تعوق صعوبة العثور على البارود مساعي دول أوروبية لتوفير مئات الآلاف من القذائف، لجهود أوكرانيا الحربية في مواجهة روسيا.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين الماضي، بعد اجتماع لحلفاء كييف في باريس: "أصبحنا جميعاً ندرك ضرورة مواجهة ندرة بعض المكوّنات، وخصوصاً البارود... البارود هو حقاً ما نفتقر إليه اليوم".
ويدخل البارود في حشوات المدفعية، مثل المقذوفات من عيار 155 ملم التي يستخدمها حلف شمال الأطلسي في العديد من الأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا، والتي يصل مداها إلى عشرات الكيلومترات.
وقال خبير الذخائر في جامعة القوات المسلّحة الألمانية في ميونيخ يوهان هوشيرل، إنّ "القذيفة المدفعية المتفجّرة البسيطة تتكوّن من ثلاثة أجزاء، وتحتوي على غلاف فولاذي وعبوة رئيسية شديدة الانفجار وجهاز تفجير"، عادة ما يتمّ ضبطه لإحداث الانفجار عند الاصطدام.
وأوضح هوشيرل أنّه في حين لا يزال يُشار إلى الوقود الدافع باسم البارود "إلّا أنّه لم يعد مسحوقاً على الإطلاق، لأنّه يتكوّن من قضبان أو كريات".
"قطن البارود"
وقال جان بول مولني، نائب مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، إنّ أوروبا لديها عدد قليل جداً من منتجي البرود، ومن الشركات المنتجة "يورنكو" التي تمتلك مصانع في فرنسا وبلجيكا والسويد، وشركة "نيتروكيمي" التي تملك غالبيتها شركة "راينميتال" المالكة لمصانع في ألمانيا وسويسرا.
وأشار مولني، إلى أنّه في ظلّ سعي العديد من الدول لإعادة الإنتاج إلى أوروبا، فإنّ فرنسا "بصدد نقل جزء من إنتاج يورنكو إلى بورجيه" على بعد حوالى 200 كيلومتر جنوب فرنسا، غير أنهّ لفت إلى أنّ "السؤال الأهم يتعلّق بكمية الإنتاج".
من جهته، قال مفوّض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، للصحافيين في باريس، الجمعة، إنّ التكتل يواجه أيضاً تحدّيات في العثور على المواد الخام للبارود، مضيفاً: "لصناعة البارود، تحتاج إلى نوع معيّن من القطن، الذي يأتي معظمه من الصين".
ويعد النيتروسليلوز المعروف أيضاً باسم "قطن البارود"، عنصراً رئيسياً في صناعة البارود، وفي هذا السياق، تساءل بريتون: "هل تعلم أنّ شحنات هذا القطن من الصين توقّفت... قبل بضعة أشهر".
وفي السنوات الأخيرة، عزّزت الصين وروسيا التعاون الاقتصادي والاتصالات الدبلوماسية بينهما، فيما أصبحت شراكتهما الاستراتيجية أقرب منذ الحرب في أوكرانيا.
وأعلن نائب وزير الخارجية الصيني سون وي دونج، خلال زيارته روسيا، الأسبوع الماضي، أنّ العلاقات "تمرّ بأفضل فتراتها التاريخية".
من جهته، قال بريتون إنّ "دول الشمال وجدت بديلاً للقطن الصيني"، مضيفاً أنّ "الابتكار قيد التنفيذ، لتلبية الحاجة إلى البارود".
وأشار إلى أنّ الشركات التي تنتج المكوّنات البديلة للبارود ستكون من بين الشركات التي سيتمّ اختيارها للحصول على المنح بموجب قانون الاتحاد الأوروبي لدعم إنتاج الذخيرة، الذي سيتمّ الإعلان عنه الأسبوع المقبل.
تعزيز إنتاج قذائف المدفعية
وتوقّع بريتون أنّ تؤدي جهود الاتحاد الأوروبي لتعزيز إنتاج قذائف المدفعية إلى رفع الطاقة الإنتاجية السنوية للتكتل إلى ما بين 1.5 مليون و1.7 مليون بحلول نهاية هذا العام.
من جهته، قال جان بول مولني، نائب مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، إنّ "الجميع يضعون أنفسهم في وضع يسمح لهم بالتصنيع على نطاق أوسع بكثير".
وأضاف: "في الوقت الحالي، يعاني الأوكرانيون من نقص في القذائف... الروس ليس لديهم نقص منذ أن حصلوا على مخزون من الكوريين الشماليين، لكنّ هذا قد يحدث في الأشهر المقبلة".
وتابع مولني: "لم يكن أحد مستعداً لصراع حادّ بهذا الشكل، حيث يوجد استهلاك هائل للمعدّات العسكرية.. لم نشهد حرباً كهذه منذ الحرب العالمية الثانية".