اعتلال الشبكية السكري.. الأعراض والأسباب والعلاج

التحكم الجيد في داء السكري والفحص الدوري يمكنهما المساعدة

time reading iconدقائق القراءة - 10
امرأة تخضع لفحص قاع العين بجهاز تصوير الشبكية بمستشفى جامعة ليموج في فرنسا. 04 فبراير 2021 - AFP
امرأة تخضع لفحص قاع العين بجهاز تصوير الشبكية بمستشفى جامعة ليموج في فرنسا. 04 فبراير 2021 - AFP
بالتعاون مع "مايو كلينك" -الشرق

اعتلال الشبكية السكري هو أحد المضاعفات الناجمة عن الإصابة بداء السكري، التي تصيب العينين. ويحدث بسبب تلف الأوعية الدموية في النسيج الحساس للضوء الواقع في الجزء الخلفي من العين (الشبكية).

في البداية، قد لا يسبب اعتلال الشبكية السكري أي أعراض، أو ربما تنجم عنه فقط مشكلات طفيفة في الإبصار. ولكن قد يصل الأمر في النهاية إلى الإصابة بالعمى.

من الممكن أن تنشأ هذه الحالة المرضية لدى أي شخص مصاب بداء السكري من النوع الأول أو النوع الثاني. وكلما طالت فترة الإصابة بداء السكري، وقلَّ التحكم في مستوى السكر في الدم، يصبح الشخص أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من المضاعفات التي تؤثر على العينين.

الأعراض

قد لا تظهر على المريض أعراض في المراحل المبكرة من اعتلال الشبكية السكري. ومع تقدم الحالة، قد يُصاب بما يلي:

  • بقع أو خيوط داكنة طافية في مجال الرؤية (العوائم)
  • تشوش الرؤية
  • تقلُّب الرؤية
  • مناطق داكنة أو خالية في مجال الرؤية
  • فقدان البصر

الطريقة الأفضل للوقاية من فقدان البصر، هي الإدارة الواعية لحالة السكري. إذا كان الشخص مصاباً بداء السكري، ينبغي زيارة طبيب العيون لفحص العين سنوياً بتوسيع الحدقة، حتى ولو كانت الرؤية تبدو جيدة.

قد تؤدي الإصابة بالسكري أثناء الحمل (السكري الحملي) أو الإصابة به قبل الحمل إلى زيادة احتمالية الإصابة باعتلال الشبكية السكري. إذا كانت المرأة حاملاً، فقد يوصي طبيب العيون بإجراء فحوص عين إضافية على مدار فترة الحمل.

ويُوصى بالاتصال بطبيب العيون فور ملاحظة تغيرات مفاجئة في الرؤية أو تشوش الرؤية أو ظهور بقع فيها أو ضبابيتها.

الأسباب

بمرور الوقت، يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى انسداد الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي الشبكية، ما يؤدي إلى قطع إمدادها بالدم. ونتيجة لذلك، تحاول العين تكوين أوعية دموية جديدة. لكن هذه الأوعية الدموية الجديدة لا تتطور بشكل صحيح، ويمكن أن تُسرِّب السوائل بسهولة.

يوجد نوعان من اعتلال الشبكية السكري، هما:

اعتلال الشبكية السكري المبكِّر

في هذا الشكل الأكثر شيوعاً، والذي يُسمى اعتلال الشبكية السكري غير التكاثري، لا تنمو (لا تتكاثر) الأوعية الدموية الجديدة.

عند الإصابة بداء اعتلال الشبكية السكري غير التكاثري، يحدث ضعف في جدران الأوعية الدموية في شبكية المصاب. فتبرُز انتفاخات دقيقة من جدران الأوعية الأصغر، وفي بعض الأحيان تُسرِّب السوائل والدم إلى الشبكية. ويمكن أن تبدأ أوعية الشبكية الأكبر في التوسُّع، وتصبح غير منتظمة القُطر أيضاً. يمكن أن يتفاقم اعتلال الشبكية السكري غير التكاثري من طفيف إلى شديد مع انسداد المزيد من الأوعية الدموية.

يؤدي تلف الأوعية الدموية في الشبكية أحياناً إلى تراكم السوائل (الوذمة) في الجزء الأوسط من الشبكية (البقعة الشبكية). وإذا كانت وذمة البقعة الشبكية تتسبب في انخفاض الرؤية، فحينها يجب طلب العلاج للوقاية من فقدان البصر الدائم.

