حض كبير العلماء الجديد في منظمة الصحة العالمية، جيريمي فارار، الدول على العمل المشترك في تطوير اللقاحات، وتشخيص وعلاج المسببات الأكثر خطورة للأمراض، لتجنب "الآثار العميقة" التي وقعت نتيجة عن عدم تكافؤ فرص الحصول على التدابير المضادة في ذروة أزمة فيروس كورونا.
وقال فارار في أول مقابلة صحافية منذ أن بدأ العمل قبل 3 أشهر، إنه مع استمرار معاناة النظم الصحية الوطنية على الجائحة، "يتوجب أن يكون هناك تفاهم متبادل" بين البلدان لضمان استعداد أفضل، وفق ما أوردت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وأضاف: "لا تنتظروا حدوث أزمة لإقامة أنظمة أفضل، عندما يحين موعد (الجائحة المقبلة)، ستكونون بدأتم للتو إدارة المحرك، بعد فوات الأوان".
وشدد فارار، على أن الخبراء يجب "ألا يتجاهلوا مُسببات الأمراض المعروفة لصالح المسببات المجهولة الجذابة".
وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية لديها "خارطة طريق" للبحث والتطوير مطبقة بشكل كامل لفيروسات "إيبولا" و"ماربورج" و"حمى القرم الكونغو النزفية" التي ينقلها القراد، ولكن الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهود فيما تعلق بفيروسات "زيكا" و"حمى الوادي المتصدع"، و"مُسبب الممرض إكس"، وهو مرض مُعدٍ لم يظهر بعد، لديه القدرة على التسبب في جائحة.
نقل مصانع الأدوية
كما دعا فارار إلى نقل تصنيع المستحضرات الدوائية من البلدان المكتظة بالسكان، التي "تهتم حتماً بمواطنيها أولاً"، لافتاً إلى أن دولاً أصغر مثل الدنمارك أو رواندا أو السنغال، يمكنها أن توفر (اللقاحات) لمواطنيها "في غضون أسبوع"، ثم تصدر الإنتاج الفائض "في وقت الأزمات".
ولفت فارار، إلى أن العالم يواجه عدداً من التحديات الصحية، مثل الشيخوخة، وزيادة عدد السكان المرضى، وتقلّص أعداد العاملين في قطاع الصحة، والظروف الناجمة عن تغير المناخ، وخسارة التنوع البيولوجي، والأزمات الصحية الناجمة عن الاتجاهات الاقتصادية مثل بطالة الشباب وعدم المساواة.
وقال فارار، الذي قاد على لمدة 10 سنوات، مؤسسة "ويلكوم ترست" البريطانية، وهي مؤسسة صحية عالمية رائدة: "إذا لم نتعامل مع تلك المحركات الرئيسية في القرن الحادي والعشرين، فسنواجه المزيد".
وحذّر من أن أحد المخاطر الكبيرة الأخرى، هو أن القوى العاملة الصحية كانت "على شفا الانهيار"، لافتاً إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا، التي "كانت القوى العاملة بمثابة ورقة التوت التي غطت مواطن ضعفها التشغيلية، بعد أن كانوا على استعداد لتجاوز حدود الأداء الطبيعي".
ولفت إلى أن الجدال الدائر بشأن إصلاح وتمويل قطاع الصحة، تحجب حقيقة أنه "عندما تطلب من قوى عاملة أن تتخطى وتفوق التوقعات، فإنها تنهار"، محذّراً من أن "القوى العاملة في قطاع الصحة في العالم قريبة من تلك النقطة".
أصل كورونا
وأعرب فارار عن استعداه لمناقشة جميع الفرضيات المتعلقة بأصول فيروس كورونا، بما في ذلك حادث تسرب مخبري غير متعمد من معهد علم الفيروسات في ووهان بالصين، أو انتقاله من الحيوانات التي تباع في أسواق الحيوانات الحية بالمدينة.
ووفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإن تفسيره للأدلة المتراكمة على مدى 3 سنوات أشار إلى أنه "من الواضح بشكل متزايد أن الأصل الطبيعي أكثر احتمالية".
وأضاف: "لكن لا يمكن تجاهل الجغرافيا، لا يمكنك تجاهل المركز"، في إشارة إلى التسرب المحتمل من المختبرات في ووهان.
وأبدى استعداده لمناقشة فكرة إرسال وفد جديد من منظمة الصحة العالمية إلى الصين لتتبع أصول كورونا، "إذا كان ثمة استعداد لمشاركة جميع المعلومات، ويمكن تحقيق ذلك بطريقة تسلط الضوء عليه بالفعل".
ورغم الانتقادات التي وجهت لمنظمة الصحة العالمية في وقت مبكر من الجائحة، لكونها "متساهلة للغاية" مع الصين، فقد أصبحت أكثر صراحة في دعوة بكين لمشاركة جميع بيانات فيروس كورونا ذات الصلة.
ومضى قائلاً: "ينبغي مشاركة كل (جزء) من المعلومات ومعرفة حقيقة هذا الأمر" في إشارة إلى أصول كورونا. لكنه استدرك بالقول: "لست متأكداً من أننا سنفعل".
وأكد فارار أن منظمة الصحة العالمية يجب أن تكون "قائداً" عاماً لمبادرات تحسين الصحة العالمية بدلاً من إدارتها داخل المنظمة.
واختتم فارار بالقول، إن العالم "يتقارب بعدة طرق"، بسبب مشكلات مقاومة الأدوية والأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب والسمنة، قائلاً: "المشكلات التي تؤثر على بلد ما ستؤثر بشكل متزايد على كل بلد".
اقرأ أيضاً: