قال وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، الجمعة، إن معظم حالات الكوليرا التي انتشرت مؤخراً تم رصدها في المخيمات، التي يسكنها نحو مليون لاجئ سوري هربوا من الصراع الدائر في بلادهم منذ 2011.
ورصد لبنان أول إصابة بالكوليرا في مطلع أكتوبر الجاري، في أول عودة لظهور المرض البكتيري في 30 عاماً، لكنه سجل حتى الآن ما لا يقل عن 220 حالة إصابة وخمس وفيات.
وأضاف أن "جزءاً من المشكلة سببه الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ ثلاث سنوات"، لافتاً إلى أن المياه في خطوط الأنابيب العامة في لبنان، ليس فقط الموجودة في المخيمات، غير صالحة للشرب بدون معالجة.
وتابع: "في ظل استنزاف الموارد المالية للدولة بسبب الركود، فإنه لا يوجد وقود كافٍ لتشغيل محطات تنقية المياه التابعة للحكومة. المياه الراكدة تتلوث بسهولة، بينما تواجه الأسر نقصاً في الإمدادات".
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن لبنان هو الحلقة الأحدث ضمن سلسلة من التفشي بدأت في أفغانستان في يونيو الماضي، ثم امتدت إلى باكستان وإيران والعراق وسوريا، إذ سجلت الأخيرة أكثر من 13 ألف حالة مشتبه بها، و60 وفاة، حسبما ذكر مكتب منظمة "أطباء بلا حدود" في سوريا.
مياه ملوثة
ويعتمد اللاجئون السوريون في لبنان على وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية التي تقوم بنقل المياه بالشاحنات بانتظام لملء الخزانات الموجودة خارج خيامهم، فضلاً عن القيام بإفراغ حاويات الصرف الصحي.
إلا أن سكان مخيم "إدريس" في منطقة قب إلياس يقولون إن مثل تلك الخدمات "أصبحت أكثر ندرة"، ما يثير مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة.
وتم رصد 7 حالات في منطقة قب إلياس، إلا أن وزارة الصحة لم تحدد عدد السوريين من بينهم ولا المخيمات التي ظهرت فيها، في حين ترى منظمة الصحة أن مخيمات اللاجئين تعد "بيئة مثالية معرضة للخطر"، بالنظر إلى عدم توفر المياه النظيفة ولا الصرف الصحي.
في السياق، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في 14 أكتوبر الجاري، إنها ستبدأ في توصيل المزيد من المياه للمخيمات، وإقامة نقاط لغسل اليدين بالماء المعالج بالكلور، وعقد جلسات توعية.
كما قامت المنظمة في لبنان بتأمين وقود طارئ لتشغيل محطات ضخ المياه في الشمال ووقف تدفق مياه الصرف إلى الساحل، لكنها قالت إنها بحاجة إلى 29 مليون دولار لتمويل أنشطة مكافحة الكوليرا لثلاثة أشهر.
وقال معظم اللاجئين الذين تحدثت "رويترز" إليهم إنهم يشترون مياه الشرب المعبأة بأنفسهم، ولكن في ظل الارتفاع الهائل في الأسعار بسبب التضخم الهائل، قد يصبح ذلك قريباً باهظ التكلفة.
وفي هذا الصدد، قال عبد الناصر أبو بكر ممثل منظمة الصحة في لبنان، إن الكوليرا "تشكل خطراً كبيراً جداً على لبنان، ومن المرجح أن ينتقل المرض إلى دول أخرى".
وأضاف: "إنه يؤثر حالياً على المزيد من اللاجئين السوريين، لكن عاجلاً أم آجلاً سنشهد المزيد من الحالات بين اللبنانيين (...) لا أحد في مأمن، ما لم يكن الجميع في أمان".
وينتقل مرض الكوليرا عادة من خلال المياه أو الطعام أو مياه الصرف الصحي الملوثة، إذ يمكن أن يسبب إسهالاً وجفافاً شديدين، ما قد يؤدي إلى الوفاة، حال عدم وجود تدخل علاجي.