يسعى مشرعون أميركيون، وجماعات ضغط، والبحرية الأميركية، إلى المطالبة بتمويل إضافي بمليارات الدولارات لتجديد مخزون الجيش من الذخائر، في الوقت الذي تخوض فيه واشنطن معركة مفتوحة بصواريخ باهضة الثمن ضد الحوثيين في البحر الأحمر واليمن، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وقال 8 مسؤولين في تصريحات للصحيفة إن هذه الخطوة تزيد من المخاطر بالنسبة للتمويل الإضافي الذي شهد معركة حزبية مستمرة منذ أشهر بشأن تمويل أوكرانيا وإسرائيل وتايوان وتأمين الحدود، وعلى الرغم من أن الرغبة في تمويل الذخائر مشتركة بين الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، إلا أن المستوى العالي من المشاحنات بين الأطراف يعني أن اعتماد ذلك ليس بالأمر المؤكد.
واتسعت النزاعات في الشرق الأوسط بسرعة في الأسابيع الماضية، بشكل يتجاوز بكثير تقديم الرئيس جو بايدن، مقترحاً إلى الكونجرس بشأن المساعدات البالغ قيمتها أكثر من 100 مليار دولار إلى أوكرانيا وإسرائيل في أكتوبر الماضي.
واعتبرت المجلة، أن جهود كبح هجمات الحوثيين التي تنطلق من اليمن ضد السفن في البحر الأحمر، والتي تستخدم فيها الولايات المتحدة أنظمة تكلف عدة ملايين من الدولارات لإسقاط طائرات مسيرة وصواريخ رخيصة، "هو أحدث صراع يشغل تفكير الساسة الذين يخشون أن يكون ذلك سبباً في تحويل الموارد عن عملية ردع محتملة في المستقبل مع الصين بشأن تايوان".
وقال السيناتور مارك كيلي (ديمقراطي من أريزونا)، وهو عضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إن حزمة المساعدات قيد التفاوض في المجلس يجب أن تأخذ في الاعتبار تجديد النطاق الأوسع للصواريخ التي تطلق ضد الحوثيين.
وأضاف: "نسعى إلى التأكد من أن لدينا الذخائر التي نحتاجها، سواء كانت صواريخ طويلة المدى مضادة للسفن، أو ربما أشياء مثل صواريخ توماهوك المخصصة لغرب المحيط الهادئ، وهذه قدرة سنحتاجها إذا دخلنا في صراع مع الصين".
تمويل طارئ
وربما يبحث مجلس الشيوخ الأميركي، طلب بايدن للمساعدة العسكرية التكميلية، الأسبوع المقبل، بعد اجتماع مفاوضي الكونجرس في البيت الأبيض، الأربعاء المقبل.
وتوقفت حزمة مساعدات جديدة في الوقت الذي يدرس فيه أعضاء مجلس الشيوخ تغييرات في أمن الحدود لترافقها.
وكان زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، من بين النواب في كلا الحزبين الذين يركزون على استخدام التمويل الطارئ لتعزيز تمويل الذخائر.
وقال ماكونيل في قاعة مجلس الشيوخ، هذا الأسبوع: "في الوقت الذي يعمل فيه مجلس الشيوخ على تمويل الأمن القومي التكميلي، ارتفعت التكاليف التشغيلية للقوات الأميركية في الشرق الأوسط".
وأضاف: "كما حذرت منذ أسابيع، فإن استخدام صواريخ بملايين الدولارات للدفاع ضد طائرات مسيرة بقيمة 1000 دولار يجهد مخزوناً غير كاف بالفعل من القدرات بعيدة المدى. التمويل التكميلي هو فرصتنا لتوسيع قدرتنا على مواجهة تحديات الأمن القومي التي نواجهها".
وفي الأشهر الثلاثة التي تلت هذا الطلب، أسقطت مدمرات البحرية الأميركية عشرات الطائرات المسيرة الحوثية وصواريخ متعددة في البحر الأحمر، إذ كثف الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية.
