بعد حديث بوتين عنها.. ما الأسلحة القائمة على مبادئ فيزيائية جديدة؟

time reading iconدقائق القراءة - 22
نظام أسلحة الليزر (LaWS) على متن سفينة تتبع للبحرية الأميركية تبحر في مياه الخليج العربي. 15 نوفمبر 2014 - REUTERS
نظام أسلحة الليزر (LaWS) على متن سفينة تتبع للبحرية الأميركية تبحر في مياه الخليج العربي. 15 نوفمبر 2014 - REUTERS
دبي-الشرق

تعكف القوى الكبرى في عالم اليوم على تعزيز قدراتها العسكرية من خلال اقتناء أسلحة فائقة القدرة والتطور، لتصبح لها اليد العليا في ساحة أي معركة مستقبلية، لذلك وجهت هذه القوى وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وروسيا اهتمامها إلى ما يعرف باسم "الأسلحة القائمة على مبادئ فيزيائية جديدة". 

واسترعت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن جهود روسيا لتطوير سلاح قائم على "مبادئ فيزيائية جديدة" خلال المنتدى الاقتصادي الشرقي الذي استضافته مدينة فلاديسفوستوك الروسية، الثلاثاء، انتباه الخبراء العسكريين بشأن "أسلحة الطاقة الموجهة"، إذ قال بوتين، إن السلاح الروسي الجديد الذي تطوره موسكو سيضمن أمن أي بلد في المستقبل. 

ما هي أسلحة الطاقة الموجهة؟ 

يمكن تعريف أسلحة الطاقة الموجهة بأنها تلك التي تستخدم طاقة مركزة لتدمير أو إتلاف الأهداف الموجهة ضدها، وتصنف طبقاً لنوع الطاقة المستخدمة، فعلى سبيل المثال هناك أسلحة الليزر، وأسلحة الموجات فائقة القصر "ميكروويف" عالية الطاقة، إلى جانب ما يعرف بالأسلحة الفيزيائية الصوتية عالية القوة. 

وبحسب تقرير لشركة GlobalData لتحليل البيانات ومقرها لندن، فإن أسلحة الطاقة الموجهة انتشرت بوتيرة متسارعة على مدار السنوات الأخيرة لدى العديد من جيوش دول العالم، نظراً لقلة تكلفتها التشغيلية ودقتها.

وأوضحت الشركة أن جيوش بعض الدول مثل الصين، وروسيا، والولايات المتحدة، وإسرائيل، وبريطانيا، أصبحت قادرة في الوقت الحالي على نشر هذه التكنولوجيا مع أقوى الأسلحة في العالم والقدرات الأخرى الموجودة بالفعل. 

ويكشف التقرير أن حجم الإنفاق على الاستثمارات المتعلقة بأسلحة الطاقة الموجهة عالمياً بلغ 4.1 مليار دولار في عام 2020، إذ عكفت دول مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، والصين، وروسيا، وإسرائيل، والهند، وتركيا، وكوريا الجنوبية على تطوير أسلحة طاقة موجهة قائمة على أشعة الليزر عالية الطاقة، والميكروويف عالي الطاقة، وطاقة الموجات الصوتية التي تعرف باسم "أسلحة الصوت". 

وحسب التقرير، فإن جهود هذه الدول كانت تركز على هدف واحد، وهو امتلاك قدرات موثوقة تضمن احتفاظها بقوة ردع استراتيجي أو الاحتفاظ بهيمنتها على مدى العقود المقبلة. 

وبالعودة لتصريحات بوتين عن الأسلحة القائمة على مبادئ فيزيائية جديدة، يقول الخبير العسكري والعقيد المتقاعد بالجيش الروسي، فيكتور ليتوفكين، لـ "الشرق": "لا أعرف ما هي المبادئ الفيزيائية التي تحدث عنها، لكن الحديث هنا يدور عن أسلحة الليزر، والأسلحة الموجية، والأسلحة الصوتية، والأسلحة النبضية، وما إلى ذلك". 

