"التراجع أو حرب شاملة".. رسائل إسرائيلية من التصعيد ضد "حزب الله"

time reading iconدقائق القراءة - 8
دخان يتصاعد على الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل في مدينة صور جنوبي لبنان. 22 سبتمبر 2024 - REUTERS
دخان يتصاعد على الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل في مدينة صور جنوبي لبنان. 22 سبتمبر 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

مع تصاعد الهجمات على عناصر جماعة "حزب الله" وقادتها وبنيتها التحتية، تضغط إسرائيل مستغلةً تفوقها العسكري والاستخباراتي لإعطاء الجماعة اللبنانية "إنذاراً نهائياً"، مفاده إما التوصل إلى اتفاق للانسحاب من الحدود الشمالية لإسرائيل، أو الدخول في حرب، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة الأميركية، الأحد، إن إسرائيل توجه تركيزها إلى حدودها مع لبنان مع ثبات الوضع في ساحة المعركة في قطاع غزة، حيث شنت سلسلة من الهجمات العنيفة التي كان تأثيرها مدمراً على "حزب الله".

تأتي تلك التطوّرات وسط تصعيد متبادل بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله"، بعد الرد الأولي للجماعة اللبنانية على انفجارات أجهزة اتصالات أسقطت عشرات الضحايا وآلاف الجرحى قبل أيام، وغارة جوية إسرائيلية على بيروت استهدفت قادة في "حزب الله"، الجمعة، أودت بحياة 45 شخصاً على الأقل.

وقالت الجماعة اللبنانية، إن القياديين إبراهيم عقيل وأحمد وهبي، من بين 16 من أعضائها سقطوا ضحايا في الضربة التي تعد الأعنف خلال ما يقرب من عام من الصراع مع إسرائيل.

واعتبرت الصحيفة أن "هجمات البيجر" الأسبوع الماضي، كشفت أن إٍسرائيل "اخترقت بشكل عميق" أنظمة الاتصالات لدى "حزب الله"، كما أظهرت الغارة الجوية على الضاحية الجنوبية في بيروت، استمرار القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية في "كشف هويات" كبار قياديي الجماعة.

"نهج جديد" في الصراع

وتسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى حل دبلوماسي يتضمن موافقة "حزب الله" على تحريك قواته طواعية عدة أميال عن الحدود الإسرائيلية، والعودة إلى الخط المتفق عليه بعد حرب عام 2006. ويُنفَّذ هذا الاتفاق من قبل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي عجزت عن منع وجود "حزب الله" في المنطقة، بحسب "وول ستريت جورنال".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إٍسرائيليين قولهم، إن هذه المحادثات وصلت إلى "طريق مسدود"، وأن الوقت ينفد لإيجاد حل بديل عن الحرب لوقف الهجمات التي يشنها "حزب الله" عبر الحدود.

وقالت "وول ستريت جورنال"، إن الضربات المتزايدة تأتي في إطار ما يصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه "نهج جديد" في الصراع مع "حزب الله" المستمر منذ عام تقريباً، والذي بدأ في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، لكنه أصبح يتصدر المشهد بشكل متزايد.

وأضافت أن المواجهات تسببت في نزوح عشرات الآلاف من المدنيين على جانبي الحدود، بينما تتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط متزايدة لوقف هجمات "حزب الله"، والسماح لأكثر من 50 ألف من السكان الذين تم إجلاؤهم من الشمال بالعودة إلى منازلهم، وهو وضع تعتبره إسرائيل "فقداناً للسيادة".

تعامل حذر

من جانبه، قال وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نير بركات، للصحيفة: "لا يُمكننا ترك الشمال بهذا الوضع. لا أعتقد أن حزب الله سيتحرك طوعاً إلى الشمال. لذا، هناك جزء آخر من الحرب ينتظرنا".

وقال مسؤول إسرائيلي، السبت، إن المسؤولين الإسرائيليين يتعاملون بحذر مع إعلان شن حرب مفتوحة على "حزب الله"، لكن استهداف كبار قادة الجماعة في قلب معقلهم في بيروت، حي الضاحية، كان يهدف إلى إيصال رسالة مفادها أن إسرائيل لا تعتبر هذا التصعيد "خطاً أحمر".