وتستهدف جماعات الضغط التابعة للبحرية الأميركية، وصناعة الدفاع، التمويل الإضافي لبناء مخزونها من الذخائر، وفقاً لـ 3 أشخاص من جماعات الضغط طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.
صواريخ توماهوك
وبخلاف التمويل الإضافي، يمكن للكونجرس أن يدرج مزيداً من تمويل الذخائر في مشروع قانون الإنفاق الدفاعي للعام المالي 2024 الذي يهدف إلى تمريره في بداية مارس، أو في الموازنات للسنة المالية 2025 التي من المتوقع البدء في مناقشتها خلال الأشهر المقبلة.
وقال مسؤول كبير بوزارة الدفاع لم تكشف "بوليتيكو"، هويته: "الذخائر هي بالتأكيد نقطة قلق للجميع"، لافتاً إلى أنها ستحظى باهتمام إضافي في تقديم الميزانية المقبلة لعام 2025.
ومن الأسلحة الرئيسية في الضربات الأميركية الأخيرة صاروخ "توماهوك كروز" الذي أطلقه الجيش الأميركي 80 مرة على الأقل ضد أهداف الحوثيين منذ 11 يناير، وفقاً لتقديرات المحلل في "كابيتال ألفا بارتنرز"، بايرون كالان.
وأي طلب أميركي متزايد على صواريخ توماهوك، وهو صاروخ يطلق من السفن والغواصات يمكنه ضرب أهداف على بعد 1000 ميل، سيأتي في الوقت الذي يتطلع الحلفاء إلى هذا الصاروخ أيضاً.
وأعلنت الحكومة اليابانية، الخميس، عن صفقة بقيمة 2.5 مليار دولار لشراء 400 صاروخ توماهوك من المنتظر تسليمها بين عامي 2025 و 2027. وفي أغسطس، وقعت أستراليا صفقة مماثلة لشراء 200 صاروخ.
وطلب سلاح مشاة البحرية الأميركية، 34 صاروخ توماهوك، مقابل 1.9 مليون دولار لكل منها في السنة المالية 2024، بينما تنفق البحرية 4.5 مليون دولار إلى 9.8 مليون دولار على صاروخ ستاندارد.
وقال أرنولد بونارو، الذي كان مسؤولاً في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، وهو ضابط متقاعد من القوات البحرية، إنه بالنسبة للصواريخ توماهوك بشكل خاص "لم نقم بإضافة الكثير منها على مر السنين، ولكننا لم نستخدم الكثير من الصواريخ توماهوك أيضاً".
ورداً على سؤال بشأن مخزون البحرية من صواريخ توماهوك وذخائر أخرى، قال مسؤول في البحرية إن سلاح البحرية لا يناقش أرقاماً محددة.
تمويل إضافي
"بوليتيكو" اعتبرت أن تأخير مرور مشروع قانون التمويل الكامل للعام المالي 2024 يمنح البحرية الأميركية، وقتاً لطلب تمويل إعادة الذخيرة في العام المالي 2025. ويمكن لسلاح البحرية أن يؤكد أن ضربات البحر الأحمر هي السبب في ضرورة التمويل الإضافي، وفقاً لأحد عناصر جماعات الضغط. ويعتقد آخر أن تجديد صواريخ توماهوك يتوقف على التمويل الإضافي.
وأضاف: "أعتقد أن الكثير يعتمد على ما إذا كان هناك تمويل إضافي".
وتأتي الضربات التي تقودها الولايات المتحدة في الوقت الذي خفض فيه البنتاجون، بعض التمويل للقيادة المركزية الأميركية وقيادة العمليات الخاصة، والتي حظيت بالجزء الأكبر من اهتمام وزارة الدفاع على مدى العقدين الماضيين.
وقال عضو ثالث في جماعة ضغط، إن هذه القيادات أصبحت المتضررة من ذلك، إذ تحاول إدارة الرئيس جو بايدن، حشد الأسلحة والقوى العاملة لردع الصين.
وأضاف: "تحت هذا الافتراض الخاطئ أن عمليات مكافحة التمرد انتهت، وأن المال يجب أن يذهب إلى مواجهة الصين. حسناً، العدو لديه صوت".
