أظهرت لقطات في أعقاب الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي أودت بحياة الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، أن الجيش الإسرائيلي استخدم قنابل تزن الواحدة منها 2000 رطل في تنفيذ تلك الهجمات، وفق خبراء أسلحة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، تنفيذ ما وصفه بـ"ضربة دقيقة" على مقر القيادة المركزي لجماعة "حزب الله"، الذي قال إنه "يقع تحت المباني السكنية في قلب الضاحية في بيروت"، ما أسفر عن تسوية عدة مجمعات سكنية بالأرض، فيما لم تتضح بعد الأعداد النهائية للضحايا والمصابين في الغارة.
ونقلت شبكة CNN الأميركية، عن تريفور بول، وهو خبير سابق في التخلّص من الذخائر المتفجرة في الجيش الأميركي، بعد تحليل مقطع فيديو وصور للضربة: "مع مستوى الضرر، من الصعب تحديد الذخائر والكمية الدقيقة، ولكن من المحتمل أن تكون عدة قنابل تزن 2000 رطل (907.18 كيلوجرام)، من نوع Mk 84s، أو MPR-2000، أو BLU-109 (خارقة للتحصينات)، أو مزيج منها".
ويظهر مقطع فيديو في أعقاب الانفجار مباشرة، حفرة ضخمة، لا يمكن رؤية قاعها، فيما يبدو رجال الإنقاذ الذين يتفقدون الأنقاض صغار الحجم مقارنة بحجم الحفرة.
كما أظهر مقطع فيديو بثته شبكة تلفزيون تابعة لجماعة "حزب الله" اللبنانية، وتم تصويره مباشرة من مكان الحادث، أنقاضاً وحرائق وأضراراً جسيمة.
وقال مسؤول إسرائيلي لشبكة CNN، إن الأمين العام لجماعة "حزب الله"، حسن نصر الله، كان هدفاً للضربة الإسرائيلية، الجمعة، ولم تقدم إسرائيل أي تعليق فوري بشأن نوع القنابل أو عددها، لكن الانفجار الناجم عنها سوى بالأرض مساحة أكبر من مربع سكني.
ويحتفظ الجيش الإسرائيلي في ترسانته بقنابل موجهة خارقة للتحصينات (Bunker Buster) أميركية الصنع تزن 2000 رطل، ومصممة خصيصاً لضرب أهداف تحت الأرض، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
ونقلت الوكالة الأميركية عن ريتشارد وير، الباحث في شؤون الأزمات والأسلحة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قوله، إن الانفجارات كانت متوافقة مع تلك الفئة من القنابل.
واستهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية، وهي معقل جماعة "حزب الله" في بيروت، أربع مرات على مدى الأسبوع الماضي، ما أودى بحياة ثلاثة من كبار القادة العسكريين للجماعة على الأقل.
واتهم وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الجمعة، إسرائيل باستخدام عدد من القنابل الأميركية "الخارقة للتحصينات" لقصف بيروت، في وقت سابق من الجمعة.
وقال أمام اجتماع مجلس الأمن الدولي، بشأن الوضع في الشرق الأوسط: "هذا الصباح استخدم النظام الإسرائيلي عدداً من القنابل الخارقة للتحصينات التي تزن 5 آلاف رطل (نحو 2268 كيلوجراماً) منحتها إياه الولايات المتحدة لقصف مناطق سكنية في بيروت".
قنابل خارقة للتحصينات
والعام الماضي، زودت الولايات المتحدة، إسرائيل، بقنابل كبيرة خارقة للتحصينات ضمن عشرات الآلاف من الأسلحة وقذائف المدفعية الأخرى، لمساعدتها في الحرب على غزة، حسبما ذكر مسؤولون أميركيون لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وأضاف المسؤولون أن الزيادة الكبيرة في إمدادات الأسلحة، التي تشمل ما يقرب من 15 ألف قنبلة، و57 ألف قذيفة مدفعية، بدأت بعد وقت قصير اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي.
ولم تعلن الولايات المتحدة، تفاصيل الأسلحة التي زودت بها إسرائيل، والتي من بينها قنابل من طراز BLU-109، وهي قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل.
وقنبلة BLU-109 الخارقة للتحصينات تحمل رأساً حربياً يزن 2000 رطل، وهي مصممة لاختراق الملاجئ الخرسانية، واستخدمها الجيش الأميركي هذه القنابل في حرب الخليج، والحرب في أفغانستان.
ادعاءات إسرائيلية
وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه ينفذ "ضربات موجهة" على وسائل قتالية قال إنها تابعة لجماعة "حزب الله" اللبنانية في الضاحية الجنوبية لبيروت، موضحاً أن هذه الوسائل جرى تخزينها أسفل مبانٍ مدنية، فيما نفى "حزب الله" وجود أي أسلحة في المباني التي تعرضت للقصف.
ولاحقاً قال الجيش الإسرائيلي، إن طائراته أنهت قبل وقت قصير، صباح السبت، موجة من الهجمات استهدفت مبانٍ في منطقة صور جنوبي البلاد.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري، أعلن، أن الجيش سيواصل، خلال الساعات المقبلة، ضرب الأهداف الاستراتيجية لجماعة "حزب الله"، حتى القضاء على قدرات الجماعة.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إنه دمر منصات إطلاق القذائف الصاروخية التي أطلقت منها القذائف باتجاه منطقة الجليل الأعلى، مشيراً إلى "إطلاق 3 قذائف صاروخية من الأراضي اللبنانية، قبل وقت قصير، اعترضت منظومة الدفاع الجوي معظمها، موضحاً أنه في رد سريع، دمرت طائرات سلاح الجو منصة الإطلاق والفوهات المستخدمة".
