اكتشف باحثون من مركز تافتس الطبي بولاية بوسطن الأميركية، طريقة جديدة لرصد نشاط الدماغ للمصابين بالفصام، ما يمهد الطريق لفحص بيولوجي جديد لقياس قدرة المريض على التعامل مع المعلومات المتناقضة.
أظهرت الدراسة، المنشورة في "Cell Reports Medicine"، أن المصابين بالفصام يُظهرون نمطاً عصبياً فريداً عند اتخاذ قرارات بناءً على معلومات متضاربة، مما يقدم طريقة موضوعية لقياس ما يُعرف بـ"الجمود الفكري" المرتبط بالمرض.
ولعقود، عرف العلماء أن الأعراض الكلاسيكية للفصام، مثل صعوبة اتخاذ القرارات، أو عدم القدرة على التكيف مع المعلومات الجديدة، تعود إلى ضعف الاتصال بين القشرة الدماغية والمهاد الذي يعمل كمحور مركزي في الدماغ.
الفصام واتخاذ القرارات
واستناداً إلى بيانات من دراسات أجريت على الحيوانات، استنتج الباحثون أن الفصام يمكن أن يعطل القدرة على تقييم المعلومات المعقدة، والمرتبطة بالصراع بين الأولويات.
شارك في الدراسة نحو 40 شخصاً، منهم أفراد يتمتعون بصحة عقلية وأفراد مصابون بالفصام، وطُلب من المشاركين تحديد موقع هدف معين استناداً إلى تسلسل من الإشارات، بعضها كان متضارباً.
وأظهرت النتائج أن الأفراد الأصحاء تمكنوا من الأداء بشكل جيد، حتى مع وجود تباين عالٍ في المعلومات، بينما تراجع أداء المصابين بالفصام، وارتكبوا أخطاء عديدة عند مواجهة مستويات متوسطة من التضارب.
الفصام وأداء المهام
أوضحت نتائج الدراسة أن الأشخاص المصابين بالفصام يُظهرون حساسية مفرطة تجاه "الضوضاء الحسية"، ما يعني أن قدرتهم على أداء المهام تتدهور مع زيادة التناقض في المعلومات.
وعند قياس نشاط الدماغ لديهم، لاحظ العلماء وجود خلل في الاتصال بين القشرة الدماغية الأمامية والمهاد، مما يُضعف قدرة الدماغ على معالجة المعلومات المتناقضة.
ويعمل الفريق الآن على توسيع دراستهم لتشمل مجموعة أكبر من المشاركين، ويخططون لتطبيق مهام هرمية تركز على تقييم المرونة المعرفية، مثل القدرة على التكيف مع التجارب المتباينة التي تتطلب تفسيراً متعدد المستويات.
يهدف هذا التوسع إلى تعزيز دقة التشخيص، وتطوير أدوات جديدة لقياس استجابة المرضى للعلاج.
علاج الفصام
بحسب منظمة الصحة العالمية، يؤثر الفصام على ما يقرب من 24 مليون شخص، أو 1 من كل 300 شخص (0.32%) في جميع أنحاء العالم.
ورغم أن المرض ليس شائعاً مثل العديد من الاضطرابات العقلية الأخرى، إلا أنه يرتبط بمجموعة من الأعراض الأكثر خطورة، والضعف الشديد في المجالات الشخصية، والعائلية، والاجتماعية، والتعليمية، والمهنية، وغيرها.
وغالباً ما يظهر مرض الفصام في أواخر فترة المراهقة، والعشرينيات، ويميل ظهور المرض إلى الحدوث مبكراً بين الرجال مقارنة بالنساء، ولا تُعرف على وجه الدقة أسباب الإصابة بالفصام، كما لا يوجد علاج شافٍ لمرض الفصام، رغم وجود أدوية يُمكن أن تساعد على إدارة الحالة.
ومنذ تقديم أول دواء مضاد للذهان في الخمسينيات من القرن العشرين، تعمل الأدوية اللاحقة لعلاج الذهان على نفس المادة الكيميائية التي تساعد الدماغ على التواصل مع بقية الجسم: الدوبامين.
وفي سبتمبر، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على دواء جديد لعلاج الفصام لدى البالغين، يأتي في صورة كبسولات تؤخذ عن طريق الفم، تحمل اسم: Cobenfy.
ويوصف العقار بأنه أول مضاد للذهان معتمد لعلاج الفصام، يستهدف مستقبلات الكولين بدلاً من مستقبلات الدوبامين، وهو المعيار المستخدم منذ فترة طويلة في العلاج، وفق موقع إدارة الغذاء والدواء الأميركية.