وأضاف ليتوفكين أن "الولايات المتحدة تعمل على تطوير هذه الأنواع من الأسلحة الفيزيائية، كما تفعل بعض الدول الأخرى". 

من جانبه، رأى الخبير العسكري الروسي، بافيل فيلغينغارو، في حديث لـ"الشرق"، أن تصريحات الرئيس الروسي يمكن أن تكون عن أسلحة الليزر في المقام الأول. 

وأردف: "أعتقد، أولاً وقبل كل شيء، أننا نتحدث عن أسلحة الليزر، فالليزر يستخدم بالطبع لأغراض عسكرية، ولكنه يستخدم أكثر للتصويب وتحديد الهدف. لكن في العمليات القتالية لم يتم استخدامه كثيراً بعد. ولكن حتى نظام الليزر لدينا يعمل بالطاقة النووية. لذا فهو في الأساس سلاح ليزر. ويجري الآن الكثير من العمل عليه". 

وتابع قائلاً: "إنهم يعملون على ذلك في إسرائيل، ويقومون بتطوير أنظمة تهدف لمكافحة الأعداد الغفيرة من الطائرات المسيرة الرخيصة، ولهذا فمن الأفضل استخدام ليزر قوي، كما يعمل البريطانيون أيضاً على تطوير ليزر متنقل عالي الطاقة. والآن يقومون باختباره وسيبيعونه للأميركيين. وهذا نهج جدي في العالم، وبدون هذا الليزر يصعب محاربة عدد كبير من الطائرات المسيرة الرخيصة". 

 وأشار فيلغينغاور إلى أن الطائرات المسيرة يمكن مواجهتها باستخدام ليزر أقل قوة وأرخص وذي تكلفة أقل من الليزر عالي القوة، لكن مشكلته تكمن في استخدامه أثناء فترات الضباب والمطر، موضحاً أن إسرائيل تمتلك نظام ليزر قادر على إسقاط الطائرات المسيرة لكنها لا تصدره للخارج. 

وأكد الخبير العسكري الروسي، أن موسكو تمتلك تقنيات الليزر الخاصة بها، مضيفاً: "لدينا تقنيات الليزر الخاصة بنا. أعتقد أننا نتحدث في المقام الأول عن الدفاع الجوي بالليزر". 

بدوره، رأى الخبير العسكري الروسي، يوري كونتوف، في تصريحات لصحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الروسية، في معرض تعليقه على تصريحات بوتين، أن الأسلحة الفيزيائية الصوتية يمكن أن تكون ضمن الأسلحة التي تحدث عنها الرئيس الروسي قبل أيام، وهي تقوم على إصدار موجات فوق صوتية تؤثر على الأعضاء السمعية للإنسان وتسبب له ألماً لا يحتمله، فتجعله يهرب من مكانه حتى لا يسمع هذا الصوت. 

ووفقاً للخبير العسكري الروسي، فإن هذه الأسلحة الفيزيائية تُستخدم بالفعل من قبل أجهزة الشرطة في بعض البلاد، فهذه الأسلحة تطورها الولايات المتحدة، واستخدمتها الشرطة الإسرائيلية من قبل لتفريق المتظاهرين، كما استخدم الرئيس الجورجي السابق، ميخائيل ساكشفيلي، أسلحة مشابهة من قبل ضد المتظاهرين.  

أسلحة الليزر 

يشرح موقع مكتب محاسبة الحكومة الأميركية، أن أسلحة الليزر تطلق حزمة مركزة للغاية من أشعة الليزر قد تتخطى قوتها 1 كيلوواط، بما يكفي لتوليد حرارة قادرة على إذابة المعادن، وتطلق مدافع الليزر أشعتها إما في شكل نبضات متقطعة، أو تيار مستمر. 

ويمكن لشعاع ليزر مكثف توليد طاقة كهرومغناطيسية بطول موجي قابل لأن تمتصه المادة المصنوع منها جسم الهدف، على نحو يساعد على صهره، كما يمكن توجيه أشعة الليزر إلى أجهزة الاستشعار، أو المركبات المسيرة لتعطيلها، أو نحو خزانات الوقود لإضرام النار فيها. 

