بعد انتظار وترقب عالمي لحوالي أسبوعين، أعلنت إيران أخيراً، السبت، شن هجوم على إسرائيل بعشرات المسيرات والصواريخ، رداً على قصف قنصليتها في دمشق مطلع أبريل الحالي، ومصرع عدد من ضباطها رفيعي المستوى.
وكانت المسيّرات من بين السيناريوهات الأكثر ترجيحاً للهجوم الإيراني المباشر الأول من نوعه على إسرائيل، لا سيما أن برنامج مسيّرات طهران شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة.
وبرز ذلك في استخدام طرازات متنوعة بعدد من مناطق النزاع حول العالم، إذ دفع انخفاض التكلفة والفعالية الكبيرة إلى اقتناء طائرات بدون طيار تصنعها طهران من قبل دول حليفة على غرار روسيا، إلى جانب تزويد الجماعات الموالية لها في المنطقة كالحوثيين في اليمن وبعض الفصائل العراقية.
وبحلول عام 2024 كان المجمع الصناعي العسكري الإيراني، أنتج آلاف الطائرات بدون طيار المتقدمة المُستخدمة في عمليات المراقبة والاستطلاع والقتال ضد القوات الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأصبحت هذه الطائرات المسيّرة من أهم أصول ما يُسمى "محور المقاومة" المدعوم من إيران، وهي شبكة من الجماعات المسلحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتُعتبر واحدة من أكبر التهديدات التي تواجه خصوم طهران الإقليميين.
ومن أبرز الأحداث التي شكلت نقطة تحول في استخدام هذه الأسلحة، الهجوم الذي شنّته فصائل عراقية موالية لطهران، بمسيّرة إيرانية الصُنع على "البرج 22" وهو موقع أميركي في الأردن على طول الحدود العراقية والسورية في 28 يناير الماضي، وأسفر عن سقوط 3 جنود أميركيين وإصابة أكثر من 40 آخرين، وفي الشهر نفسه أطلق الحوثيون 18 طائرة مُسيَرة إيرانية الصُنع على سفن في البحر الأحمر.
ولم تكن هذه الهجمات الأولى التي تُستخدم فيها مسيّرات إيرانية، ففي سبتمبر 2019، هاجمت طائرات بدون طيار وصواريخ كروز أُطلقت من طهران أكبر منشأة للنفط في السعودية، ما أدى إلى توقف ما يقارب نصف إنتاج المملكة من النفط بشكل مؤقت.
وخلال 2021 و2022 استخدمت الجماعات المدعومة من إيران هذه المسيّرات في 20% على الأقل من هجماتها ضد أهداف عسكرية ودبلوماسية أميركية في العراق وسوريا، كما زادت هجمات الطائرات بدون طيار على أهداف في دمشق وبغداد وعمَّان مرة أخرى بعد اندلاع الحرب بين حركة "حماس" وإسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
وبدايةً من عام 2022، زودت إيران روسيا، بالمئات من هذه الطائرات المسيّرة، والتي تم استخدامها ضد أهداف مدنية وعسكرية في أوكرانيا، ثم سرعان ما أنشأت موسكو مصانعها الخاصة لإنتاج نماذج مشابهة للطائرات بدون طيار الإيرانية.
وفي ورقة بحثية لـ"معهد واشنطن" نُشرت خلال فبراير 2023، كتب قائد القيادة المركزية الأميركية السابق الجنرال كينيث إف ماكينزي جونيور، أن "الطائرات المسيّرة تُشكل التهديد الأكثر إلحاحاً لأمن الشرق الأوسط بسبب تكلفتها المنخفضة، وتوافرها على نطاق واسع، فضلاً عن إمكانية إنكار استخدامها، إذ يُمكن إخفاء نقطة انطلاقها من خلال استخدام مسار طيران معقد"، محذراً من أن هذه التكنولوجيا تُمثل نقطة تحول في الحرب الجوية، وتشبه بدء الطيران المأهول منذ أكثر من قرن من الزمان.
الطائرات الانتحارية
في ظل تنامي قدرات الطائرات بدون طيار، كان لإيران بصمة مميزة في المسيّرات من الطرازات الانتحارية، وباتت تملك ما لا يقل عن 10 نماذج مختلفة تمتاز بقدرتها على الانفجار عند الاصطدام، ويمكن أن تكون دقيقة في إصابة أهدافها مثل الصواريخ الباليستية، لكنها تحتاج إلى الطيران على ارتفاع منخفض لتفادي الرادارات.