تأتي هذه التطورات في الشرق الأوسط في وقت دعا فيه السيناتور دان سوليفان (جمهوري من ألاسكا) المشرعين والبيت الأبيض للاتفاق على "زيادة كبيرة" في تمويل الذخائر من صواريخ "توماهوك" و"نيفل سترايك ميسيلز" و"هاربون".
وقال سوليفان، وهو عضو بارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في مقابلة: "هذه الأنواع من أنظمة الأسلحة حاسمة في كل مكان، وتايوان على وجه الخصوص".
لكن تكلفة الأسلحة تحفز بعض المشرعين على الخروج بأفكار إبداعية. حتى أن أعضاء لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ من الحزبين يناقشون الليزر الذي يختبره الجيش كوسيلة لتدمير الطائرات المسيرة والصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون كجزء من برنامج نظام الدفاع الجوي قصير المدى SHORAD، وفقاً لمصدرين في الكونجرس طلبا عدم كشف هويتهما.
صواريخ باهضة الثمن
رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ جاك ريد، قال في مقابلة مع "بوليتيكو": "الصواريخ التي نستخدمها هي صواريخ باهظة الثمن. إنهم يستخدمون بعض الطائرات المسيرة غير المكلفة".
وأضاف: "إذن لديك هذه المشكلة التي ستظهر.. إلى متى يمكننا الاستمرار في إطلاق صواريخ باهظة الثمن. لكن ما سنحاول القيام به هو، أولاً وقبل كل شيء، إيجاد وسائل أخرى للقضاء عليهم. وثانياً، لدينا شركاء في التحالف مثل بريطانيا، التي لديها أيضاً صواريخ".
وقالت السيناتور ديب فيشر (جمهورية من نبراسكا)، وهي أكبر جمهورية في اللجنة الفرعية للقوات الاستراتيجية للقوات المسلحة، إنها اقترحت أن ينظر البنتاجون، في مخزونه من الأسلحة التجريبية كوسيلة منخفضة التكلفة لتدمير الطائرات الحوثية المسيرة.
وأضافت فيشر: "يجب أن نعتني بمصالحنا الخاصة أيضاً. وعندما نستهلك هذه الذخائر بسرعة، ليس فقط بتوفيرها لأوكرانيا، ولكن عندما يكون معدل استخدامنا لها مرتفعاً بشكل كبير، يجب أن نقلق بشأن سلامتنا".
وكان تعزيز قاعدة الدفاع الصناعي، لتلبية الطلب السريع على الذخائر، أحد أولويات وزارة الدفاع والكونجرس مع استنزاف الولايات المتحدة لمخزوناتها من خلال تبرعها بالصواريخ وقذائف المدافع لأوكرانيا.
ويتضمن طلب ميزانية البنتاجون المالية لعام 2024، بنداً تسعى فيه وزارة الدفاع الأميركية إلى الحصول على أول سلطة على الإطلاق لتوقيع عقود متعددة السنوات لسبعة صواريخ مختلفة. لكن لا تزال هناك تساؤلات في الكابيتول (الكونجرس) بشأن ما إذا كانت الخطة الطموحة يمكن أن تلبي بسرعة احتياجات الجيش الأميركي وسط حرب روسيا في أوكرانيا والصراع المتصاعد في الشرق الأوسط والاندفاع لتسليح تايوان.
وقال النائب روب ويتمان (جمهوري من ولاية فرجينيا)، والذي يرأس لجنة القوات الجوية والبرية التكتيكية للقوات المسلحة في مجلس النواب، إن القضية تتجاوز مجرد توماهوك.
وأضاف: "الأمر لا يقتصر على صواريخ توماهوك فحسب، بل صواريخ ستاندارد أيضاً و"إم كي 48" و"إم كي 54"، لأنه كانت هناك دائماً مشكلة أيضاً في مخزون الطوربيدات. لذلك أعتقد أن البحرية بحاجة إلى إجراء تقييم كامل لعمق مخزن أسلحتها، وبعد ذلك، إلى أين نحتاج أن نذهب إجمالا؟".