ويوضح موقع Army Recognition، أن الفكرة الأساسية لأسلحة الليزر هي تركيز وتكثيف أشعة من الضوء بحيث تولد حرارة عالية للغاية تلحق ضرراً بالغاً بأي جسم تطاله، ولكن كفاءتها تعتمد إلى حد كبير على تكثيف وتوجيه وتصحيح مسار الأشعة إلى الأجسام المستهدفة، لأن أي انحراف بسيط في زاوية إطلاقها قد يؤدي إلى أن يخطئ الشعاع هدفه، ولا سيما كلما طالت المسافة بين سلاح الإطلاق والهدف. 

ومن المميزات الثمينة لأشعة الليزر أنها تنطلق بسرعة الضوء، الأمر الذي يضمن استجابة فورية لأي تهديد، مقابل غياب أي فرصة زمنية للجسم المعادي للدفاع عن نفسه.

كما يمكن اعتبار أشعة الليزر "ذخيرة غير محدودة"، إذ يمكن لأسلحة الليزر الاستمرار في الإطلاق طالما توافرت لها الطاقة اللازمة ومصدر للتبريد، كما أنها تصيب أهدافها وحدها ولا تتسبب بأضرار جانبية بخلاف الذخائر المتفجرة. 

الاستدامة في ميادين المعركة

يواجه الجيش الأميركي مجموعة متنوعة من التحديات فيما يتعلق بأسلحة الطاقة الموجهة، بينها تكلفة صناعتها واستدامة استخدامها في ميادين المعارك.

ونقل موقع Defense News عن مدير مكتب القدرات السريعة والتكنولوجيا الحيوية بالجيش الأميركي الفريق أول روب راش قوله: "ما لا نعرفه حتى الآن عن أنظمة الطاقة الموجهة هو كيفية القتال بها، وكيفية القتال بأشعة الليزر في المعركة، وكيفية دمج أسلحة الطاقة الحركية وسواها مثل أسلحة الطاقة الموجهة، على نحو فعال". 

وفي منتصف 2019، منح الجيش الأميركي شركة "كورد تكنولوجيز" Kord Technologies، عقداً لتزويد ناقلة الجند المدرعة "سترايكر" (Stryker) بنظام دفاع جوي قصير المدى بالليزر. 

وأعلنت شركة "لوكهيد مارتن" Lockheed Martin، الأميركية، نهاية يوليو الماضي، عن اختراق كبير يتمثل في سلاح ليزر بقوة 500 كيلوواط، ليكون أقوى سلاح ليزر في العالم، متخطياً بذلك سلاح الليزر الأمريكي الأقوى سابقاً، والذي أنتجته "لوكهيد مارتن" أيضاً بقوة 300 كيلووات. 

وأوضح موقع Army Recognition، أن سلاح الليزر المذكور بقوة 500 كيلووات صُمم خصيصاً لدمجه في أسلحة تكتيكية، مثل سلفه "نظام سلاح الليزر عالي الطاقة" (HELWS) بقوة 300 كيلوواط، والمصمم بالأساس لاعتراض المركبات الجوية غير المأهولة. 

وكانت البحرية الأميركية سبّاقة في استخدام أسلحة الليزر التكتيكية، ففي عام 2014 شغّلت بشكل تجريبي سلاح الليزر "إيه إن/إس إي كيو-3" (AN/SEQ-3) بقوة 33 كيلووات على متن سفينة نقل برمائية، والذي نجح خلال أحد الاختبارات في تدمير مدافع هيكلية مثبتة فوق قارب صغير دون إلحاق ضرر بالقارب نفسه.

وفي اختبار آخر أصاب طائرة بدون طيار أُطلقت من سفينة قريبة، حيث أحدث قطعاً في بدنها نتيجة الحرارة الشديدة، وفي غضون ثوان اشتعلت النيران في الطائرة التي سقطت في المياه. 

وفي أغسطس 2022، نشرت البحرية الأميركية أول سلاح ليزر يدخل الخدمة العملياتية، والمعروف باسم "الليزر عالي الطاقة مع جهاز مراقبة وإبهار بصري متكامل" (HELIOS) بقوة 60 كيلوواط، من إنتاج شركة "لوكهيد مارتن".