وحتى الآن، تخوض إسرائيل و"حزب الله" معاركهما وفقاً لقواعد غير رسمية، تحدد أماكن الهجمات وأنواع الأسلحة المستخدمة، وما إذا كانت الضحايا مدنيين أو مقاتلين. لكن الضربات على الضاحية تتجاوز هذه القواعد، بحسب "وول ستريت جورنال".

وأضاف المسؤول الإسرائيلي: "إذا اتجه (الأمين العام لحزب الله) نصر الله إلى التصعيد، فإن الثمن الذي سيدفعه في الضاحية في بيروت سيكون مرتفعاً للغاية"،  مؤكداً أن إسرائيل لن تتردد في استهداف مركز قيادة "حزب الله" مرة أخرى.

توجه "بلا مخرج"

ورجحت "وول ستريت جورنال"، أن يهدف توجه إسرائيل الاستراتيجي إلى إحداث تغيير في الصراع عبر الحدود، الذي كلّف كلا الجانبين كثيراً، لكنه "يفتقر إلى مخرج دبلوماسي واضح".

وتعهد "حزب الله" بمواصلة هجماته على إسرائيل حتى انتهاء القتال في غزة، لكن محادثات وقف إطلاق النار كانت غير مثمرة لعدة أشهر، وهي الآن متعثرة. وبدأ "حزب الله" إطلاق الصواريخ عبر الحدود بعد فترة وجيزة من الهجمات التي قادتها "حماس" في 7 أكتوبر 2023، بحسب الصحيفة.

وكانت إسرائيل تسعى لتجنب الحرب أثناء تصاعد القتال في غزة، بينما كانت قواتها منهكة من المعارك. ولكن مع تراجع النشاط على تلك الجبهة، بدأت إسرائيل بزيادة ضغوطها في الشمال، وفقاً لمسؤولين عسكريين إسرائيليين ومحللين إقليميين.

وأشارت الصحيفة إلى زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، قوات في قاعدة جوية شمال إسرائيل في الأيام الأخيرة، حيث طلب منهم الاستعداد لقتال صعب. وقال: "مركز الثقل يتحرك نحو الشمال".

وقال جيور زالتس، رئيس المنطقة الإسرائيلية الحدودية مع لبنان، التي تضررت بشدة من الحرب: "نحن في حرب تزداد شدةً كل يوم. يوماً بعد يوم، تزداد حدة الحرب في الشمال".

هجمات تصعيدية

وتبادلت إسرائيل و"حزب الله" إطلاق النار الكثيف، الأحد، إذ نفذت طائرات حربية إسرائيلية، أعنف قصف منذ ما يقرب من عام من الحرب عبر جنوب لبنان، في حين أعلنت الجماعة اللبنانية، مسؤوليتها عن هجمات صاروخية على أهداف عسكرية في شمال إسرائيل.

وقال الجيش الإسرائيلي، إنه ضرب نحو 290 هدفاً، السبت، بما في ذلك منصات إطلاق الصواريخ التابعة لـ"حزب الله"، وتوعد بـ"ضربات مستمرة أكثر حدة".

في المقابل، قالت جماعة "حزب الله"، عبر قناتها على تليجرام، إنها  استهدفت، الأحد "قاعدة ومطار (رامات ديفيد) بعشرات من الصواريخ من ‏نوع (فادي 1) و(فادي 2)، وذلك رداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مختلف ‏المناطق اللبنانية"، كما هاجمت مجمعاً إسرائيلياً للصناعات العسكرية في شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع "فادي 1" و"فادي 2" وكاتيوشا.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت على منصة "إكس": "سيستمر تسلسل الإجراءات في المرحلة الجديدة حتى نحقق هدفنا، وهو العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم".

وكان جالانت قال الأسبوع الماضي إن إسرائيل تشن "مرحلة جديدة" من الحرب على الحدود الشمالية.

وتجاوز عدد الضحايا في لبنان 740 شخصاً منذ أكتوبر 2023، بعد مصرع 70 على الأقل الأسبوع الماضي. والاشتباكات الدائرة حالياً بين إسرائيل و"حزب الله" هي الأسوأ منذ أن خاض الطرفان حرباً في عام 2006.

تصنيفات

قصص قد تهمك