المكتبات؟

 أطلقنا حديثاً في مدينة الرياض مشروع المكتبات المتنقلة، وهي عبارة عن عربات تضم مجموعة من الكتب، تتنقّل بين المدارس صباحاً، والتجمّعات العامّة مساءً.

لدينا مبادرات الخدمة الذاتية أيضاً، مثل جهاز "مناول"، وهو عبارة عن مكتبة مصغّرة تتيح للمستفيد الحصول على الكتاب وإعادته من دون تدخّل بشري، وجهاز "مسموع" الذي يقدّم خدمة الاستماع للمحتوى الصوتي، كذلك جهاز "رف" الذي سنطلقه هذا العام ويعمل على تداول الكتب، وهناك قسم في "رف" مخصّص للأطفال.

ذكر وزير الثقافة أن أحد أسباب ركود المكتبات هو عدم تنويع مصادر التمويل، هل عالجتم هذا الأمر؟

 قطاع المكتبات على مستوى العالم، هو قطاع غير ربحي، لكن هناك طرق عدّة لتعزيز الإيرادات، والحقيقة أن لدينا نموذجاً واضحاً في الاستدامة المالية، سبق إطلاق وتدشين بيوت الثقافة.

هناك تجربة أميركية مهمّة هي عبارة عن شركة مختصّة بتشغيل المكتبات، استطاعت أن تحقّق الإيرادات وترفع معدّل الزيارات، وفي الوقت نفسه رفعت معدّل بقاء المستفيدين داخل المكتبة من نصف ساعة إلى 4 ساعات، وبالتالي أصبح المقهى يشكّل ضرورة، ويعزّز من مصادر الإيرادات.

كذلك نعمل على الاستفادة من المسرح والمرافق الأخرى، من خلال تأجيرها لجهات مستفيدة، وهذا يعدّ أحد أهم الجوانب الاستثمارية.

- ماذا عن الفرص الاستثمارية القادمة من خارج المملكة؟

 هناك الكثير من الأمور التي نعمل عليها فيما يتعلق بالاستثمار دولياً، ومنها المنتجات الرقمية التي أنجزناها، وهي قابلة للتسويق خارجياً. سنبدأ التسويق من خلال المشاركة في المعارض الدولية، و هذه المنتجات سواء على مستوى" "مسموع"، أو "رفوف"، أو "رف"، قابلة للتسويق خارج المملكة.

كذلك لدينا رغبة في جذب المستثمرين، لكن المستثمر لن يأتي إلا حين يكون لدينا بيانات وأرقام وإحصائيات وتصوّر واضح. نحن الآن نخوض التجربة الأولى، وستتوفّر لدينا لاحقاً أرقام واضحة، لجهة عدد الزيارات والمستفيدين والبرامج، فضلاً عن حجم الإنفاق والعوائد، من هنا يبدأ جذب المستثمرين.

تصنيفات

قصص قد تهمك