كما تخطط البحرية الأميركية لاختبار سلاح جديد تطلق عليه اسم "برنامج الليزر عالي الطاقة المضاد لصواريخ كروز المضادة للسفن" (HELCAP) بقوة 300 كيلووات، في وقت مبكر من العام المقبل. 

الليزر في "حرب حقيقية"

تشير تقارير إلى أن روسيا هي أول دولة تستخدم أسلحة ليزر في حرب حقيقية، وبالتحديد لإسقاط الطائرات المسيرة الأوكرانية التي ألحقت خسائر لا يستهان بها بالقوات الروسية. 

وسلط موقع Eurasian Times الضوء على سلاح الليزر الروسي "بيريسفيت" (Peresvet) الذي يُعتقد أنه أول سلاح ليزر يُستخدم في حرب حقيقية، والذي كشف عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنفسه عام 2018، وتُظهر صوره المنشورة أنه عبارة عن مدفع ليزر مثبت في الجزء الخلفي لمقطورة مغلقة بالكامل عدا الجزء الحامل للمدفع. 

ومع أنه لا يُعرف الكثير عن قدرات السلاح "بيريسفيت"، يُظهر مقطع فيديو مدفعه بينما يدور بسرعة في اتجاهات مختلفة، ما ينبئ بقدرته على تتبع الأهداف المتحركة، على الرغم من أن بعض المحللين يتكهنون بأنه ليس قوياً بما يكفي لتدمير أهدافه بالكامل، وأنه صمم بالأحرى لإرباك الأنظمة البصرية للمركبات التي تحاول مهاجمة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في أثناء نقلها. 

وذكر تقرير للتلفزيون الروسي أنه "إن كان بيريسفيت يعمي فقط، فإن الجيل الجديد من أسلحة الليزر يؤدي إلى التدمير المادي للهدف.. تدمير حراري، أي أنه يحترق".

وكشف نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، أن نماذجاً أولية من "أسلحة الليزر المدمرة" تُستخدم بالفعل في أوكرانيا، بل إنه حدد اسم أحدها "زاديرا" (Zadira)، والذي على حد قوله يستطيع تعمية الأقمار الصناعية على ارتفاع يصل إلى 1500 كيلومتر فوق سطح الأرض. 

وفي أغسطس الماضي، نقلت وكالة الأنباء الروسية "نوفوستي" عن مصدر وصفته بالمطلع، أن موسكو أجرت اختباراً ميدانياً ناجحاً لمدفع ليزر استطاع تدمير عدة طائرات مسيرة مختلفة الطرز.

وحرص المصدر على توضيح أن "الليزر القتالي من طيف الأشعة تحت الحمراء نجح في التدمير المادي للطائرات المسيرة، ولا سيما حرق الأسطح الديناميكية الهوائية للطائرات، أو حرق بدنها مع المعدات الموجودة بداخله". 

أسلحة ليزر عالية الطاقة

تعكف الصين على تطوير أسلحة ليزر عالية الطاقة، لتدمير أو اعتراض أهداف مثل المركبات المسيرة، والصواريخ والطائرات، إذ تتميز هذه الأسلحة الفيزيائية بقدرتها على الاشتباك مع الأهداف بسرعة الضوء، ما يجعلها فعالة للغاية في اعتراض وتدمير الأهداف سريعة الحركة. 

كما تتمتع أسلحة الليزر بقدرتها على أن تكون أكثر فعالية من حيث التكلفة، مقارنة بمنظومات الصواريخ التقليدية، لأنها لا تحتاج لذخائر باهظة الثمن ويمكن إعادة شحنها بسرعة. 

ويرجح بعض العلماء العسكريين، أن الصين تخطط لاستخدام أسلحة الليزر لاستهداف أقمار "ستارلينك" (Starlink) الصناعية التابعة لشركة "سبيس إكس" (SpaceX) الأميركية، إذ تمنح هذه الأسلحة الفيزيائية مستخدمها ميزة استراتيجية في حرب الفضاء. 

