تطوير علاج للسرطان يهاجم البروتينات المسببة للمرض بدقة

time reading iconدقائق القراءة - 5
طبيب أميركي يشرح لمتعافٍ من السرطان الفرق بين صورتي أشعة تظهر الأورام السرطانية قبل وبعد العلاج، 8 فبراير 2018 - AFP
طبيب أميركي يشرح لمتعافٍ من السرطان الفرق بين صورتي أشعة تظهر الأورام السرطانية قبل وبعد العلاج، 8 فبراير 2018 - AFP
القاهرة -محمد منصور

طوَّر باحثون بمركز "بيرلماتر" للسرطان التابع لجامعة نيويورك، علاجاً جديداً، يقوم على تطوير أول جزيئات مستهدفة للبروتينات المسببة لمرض السرطان، باستخدام تقنيات الهندسة البروتينية.

وأظهرت نتائج البحث المنشورة في مجلة Nature Chemical Biology، القدرة على استهداف بروتين HER2 المتحوّر، المسبب لعدة أنواع من مرض السرطان، دون التأثير على البروتين الطبيعي الموجود في الخلايا السليمة.

وبروتين HER2 مستقبل موجود على سطح العديد من الخلايا، وخاصة خلايا الثدي.

علاج جديد للسرطان

ويلعب بروتين HER2 دوراً حيوياً في نمو الخلايا وتكاثرها، وعندما تحدث طفرة في هذا البروتين، أو زيادة في نسخته، يمكن أن يؤدي ذلك إلى نمو غير منضبط للخلايا، مما يسبب أنواعاً معينة من السرطان، مثل سرطان الثدي.

ولهذا السبب، يعتبر بروتين HER2 هدفاً رئيسياً للعلاجات المستهدفة للسرطان، إذ تسعى هذه العلاجات إلى تثبيط نشاط هذا البروتين، أو منع تفاعله مع الجزيئات الأخرى التي تحفز نمو الخلايا السرطانية.

ويقول الباحثون إن أحد التحديات الكبرى في استهداف بروتينات HER2 المسببة للسرطان هو التشابه الكبير بين النسخة المتحوّرة، والنسخة الطبيعية من البروتين، مما يجعل استهداف البروتينات المتحوّرة دون إلحاق الضرر بالخلايا السليمة أمراً معقداً، وهو ما تجاوزه الفريق البحثي هذه المرة.

نجح فريق البحث، بقيادة الدكتور شوهِي كودِي، الأستاذ في قسم الكيمياء الحيوية وعلم الأدوية الجزيئي في كلية الطب بجامعة نيويورك، في تطوير جسم مضاد قادر على التفريق بين النسخة المتحوّرة، والطبيعية من بروتين HER2 بشكل دقيق.

ويقول كودِي، في تصريحات، نقلها بيان صحافي للجامعة: "هدفنا كان صنع جسمٍ مضادٍ يمكنه التعرف على اختلاف واحد في 600 حمض أميني، وهو ما كان يعتبر تحدياً كبيراً، لكن النجاح في اكتشاف هذا الفرق بدقة بالغة كان مفاجأة لنا".

سبب الإصابة بالسرطان

بروتين HER2، الموجود على أسطح العديد من أنواع الخلايا، يلعب دوراً حيوياً في تفعيل مسارات إشارات تتحكم في نمو الخلايا.

وعند حدوث طفرة في حمض أميني واحد في هذا البروتين، يتحول إلى وضع نشط دائماً، مما يؤدي إلى انقسام الخلايا بشكل غير منضبط، وبالتالي الإصابة بالسرطان. 

كما يمكن أن يحدث السرطان أيضاً عند وجود نسخ زائدة من الحمض النووي المسؤول عن إنتاج HER2، مما يؤدي إلى زيادة مستويات البروتين على سطح الخلايا.

وتستهدف العلاجات المتاحة حالياً، مثل "تراستوزوماب"، و"برتووزوماب"، البروتين الموجود على سطح الخلايا، إلا أنها لا تستطيع التمييز بين النسخة المتحوّرة والطبيعية من HER2، مما يزيد من احتمالية التأثير بشكل سلبي وخطير على الخلايا السليمة.

تقنيات الهندسة البروتينية

لكن النظام الجديد، الذي طوَّره الباحثون يعتمد على استخدام تقنيات الهندسة البروتينية، لتطوير أجسام مضادة قادرة على استهداف النسخة المتحوّرة فقط من البروتين.

وطوَّر الباحثون الأجسام المضادة باستخدام تقنيات تطور مشابهة لتطور الأجسام المضادة الطبيعية، إذ خضعت هذه الأجسام المضادة لعدة جولات من التعديل والانتقاء، لاكتشاف المتغيرات التي يمكنها استهداف HER2 المتحوّر فقط دون الطبيعي. 

وتمكن الفريق من الحصول على صور باستخدام المجهر الإلكتروني، مما ساعدهم على تحسين تصميمات الأجسام المضادة باستمرار.

لم يكن التعرف الانتقائي على HER2 المتحوّر فقط كافياً لتطوير علاج فعَّال، إذ تحتاج الأجسام المضادة إلى التعاون مع الجهاز المناعي للقضاء على الخلايا السرطانية.

وكان التحدي الأساسي يتمثل في وجود عددٍ قليل من جزيئات HER2 المتحوّرة على سطح الخلايا السرطانية، مما يقلل من فعالية الأجسام المضادة في استهداف الخلايا.

لمواجهة هذا التحدي، حوَّل الباحثون الجسم المضاد إلى جزيء مزدوج الارتباط بخلايا تائية مناعية، وتم دمج الجسم المضاد المستهدف لـ HER2 المتحوّر بجسم مضاد آخر ينشط خلايا T المناعية، ويعمل هذا الجزيء على ربط طرف الجسم المضاد بـ HER2 المتحوّر على الخلية السرطانية، بينما يحفز الطرف الآخر الخلايا التائية للقضاء على الخلية السرطانية.

القضاء على الخلايا السرطانية

وأظهرت الاختبارات الأولية أن هذه الطريقة نجحت في القضاء على الخلايا السرطانية التي تحتوي على HER2 المتحور في المختبر، دون التأثير على الخلايا الطبيعية.

وعندما تم اختبار الجزيئات في الفئران التي تحمل أوراماً تحتوي على HER2 المتحوّر، أظهرت النتائج تقليصاً كبيراً في حجم الأورام، دون ظهور أي آثار جانبية كبيرة على الفئران، مثل فقدان الوزن، أو أعراض مرضية ظاهرة.

ورغم أن النتائج الأولية واعدة، يشير الباحثون إلى أن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لتطوير هذا العلاج، وإتاحته للاستخدام السريري، كما يخطط الفريق لتطبيق نفس التقنية على بروتينات متحوّرة أخرى تسبب السرطان.

تصنيفات

قصص قد تهمك