وتحمل النماذج الأصغر حجماً منها، مثل "شاهد 136"، أقل من 45 كيلوجراماً من المتفجرات، فيما يحمل أحد أصغر النماذج وهو "معراج 521" ما يصل إلى 3 كيلوجرامات فقط من المتفجرات، من نقاط ضعف بعض هذه المسيّرات أنها بطيئة، وبالتالي يسهل إسقاطها بالمدافع أو الصواريخ المضادة للطائرات.
كما يصل أقل مدى للمسيّرات الإيرانية الانتحارية إلى 5 كيلومترات، في حين يصل أكبر مدى إلى 2500 كيلومتر، ويمكن لأكبر الأحجام من هذه المسيّرات، مثل مجموعة "آرش" أن تحمل ما يقارب الـ 260 كيلوجراماً من المتفجرات، ويصل مداها لـ 2000 كيلومتر.
طائرات المراقبة
تمتلك إيران نماذج من طائرات بدون طيار يمكنها مهاجمة أهداف برية أو بحرية أو جوية ثم العودة إلى القاعدة مرة أخرى، ويصل مدى الإصدارات الأكبر حجماً منها، مثل "شاهد-149"، إلى 2000 كيلومتر، ويمكنها حمل ما يصل إلى 500 كيلوجرام من الذخائر أو المعدات الإلكترونية.
وتتمتع معظم الطائرات بدون طيار القتالية الإيرانية، بما في ذلك النماذج طويلة المدى، بقدرات مراقبة أيضاً، وتتراوح مهامها من التقاط الصور ولقطات الفيديو إلى تحديد الأهداف لطائرات التفجير أو المقاتلات الأخرى، ولديها أيضاً طرازات أصغر حجماً للمراقبة فقط، مثل "هدهد-1"، والتي يصل مداها إلى 30 كيلومتراً، ويمكنها البقاء في الجو لمدة ساعة أو ساعتين فقط في المرة الواحدة.
واللافت في برنامج المسيّرات الإيراني أن العديد من نماذجه اعتمدت في تصميمها على طائرات بدون طيار أميركية تم الاستيلاء عليها سابقاً، بما في ذلك طائرات "بريداتور"، و"ريبر"، و"سنتينل"، و"سكان إيجل 5"، إضافة إلى طائرة "هيرميس" الإسرائيلية بدون طيار، إذ قامت طهران بتقليد أشكال هذه الطائرات، لكنها لم تقم بنسخ جميع الأجهزة الإلكترونية المتطورة الموجودة على متنها، ومع ذلك نجحت في استيراد أجزاء مصنوعة في الولايات المتحدة، من خلال وسطاء، لاستخدامها في صناعة مسيّرات أقل تقدماً، بما في ذلك طائرة "شاهد 136".
ومنذ عام 2015، أفادت تقارير بأن إيران أطلقت طائرات بدون طيار على حقول النفط السعودية، والجماعات المنشقة في باكستان وكردستان العراق، وجماعات المعارضة في سوريا.
وفي عام 2018، زعم الحرس الثوري الإيراني أنه نفذ 700 غارة بطائرات مسيّرة ضد أهداف لتنظيم "داعش" في سوريا وحدها، كما نشرت طهران طائرات بدون طيار مسلحة خارج حدودها، وبدأت في تزويد حليفها في لبنان "حزب الله" بهذه التكنولوجيا في العقد العقدين الماضيين.
وفي عام 2004، أصبح "حزب الله" أول جهة غير حكومية في العالم تستخدم الطائرات العسكرية بدون طيار.
وفي 2006 استخدم مسيّرات بمساعدة إيران، خلال حربه مع إسرائيل التي استمرت 34 يوماً، كما قامت طهران بتزويد مسيّرات أو التكنولوجيا الخاصة بها لـ6 جماعات وكيلة أخرى و5 حكومات، تشمل روسيا، وفنزويلا، والسودان، وإثيوبيا، وطاجيكستان.
وفيما يلي قائمة بأبرز المسيّرات الإيرانية وفق دراسة نشرها معهد الولايات المتحدة للسلام.
"أبابيل-2"
تم الكشف عنها عام 1999، وهي تحت إمرة الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية، وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو مهام الاستخبارات أو المراقبة أو التدريب. وتستطيع التحليق لمسافة 120 كيلومتراً لمدة ساعتين، ويُمكنها حمل ما يصل إلى 40 كيلوجراماً من المتفجرات.