وكشف علماء عسكريون صينيون عن نجاحهم في تطوير نظام تبريد جديد في تكنولوجيا أسلحة الليزر، يسمح لهذه الأسلحة بالعمل لمدة غير محدودة، متخلصين بذلك من مشكلة الحرارة التي تتولد أثناء استخدام الأسلحة الفيزيائية، والتي كانت تمثل تحدياً تقنياً كبيراً لتطوير أسلحة الليزر. 

وذكرت صحيفة South China Morning Post، أن مجموعة من العلماء في الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع، بمدينة تشانغشا بمقاطعة هونان الصينية، شرحت أن نظام التبريد الجديد يقضي تماماً على الحرارة التي تولدها أسلحة الليزر عالية الطاقة أثناء تشغيلها، ما يعني أنه في ظل التكنولوجيا الجديدة، يمكن لهذه الأسلحة الفيزيائية العمل لفترة غير محدودة دون توقف أو قصور في الأداء. 

ووصف فريق العلماء الذي يقوده عالم أسلحة الليزر، يوان شنغفو، في ورقة بحثية نُشرتها مجلة "أكتا أوبتيكا سينيكا" الصينية في 4 أغسطس الماضي، التكنولوجيا الجديدة بأنها "إنجازاً كبيراً في تحسين أداء أنظمة الليزر عالية الطاقة". 

ووفقاً للورقة البحثية، فإن نظام التبريد الجديد يستخدم هياكلاً متطورة، وتدفقاً أفضل لغاز التبريد داخل أسلحة الليزر، مشيرة إلى أن النظام الجديد يمكنه تغيير سير المعركة بشكل كبير من خلال إطالة وقت تشغيل أسلحة الليزر خلال الاشتباك، وزيادة مداها وتقليل الأضرار والتكاليف. 

أسلحة الميكروويف 

تستخدم أسلحة الميكروويف عادة لإتلاف أو تدمير الأنظمة الإلكترونية المعادية، وغالباً ما يكون هذا السلاح محمولاً في الجو، سواء على طائرة مأهولة أو مسيرة. 

وتعمل أسلحة الميكروويف من خلال توجيه الطاقة مباشرة إلى الهدف باستخدام موجات كهرومغناطيسية عالية الطاقة.

ولكن على الرغم من أن أداء أسلحة الميكروويف لا يتأثر بالظواهر الجوية، كونها قادرة على اختراق جزيئات السحاب والغبار وبخار الماء، فضلاً عن قدرتها على تدمير مجموعة واسعة من الأهداف، إلا أن مداها أقل بكثير مقارنة بأسلحة الليزر عالية الطاقة. 

وبالحديث عن الجيوش التي تستخدم أسلحة الميكروويف، تأتي جيوش الولايات المتحدة وروسيا والصين على رأس القائمة، إلى جانب دول أخرى مثل إسرائيل. 

مسيرات مسلحة بالميكروويف

في 2016، قال مدير شركة "كريت" للإلكترونيات المملوكة للحكومة الروسية، فلاديمير ميخيف، في مقابلة مع وكالة "تاس" الروسية، إن موسكو ستسلح طائراتها المسيرة الهجومية من الجيل السادس بأسلحة ميكروويف.

وأوضح أن هذه الأسلحة الفيزيائية التي تعمل على تعطيل المعدات الإلكترونية للطائرات المعادية موجودة بالفعل لدى الجيش الروسي. 

وأوضح ميخيف أن أسلحة الميكروويف يمكن أن تشكل خطورة على مستخدمها بنفس قدر الخطر الذي تشكله على الأهداف المعادية، موضحاً أن "النبض الكهرومغناطيسي الذي يطلقه سلاح الميكروويف قوي للغاية بحيث يصعب حماية الطيار منه، وبغض النظر عن مدى قدرتنا على حماية مقصورة الطائرة، فإن هذا النبض سيمر عبرها، وبما أن الإنسان يمكن اعتباره إلى حد ما جهازاً يمكنه استقبال ونقل الإشارات الكهرومغناطيسية، فإن هذه الأسلحة قد تسبب أضراراً جسيمة لصحة الطيار". 