اعتلال الشبكية السكري المتقدِّم

يمكن أن يتفاقم اعتلال الشبكية السكري إلى هذا النوع الأكثر شدة، والمعروف باسم اعتلال الشبكية السكري التكاثري. ففي هذا النوع، تنغلق الأوعية الدموية التالفة، ما يتسبب في نمو أوعية دموية جديدة غير طبيعية في الشبكية. لكن هذه الأوعية الدموية الجديدة تكون هشة، ويمكن أن تُسرِّب السوائل إلى المادة الشفافة التي تشبه الهُلام، والتي تملأ وسط العين (الجسم الزجاجي).

في النهاية، يمكن أن يتسبب النسيج الندبي الناتج عن نمو أوعية دموية جديدة في انفصال الشبكية عن الجزء الخلفي من العين. وإذا كانت الأوعية الدموية الجديدة تعوق التدفق الطبيعي للسوائل خارج العين، فقد يتراكم الضغط في مقلة العين. ويمكن أن يتسبب هذا التراكم في تلف العصب الذي ينقل الصور من العين إلى الدماغ (العصب البصري)، ما يؤدي إلى الإصابة بالزَرَق.

في المراحل المبكرة من اعتلال الشبكية السكري، تصاب جدران الأوعية الدموية في الشبكية بالضعف. وتظهر انتفاخات صغيرة بارزة من جدران الأوعية الدموية، وأحياناً ما يحدث تسريب للسوائل منها داخل الشبكية. وقد تتورم الأنسجة في الشبكية، وينتج عن ذلك بقع بيضاء في الشبكية. ومع تقدم اعتلال الشبكية السكري، قد تنمو أوعية دموية جديدة، وتهدد القدرة على الإبصار.

الوقاية

لا يمكن دائماً الوقاية من اعتلال الشبكية السكري. ومع ذلك، يمكن أن تساعد فحوصات العين الدورية والتحكم الجيد في نسبة السكر في الدم، وضغط الدم والتدخل المبكر لعلاج مشكلات الإبصار في الوقاية من فقدان البصر الشديد.

إذا كان الشخص مصاباً بداء السكري، ينبغي أن يقلل من احتمالية الإصابة باعتلال الشبكية السكري بالقيام بما يلي:

  • التحكم في مرض السكري. جعل النمط الغذائي الصحي والأنشطة البدنية جزءاً من العادات اليومية. ومحاولة تخصيص ما لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعيّاً لممارسة الأنشطة الهوائية المتوسطة، كالمشي. وتناوَل أدوية داء السكري الفموية أو الأنسولين حسب توجيهات الطبيب.

  • مراقبة مستوى السكر في الدم. قد يحتاج الشخص إلى فحص مستوى السكر في الدم وتسجيله عدة مرات في اليوم، أو على فترات أقل إذا كان مريضاً، أو يعاني إجهاداً. يبغي سؤال الطبيب عن عدد المرات التي يجب أن يختبر فيها نسبة السكر في الدم.

  • سؤال الطبيب عن اختبار الهيموجلوبين السكري. تعكس نتائج اختبار الهيموجلوبين السكري متوسط مستوى السكر في الدم على مدار فترة الشهرين إلى الثلاثة أشهر السابقة للاختبار. ويجب أن يستهدف معظم المصابين بالسكري إبقاء الهيموجلوبين السكري دون 7%.

  • المحافِظة على بقاء ضغط الدم والكوليسترول تحت السيطرة. يمكن أن يساعد تناول الأطعمة الصحية، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام وفقدان الوزن الزائد على تحقيق ذلك. وقد يلزم تناول الأدوية أيضاً في بعض الأحيان.

  • إذا كان الشخص يدخن أو يستخدم أنواعاً أخرى من التبغ، عليه أن يطلب من الطبيب أن يساعده على التوقف عن ذلك. حيث يزيد التدخين من مخاطر الإصابة بالعديد من مضاعفات السكري، بما فيها اعتلال الشبكية السكري.

  • الانتباه للتغيرات في الإبصار. الاتصال بطبيب العيون على الفور إذا تغير الإبصار فجأة، أو أضحت الرؤية مشوشة أو متقطعة أو ضبابية.

ينبغي تذكر أن مرض السكري لا يؤدي بالضرورة إلى فقدان البصر. يمكن أن يساعد التحكم بفعالية في مرض السكري على قطع شوط طويل نحو الوقاية من المضاعفات.

العلاج

يهدف العلاج، الذي يعتمد بصورة كبيرة على نوع التهاب الشبكية السكري ومدى شدته إلى إبطاء تفاقم المرض أو إيقافه.

إذا كان اعتلال الشبكية السكري اللاتكاثري بدرجة خفيفة أو متوسطة الشدة، فربما لن يحتاج المريض إلى الحصول على العلاج على الفور. إلا أن طبيب العيون سيراقب العينين عن كثب لتحديد الموعد المناسب للعلاج.