وتم تقديم أعداد قليلة من هذا الطراز إلى "حزب الله" في لبنان في العقد الأول من القرن الحالي، وإلى الحوثيين في اليمن بدءاً من عام 2016، وإلى "حماس" في قطاع غزة منذ 2021.
وتشمل طائرة الاستهداف "أبابيل-بي"، والاستطلاع "أبابيل-إس".
وفي 17 مايو 2022، كشفت وكالة "إرنا" الإيرانية للأنباء، عن افتتاح مصنع لإنتاج مُسيرات من طراز "أبابيل 2" في طاجيكستان، بحضور رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري، ووزير دفاع طاجيكستان شير علي ميرزا.
"أبابيل-3"
تم الكشف عنها عام 2010، وهي كذلك تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني والقوات المسلحة الإيرانية. وتشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة. وتطير إلى مسافة تتراوح بين 100 إلى 250 كيلومتراً.
ويمكن أن تحمل المسيّرة "أبابيل-3" قنبلتين دقيقتي التوجيه، يبلغ وزنهما الإجمالي 2.4 كيلوجرام، ويصل مداهما إلى 6 كيلومترات، أو قد تحمل صواريخ موجهة مضادة للدبابات يصل مداها إلى 8 كيلومترات.
كما تم تصديرها بأعداد قليلة إلى السودان منذ 2008، وكذلك زودت بها إيران الجماعة الموالية لها في العراق منذ 2015. وبحلول عام 2022، كانت إيران تستخدم "أبابيل-4" في التدريبات العسكرية، لكنها لم تنشر سوى القليل من المعلومات حولها.
"أبابيل-5"
تم الكشف عنها عام 2022، وهي تحت إمرة القوات المسلحة للبلاد. وتشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية)، أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة تُقدر بحوالي 480 كيلومتراً. ويمكن أن تحمل 4 صواريخ موجهة مضادة للدبابات يصل مداها إلى 8 كيلومترات أو 6 قنابل دقيقة التوجيه تزن 2.4 كيلوجرام ويصل مداها إلى 6 كيلومترات.
"آرش"
تم الكشف عنها عام 2019، وهي تحت إمرة القوات المسلحة الإيرانية. وتشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية). وتطير إلى مسافة تقدر بحوالي 2000 كيلومتر. ويمكن أن تحمل 30 كيلوجراماً من المتفجرات. وتصل مدة تحليقها إلى 8.5 ساعات.
"فطرس"
تم الكشف عنها عام 2020، وهي مسيّرة إيرانية تحت إمرة الحرس الثوري. وتشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة من 1700 إلى 2000 كيلومتر. ويمكن أن تحمل 6 صواريخ مضادة للدبابات، ويصل مداها إلى 10 كيلومترات، أو بإمكانها حمل 4 صواريخ مضادة للدبابات وقنبلتين دقيقتين التوجيه تزن 2.4 كيلوجرامات، ويصل مداها إلى 6 كيلومترات.
وتصل مدة تحليقها إلى 30 ساعة.
"حماسة" (أو ملحمة)
تم الكشف عنها عام 2013، وهي تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني. وتشارك هذه المسيّرة في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة تقدر بحوالي 200 كيلومتر. ويمكن أن تحمل الصواريخ أو القذائف. وتبلغ مدة تحليقها القصوى 11 ساعة.
"كامان-12"
تم الكشف عنها عام 2019، وهي تحت إمرة القوات المسلحة الإيرانية. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة تقدر بحوالي 1000 كيلومتر. ويمكن أن تحمل صواريخ يصل مداها إلى 30 كيلومتراً أو 4 قنابل دقيقة التوجيه تزن كل منها 22 كيلوجراماً.
ومدة طيرانها تتراوح بين 10 و12 ساعة.
"كامان-22"
تم الكشف عنها عام 2021، وهي تحت إمرة القوات المسلحة الإيرانية. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة تصل إلى 3 آلاف كيلومتر. ويمكنها حمل 4 صواريخ دقيقة التوجيه، أو قنبلتين غير موجهتين، أو ذخائر أخرى يصل وزنها إلى 300 كيلوجرام.
وتصل مدة طيرانها إلى 24 ساعة.