كما أفادت تقارير أميركية بتعرض عسكريين ومسؤولين أميركيين داخل الولايات المتحدة وخارجها لهجمات باستخدام أسلحة ميكروويف، سببت لهم مشكلات صحية تتعلق بالأعصاب وتلف الدماغ، وقد بدأت هذه الهجمات المزعومة في عام 2016 بالسفارة الأميركية في هافانا. 

واتهم مسؤولون أميركيون روسيا آنذاك بالوقوف وراء هذه الهجمات، لكن الأخير نفت كل الاتهامات الموجهة لها. 

"أسلحة غير تقليدية"

استخدم الجيش الصيني في عام 2020 أسلحة ميكروويف ضد القوات الهندية خلال المناوشات الحدودية في منطقة جبال الهيملايا، حيث أقر الجيش الهندي بشكل غير مباشر في وثيقة رسمية بأن "جيش التحرير الشعبي استخدم أسلحة غير تقليدية" خلال الاشتباكات مع القوات الهندية. 

وحسب موقع Eurasian Times المتخصص في الشؤون العسكرية، أدلى نائب عميد كلية العلاقات الدولية بجامعة رنمين الصينية، جين كانرونج، بتصريحات مثيرة للجدل في نوفمبر 2020 قال فيها، إن قواتاً هندية استولت في 29 أغسطس 2020 على مرتفعات ذات أهمية استراتيجية في قطاع تشوشول، تشرف على منطقة سبانجور جاب، والحامية الصينية في مولدو. 

وأضاف كانرونج أن الجيش الصيني استعاد سيطرته على هذه المرتفعات باستخدام أسلحة ميكروويف حولت قمم التلال تلك إلى "فرن ميكروويف".

وأوضح أن القوات الهندية المتواجدة هناك بدأت تشعر بالإعياء، وكان جميع الجنود يتقيأون بعد 15 دقيقة فقط من نشر أسلحة الميكروويف. 

التعامل مع المركبات السطحية

استحدث مركز الحرب السطحية التابع لسلاح مشاة البحرية في عام 2022، قسماً جديداً يختص بتطوير أسلحة ميكروويف، لاستخدامها في تعطيل أو تدمير الأنظمة الإلكترونية لدى العدو، بما في ذلك الأنظمة المدمجة على الطائرات المسيرة، والقوارب الصغيرة والصواريخ. 

وحسب موقع The War Zone المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن الجيش الأميركي يستعين بهذه الأسلحة الفيزيائية للتعامل مع المركبات السطحية، ومكافحة الأنظمة الجوية غير المأهولة، والطائرات المسيرة الصغيرة التي يصعب تتبعها واستهدافها بواسطة أنظمة الدفاع الجوي التقليدية. 

وعلى عكس أسلحة الليزر التي تطلق شعاعاً مركزاً لفترات قصيرة من الوقت، يمكن لأسلحة الميكروويف أن تطلق أشعة مخروطية الشكل واسعة النطاق تمكنها من الاشتباك مع عدة طائرات مسيرة في آن واحد. 

الأسلحة الصوتية 

لا تعتبر الأسلحة الصوتية وليدة اللحظة، ففي الحرب العالمية الثانية، وظف الاتحاد السوفيتي الصوت كسلاح ضد القوات الألمانية التي كانت تحاصر مدينة ستالينجراد (فولجوجراد حالياً)، حيث أبقى الجيش السوفيتي القوات الألمانية مستيقظة أثناء الليل من خلال عزف مقطوعات تانجو أرجنتينية عبر مكبرات الصوت، كما حولت القوات الأميركية خلال حرب فيتنام الصوت إلى حرب نفسية. 

وكانت بعض الجيوش تستخدم الأبواق والأصوات الصاخبة بشكل عام لإرباك العدو، حتى بدأت جيوش دول العالم حالياً تسلح قواتها بأسلحة صوتية لتوظف قوة الصوت في القتال.