التعاون مع طبيب داء السكري (اختصاصي الغدد الصماء)، لتحديد ما إذا كانت هناك أي وسيلة لتحسين الطريقة التي يعالج بها داء السكري أم لا. فعادةً ما يمكن إبطاء تفاقم الحالة عن طريق التحكم جيداً في مستويات السكر في الدم إذا كان اعتلال الشبكية السكري خفيفاً أو متوسطاً.

في حال الإصابة باعتلال الشبكية السكري التكاثُري أو الوذمة البقعية، فسوف يحتاج المريض إلى علاج فوري. وبناءً على المشكلات التي في الشبكية، قد تشمل الخيارات ما يلي:

  • حقن أدوية في العين. تُحقن هذه الأدوية، التي يطلق عليها مثبطات عامل النمو البطاني الوعائي، في الجسم الزجاجي داخل العين. وتساعد على إيقاف نمو الأوعية الدموية الجديدة، وتقلل تراكم السوائل. حصل دواءان على اعتماد إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لعلاج الوذمة البقعية السكرية، وهما رانيبيزوماب (Lucentis) وأفيلبرسبت (Eylea). ويوجد دواء ثالث، وهو بيفاسيزوماب (Avastin)، يمكن استخدامه دون تصريح لعلاج الوذمة البقعية السكرية. وتُحقن هذه الأدوية باستخدام التخدير الموضعي. يمكن أن تسبب الحقن انزعاجاً بسيطاً، مثل الشعور بالحرقة أو سيلان الدموع أو الشعور بالألم لمدة 24 ساعة بعد الحقنة. وتشمل الآثار الجانبية الممكنة تراكم الضغط في العين والإصابة بالعدوى. ينبغي تكرار هذه الحُقن. وتُستخدم هذه الأدوية أحياناً مع التخثير الضوئي.

  • التخثير الضوئي. يستطيع هذا العلاج الليزري، المعروف كذلك بالعلاج بالليزر البؤري، إيقاف تسرب الدم والسوائل في العين أو إبطائه. وفي هذا الإجراء، تُعالَج التسريبات الناتجة من الأوعية الدموية غير الطبيعية باستخدام حروق الليزر. عادةً ما يُجرَى العلاج بأشعة الليزر البؤرية في جلسة واحدة بعيادة الطبيب أو عيادة العيون. إذا كان المريض مُصاباً بتغيم الرؤية الناتج عن الوذمة البقعية قبل العملية الجراحية، فقد لا يُعيد العلاج الرؤية إلى طبيعتها، ولكن من المرجَّح أن تنخفض فرصة تفاقُم الوذمة البقعية.

  • التخثير الضوئي المتعلق بكامل الشبكية. يستطيع هذا العلاج بأشعة الليزر، الذي يُطلق عليه أيضاً اسم العلاج بأشعة الليزر المتناثرة، أن يؤدي إلى انكماش الأوعية الدموية غير الطبيعية. وأثناء الإجراء، تُعالَج مناطق من شبكية العين بعيدة عن البقعة باستخدام حروق الليزر المتناثرة. وتتسبب الحروق في انكماش الأوعية الدموية غير الطبيعية الجديدة وتندُّبها. عادةً ما يُجرَى العلاج في جلستين أو أكثر بعيادة الطبيب أو عيادة العيون. وستصبح الرؤية غائمة لمدة يوم واحد تقريباً من بعد الإجراء. ويُحتمل أن تُفقد الرؤية المحيطية أو الرؤية الليلية بعض الشيء بعد الإجراء.

  • استئصال الجسم الزجاجي في العين. يستخدم الجرَّاح في هذا الإجراء شقاً صغيراً للغاية في العين لإزالة الدم من منتصف العين (الجسم الزجاجي)، بالإضافة إلى النسيج الندبي الذي يؤثر في شبكية العين. ويُجرَى هذا الإجراء في مركز للعمليات الجراحية أو بالمستشفى عن طريق استخدام التخدير العام أو الموضعي.

عادةً ما تؤدي العمليات الجراحية إلى إبطاء تقدم مرض اعتلال الشبكية السكري أو إيقافه، ولكنها لا تعد علاجاً شافياً. ولأن داء السكري حالة تستمر مدى الحياة، فلا يزال من المحتمل أن تُصاب شبكية العين بالتلف؛ ومن ثم فقدان للبصر في المستقبل.

سيظل المريض بحاجة إلى إجراء فحوص للعين بانتظام حتى بعد علاج اعتلال الشبكية السكري. وقد يحتاج إلى علاج إضافي في مرحلة ما من حياته.

*هذا المحتوى من "مايو كلينك"

تصنيفات

قصص قد تهمك