"كرار"
تم الكشف عنها عام 2010، وهي تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة من 700 إلى 1000 كيلومتر. ويمكن أن تحمل قنبلة تزن 250 كيلوجراماً، أو قنبلتين أصغر حجماً بنفس الوزن الإجمالي، أو 4 صواريخ كروز مضادة للسفن يصل مداها إلى 25 كيلومتراً، أو صواريخ ماجد (جو-جو) بمدى يصل إلى 8 كيلومترات.
ويمكن أن تصل مدة طيرانها إلى أكثر من ساعتين.
"كيان"
تم الكشف عنها عام 2015، وهي تحت إمرة القوات المسلحة الإيرانية. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة 1000 كيلومتر. ويمكن أن تحمل ما يصل إلى 30 كيلوجراماً من المتفجرات.
"معراج-521"
تم الكشف عنها عام 2022، وهي تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة 5 كيلومترات. ويمكن أن تحمل 3 كيلوجرامات من المتفجرات.
وتصل مدة طيران هذه المسيّرة إلى 15 دقيقة.
"مهاجر-2"
تم الكشف عنها عام 1996، وهي تحت إمرة الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة من 50 إلى 150 كيلومتر. ويمكن أن تحمل القذائف صاروخية الدفع (RPGs).
وتتراوح مدة الطيران من 1.5 ساعة إلى 6 ساعات حسب النوع.
"مهاجر-4"
تم الكشف عنها عام 1997، وهي تحت إمرة الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة.
وتطير إلى مسافة 150 كيلومتر. ويمكن أن تحمل 4 صواريخ (جو-جو) أو صواريخ غير موجهة.
وتتراوح مدة الطيران من 3 إلى 7 ساعات.
وتم تزويد حزب الله بأعداد قليلة منها في لبنان وسوريا خلال العقد الأول من القرن الحالي.
"مهاجر-6"
تم الكشف عنها عام 2017، وهي تحت إمرة الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة. وتطير إلى مسافة 150 كيلومتر. ويمكن أن تحمل الصواريخ قصيرة المدى التي يمكنها ضرب أهداف على مسافة 6 كيلومترات، أو القنابل دقيقة التوجيه التي يصل وزنها إلى 150 كيلوجراماً، ويمكنها ضرب أهداف على مسافة 20 كيلومتراً.
وتصل مدة الطيران من 6 إلى 12 ساعة.
يتم تصديرها بأعداد قليلة إلى فنزويلا وإثيوبيا منذ عام 2021، كما تم تصدير عدد غير معروف منها إلى روسيا في 2022، وعدد غير معروف أيضاً إلى السودان مطلع 2024.
"مهاجر-10"
تم الكشف عنها أواخر عام 2023، وهي تحت إمرة الحرس الثوري والقوات المسلحة الإيرانية. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة. ويُقال إنها قادرة على الوصول إلى إسرائيل، أو لمسافة تقارب الـ 1800 كيلومتر. ويمكنها حمل ما يصل إلى 300 كيلوجرام من المتفجرات.
وتصل مدة الطيران إلى 24 ساعة.
"شاهد-129"
تم الكشف عنها عام 2012، وهي تحت إمرة الحرس الثوري. وتُشارك هذه المسيّرة في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة. وتطير إلى مسافة تتراوح بين 1700 و2000 كيلومتر. ويمكن أن تحمل ذخيرتين على الأقل، مثل القنابل الانزلاقية دقيقة التوجيه، والتي تزن كل منها 34 كيلوجراماً.
وتصل مدة الطيران إلى 24 ساعة.
كما تم تصدير مسيّرات مماثلة لـ"شاهد-129" بأعداد قليلة إلى حزب الله اللبناني في وقت مبكر من عام 2012 وفي 2016.
"شاهد-136"
تم الكشف عنها عام 2021، وهي تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة. وتطير إلى مسافة من 1300 إلى 2500 كيلومتر. ويمكن أن تحمل رأساً حربياً بوزن 40 كيلوجراماً.
وتصل مدة طيرانها إلى 40 دقيقة.
وتم تصدير الآلاف من هذه المسيّرة إلى روسيا في الفترة بين عامي 2022 وأوائل عام 2024.
"شاهد-149" أو "غزة"
تم الكشف عنها عام 2021، وهي تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني. وتُشارك في المهام القتالية (بما في ذلك العمليات الانتحارية) أو عمليات الاستخبارات أو المراقبة. وتطير إلى مسافة 2000 كيلومتر. ويمكنها حمل ما يصل إلى 13 قنبلة أو صاروخاً يصل وزن كل منها إلى 34 كيلوجراماً.