ويقول الرقيب المتقاعد بالجيش الأميركي، هيرب فيدمان: "لقد استُخدم الصوت على مر التاريخ لتهديد العدو ورفع معنويات شعبك.. لقد عزفنا الموسيقى وأطلقنا أصوات الشتائم والدبابات والنمور". 

وتطورت أسلحة الصوت مع مرور الوقت، حتى نشر الجيش الأميركي لأول مرة سلاحاً صوتياً في العراق عرف باسم "لراد" (LRAD) وهو جهاز صوتي بعيد المدى، استُخدم للسيطرة على الحشود وتم تثبيته على متن عربات "الهامفي" (Humvee) المدرعة وتوجيهه نحو المواطنين العراقيين الذين كانوا يجتمعون عادة عند نقاط التفتيش، التي كانت مسرحاً للتفجيرات الانتحارية. 

ويصدر هذا الجهاز نبضات تصل إلى 149 ديسيبل، وهو ما يعادل سماع محرك نفاث على بعد 100 قدم. 

كما استخدمت الشرطة الأميركية هذا الجهاز للتعامل مع مظاهرات وقعت في شارع "وول ستريت" عام 2011، وتستخدم البحرية الأميركية هذا السلاح حالياً لمنع القوارب الصغيرة من الاقتراب منها. 

ويستخدم هذا السلاح أكثر من 20 دولة، بينها إسرائيل التي استخدمته من قبل لتفريق الاحتجاجات الفلسطينية. 

وبين عامي 2017 و2018 كشفت تقارير صحافية عن حوادث غامضة في الصين وكوبا، أدت إلى اشتباه واشنطن في استخدام سلاح صوتي ضد الأميركيين الذين يعيشون في هذين البلدين.

وفي مايو 2018، نفت الصين شن هجوم باستخدام سلاح صوتي على دبلوماسي أميركي يقيم في قوانجتشو، حيث صرح الدبلوماسي بأنه شعر بأصوات غير طبيعية وضغط في أذنيه لعدة أشهر. 

الأسلحة الجيوفيزيائية 

تعرّف وزارة الدفاع الروسية على موقعها الإلكتروني، هذه الأسلحة بأنها مجموعة من الوسائل المختلفة التي يمكن أن تستخدمها الدول لاستغلال قوى الطبيعة في أغراض عسكرية ضد دولة أخرى. 

ويمكن للدولة التي تمتلك أسلحة جيوفيزيائية التأثير على العمليات الفيزيائية التي تحدث داخل الأرض أو الغلاف الجوي.

وعليه فإن هذه الأسلحة الفيزيائية قد تؤدي في النهاية إلى إحداث زلازل أو عدم استقرار في الطبقات الأرضية، وهي ما تسمى باسم "الأسلحة الزلزالية". 

كما أن هناك أسلحة جديدة تعرف باسم أسلحة المناخ، التي يمكن استخدامها لتغيير الطقس أو المناخ في مناطق معينة، وخلق حالات جفاف واسعة النطاق وفيضانات بسبب هطول الأمطار الغزيرة وما إلى ذلك.

فضلاً عن الأسلحة البيئية الأخرى القادرة على تدمير الغابات والمحاصيل الزراعية وتلويث المياه والهواء والتربة وما إلى ذلك، وهي أسلحة تدخل فيها المواد الكيميائية والبيولوجية. 

الأسلحة الجينية 

هي عبارة عن أسلحة قادرة على إتلاف الجهاز الوراثي للبشر، تكون عبارة عن بعض الفيروسات التي يمكن نشرها، لتتسبب في إحداث تغييرات وراثية، أو أضرار وتغيرات في البنية الأولية للحمض، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفسي الأمراض الخطيرة وانتقالها وراثياً. 

ويحظر المجتمع الدولي تجربة أو استخدام هذه الأسلحة الفيزيائية نظراً لعدم القدرة على التنبؤ بعواقب استخدام أنواع معينة منها، فهناك أسلحة جينية يمكن استخدامها كأسلحة تقليدية، أو أسلحة دمار شامل. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات

قصص قد تهمك