وأكد أن العمليات مستمرة بهدف ضرب وإضعاف القدرات العسكرية والبنية التحتية التابعة للجماعة.
"حزب الله" ينفي وجود أسلحة
في المقابل، نفت العلاقات العامة لجماعة "حزب الله" اللبنانية، السبت، وجود أي أسلحة أو مخازن أسلحة في المباني التي تعرضت لقصف إسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة.
وقالت، في بيان عبر تليجرام: "لا صحة لادعاءات العدو الكاذبة عن وجود أسلحة أو مخازن أسلحة في المباني المدنية التي استهدفها بالقصف في الضاحية الجنوبية قبل قليل".
ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي، عن مصدر إسرائيلي، أن الضربة كانت تستهدف الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، وأن الجيش الإسرائيلي يتحقق من مصيره.
وقال مصدر مقرب من الحزب لـ"رويترز"، إن "نصر الله على قيد الحياة"، كما ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء أنه "بخير"، بينما لفت مسؤول أمني إيراني كبير في تصريحات لـ"رويترز"، إلى أن "طهران تتحقق من وضعه".
وعقب الضربة، أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية في بيان، ارتفاع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية على حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى 6 ضحايا، و91 مصاباً، بينهم 14 احتاجوا إلى دخول المستشفى.
وقال المركز، إن عمليات رفع الأنقاض لا تزال مستمرة.
تصاعد حدة الهجمات
تصاعدت حدة الهجمات الإسرائيلية على لبنان، بشكل كبير هذا الأسبوع، حيث شنت إسرائيل عدداً كبيراً من الضربات على الضاحية الجنوبية، فيما تشدد القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على أن الهجمات تهدف إلى تدمير قدرات "حزب الله" والاستعداد لغزو بري محتمل.
ورفضت إسرائيل دعوات وقف إطلاق النار مع استمرارها في قصف "حزب الله" في لبنان، وسط تحذيرات لقواتها من أنها قد تشن قريباً عملية برية، وقد أثار هذا قلق المجتمع الدولي بشأن مخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة.
ودعت الولايات المتحدة والعديد من الحلفاء الغربيين إلى وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً بين إسرائيل و"حزب الله" من أجل "توفير مساحة للدبلوماسية"، لكن الحكومة الإسرائيلية قللت بسرعة من احتمالات توقف الأعمال العدائية.
وقال الجيش الإسرائيلي، إنه أجرى تدريباً يحاكي مناورة برية في لبنان، الخميس، وسط تساؤلات بشأن ما إذا كان "حزب الله" قادراً على احتمال هذا الضغط وقدرته على الرد.
وحضت العديد من الدول مواطنيها على مغادرة البلاد، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وأستراليا.
وتقول منظمات دولية إن أكثر من 400 ألف لبناني، نزحوا، خلال الأيام الأربعة الماضية، منذ التصعيد الإسرائيلي الأخير على جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، بينهم 140 ألف طفل، كما نزح نحو 70 ألف شخص في شمال إسرائيل. وتقول إسرائيل إن عودة هؤلاء الأشخاص إلى مجتمعاتهم هي هدف التصعيد الأخير.
أين تشن إسرائيل غاراتها الجوية؟
وزعمت إسرائيل أن جميع غاراتها كانت موجهة إلى مواقع "حزب الله"، وأن الغالبية العظمى منها وقعت في جنوب لبنان حيث تتمركز الجماعة. وفي 23 سبتمبر وحده، زعمت إسرائيل أنها ضربت 1600 هدف لـ"حزب الله"، وقالت وزارة الصحة اللبنانية، إن 492 شخصاً لقوا مصرعهم نتيجة لذلك.
ورغم تركز الغارات في الجنوب، فقد تعرضت شرق وشمال البلاد للقصف أيضاً، حيث قالت إسرائيل إنها دمرت "منصات إطلاق ومراكز قيادة وبنية تحتية".
وكانت منطقة البقاع في شمال شرق البلاد هي المنطقة الثانية الأكثر تضرراً. وتزعم إسرائيل أن "حزب الله" يخزن أسلحة استراتيجية يمكن إطلاقها من مدى أطول بكثير عبر المنطقة الريفية.
كما تتركز الضربات بشكل أساسي في بلدات طيردبا والمجادل والزرارية في جنوب لبنان.
ولم تشن إسرائيل سوى بضع ضربات على العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يعيش نصف سكان البلاد. وزعمت أن هذه الضربات كانت تركز على اغتيال أحد قادة "حزب الله"، إذ قتلت إحداها في 24 سبتمبر الجاري، في جنوب العاصمة القيادي في الحزب إبراهيم قبيسي.
وأسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن قتل ما يقرب من 500 شخص وإصابة أكثر من 1600 آخرين في لبنان، في ما وصفته وزارة الصحة اللبنانية بأنه اليوم "الأكثر دموية" منذ الحرب الأهلية في البلاد، والتي انتهت في عام 1990.
وتضاف هذه الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة اللبنانية، إلى 37 شخصاً وآلاف الجرحى، الأسبوع الماضي، مع انفجار أجهزة النداء واللاسلكي في جميع أنحاء لبنان، وهو الحدث الذي يُعتقد إلى حد كبير أنه عملية إسرائيلية تستهدف أعضاء "حزب الله".