وتصل مدة طيران هذه المسيّرة إلى 35 ساعة.
تاريخ المُسيّرات الإيرانية
طوّرت طهران الطائرات بدون طيار لأول مرة خلال حربها مع العراق بين عامي 1980 و1988، إذ استطاع الجيش العراقي إسقاط العديد من المقاتلات أميركية الصُنع التي (كانت إيران تحتفظ بها منذ عهد الشاه الذي جمعته علاقات جيدة بواشنطن)، كما أصبح الحصول على قطع الغيار اللازمة لصيانتها أكثر صعوبة، بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، ومع استمرار الحرب، لجأت إيران إلى الطائرات بدون طيار كبدائل للطائرات المأهولة.
وكانت النماذج الإيرانية المبكرة تعمل بتكنولوجيا قديمة للغاية، إذ احتوت أولى المسيّرات "مهاجر-1" على كاميرا واحدة فقط للمراقبة، وكانت أجهزة الاتصال الخاصة بها اللازمة للتواصل مع المشغلين على الأرض تُشبه أجهزة الهواة التي يمكن التشويش عليها بسهولة، وبالتالي تعطيلها، من قبل القوات العراقية، لكن بعد انتهاء الحرب بسنوات، قامت طهران بتركيب أنظمة ملاحية أكثر تطوراً تستخدم نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وكاميرات عالية الدقة ذات نطاقات أطول.
وفي العقد الأول من القرن الحالي، طورت طهران طائرات بدون طيار ذات مدى أطول يُمكنها حمل قنابل وصواريخ، وفي عام 2012، كان بإمكان الطائرة "شاهد-129" الجديدة في ذلك الوقت الطيران لمدة تصل إلى 24 ساعة بمدى يصل إلى 1700 كيلومتر، وكانت بحجم المسيّرة الأميركية من طراز "بريداتور"، وتمتعت كذلك الأمر بقدرات مماثلة.
وتمكنت النسخ اللاحقة من المسيّرة الإيرانية من حمل ما يصل إلى 8 صواريخ أو قنابل دقيقة التوجيه، وأصبحت "شاهد-129" هي العمود الفقري لأسطول الطائرات بدون طيار الإيراني، وفي العام 2014، ذكرت تقارير أن طهران زوّدت قواتها في سوريا بهذه المسيّرة لاستخدامها ضد المتمردين وتنظيم "داعش".
جيل جديد من المسيّرات
في أوائل عام 2020، طوّرت إيران جيلاً جديداً من الطائرات الانتحارية بدون طيار التي تتمتع بمزايا تتفوق على الصواريخ الباليستية التي لها نطاقات مماثلة، لكنها أكثر تكلفة، فقد بلغت تكلفة المسيّرة الواحدة من "شاهد-136"، 20 ألف دولار، بينما بلغت تكلفة صاروخ "كاليبر" الروسي، مليون دولار.
كما كانت هذه المسيّرات أكثر قابلية للتنقل، إذ يمكن إطلاق "أرش"، التي يبلغ طولها حوالي 10 أقدام، من سيارة عادية، ولذلك فإن تهريب أجزائها كان أسهل، فضلاً عن أن اكتشاف الطائرات الانتحارية بدون طيار عادةً ما يكون أصعب من اكتشاف الصواريخ الباليستية، سواء بالعين المجردة أو بالرادارات، إضافة إلى أنها لا تنتج بصمات حرارية عالية، مما يجعل تعقبها بواسطة الأقمار الصناعية أصعب من تعقب الصواريخ الباليستية.
لكن حمولات المسيّرات الانتحارية عادةً ما تكون أصغر من الصواريخ الباليستية، إذ يمكن لـ "شاهد-136" أن تحمل رأساً حربياً يزن 40 كيلوجراماً، بينما تحمل العديد من الصواريخ الباليستية الإيرانية رؤوساً حربية تزن أكثر من 550 كيلوجراماً.
وفي سبتمبر 2019، أظهرت إيران دقة بالغة عندما ضربت 20 من 14 صهريج تخزين و3 قطارات لمعالجة النفط في حقول بمحافظة بقيق شرقي السعودية، وقد حذرت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية في 2019 من أن "المسيّرات هي القدرة الجوية الأسرع تقدماً لدى طهران".