حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل من مهاجمة المواقع النووية الإيرانية، فيما يخشى مسؤولون أميركيون من أن يؤدي الهجوم على البنية التحتية للمحروقات في إيران إلى اضطراب بأسواق الطاقة، فضلاً عن تداعيات مثل هذه الأحداث على انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في 4 نوفمبر.
وبينما يُتوقع أن تشن إسرائيل هجومها على إيران في أي وقت، تجد الولايات المتحدة بين أيديها القليل من الضمانات لمنع المزيد من التصعيد في المنطقة، وفقا لـ"بلومبرغ".
ويضغط فريق بايدن على إسرائيل لتقييد ردّها على الهجمات الصاروخية الإيرانية، التي وقعت الأسبوع الماضي، وحصرها في ضرب أهداف عسكرية، مثل القواعد الجوية ومواقع الصواريخ.
وبدلاً من أن تدمّر إسرائيل منشآت نفطية أو أهدافاً اقتصادية أخرى، تقترح الولايات المتحدة بدائل مثل حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية، وفق ما نقلت "بلومبرغ" عن أشخاص مطلعين على المناقشات الخاصة.
ويستند التفكير الأميركي إلى تقديم مخرج لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسمح له بمقاومة دعوات المتشددين في ائتلافه الحكومي، والذين يطالبون برد أكثر شدة على إيران.
ولكن السؤال المطروح هو: هل سيقبل نتنياهو بالموقف الأميركي؟ خاصة أن إدارة بايدن لم تنجح في فرض رأيها من خلال استخدام مسألة وقف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل.
4 أسابيع دون قيود على نتنياهو
هناك مخاوف سياسية في الولايات المتحدة، إذ أن حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس قلقة من أن يؤدي الصراع إلى استنزاف الدعم في الولايات المتأرجحة، خاصة ميشيجان، التي تضم نسبة كبيرة من العرب والمسلمين الأميركيين، المعارضين للحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
كما أن نتنياهو، الذي يتفاخر علناً بعلاقته الوثيقة مع المرشح الجمهوري دونالد ترمب، لم يظهر اهتماماً كبيراً بفعل أي شيء لمساعدة حملة المرشحة الديمقراطية هاريس.
وقال مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز إن "نتنياهو يعلم أن بايدن لن يستطيع الضغط عليه كثيراً في الأسابيع التي تسبق الانتخابات الأميركية، بينما يصب التصعيد في المنطقة لصالح ترمب، وهو أمر جيد لبنيامين (نتنياهو) لأن ذلك يعني ليس فقط 4 أسابيع أخرى من التصرف دون قيود، بل أيضاً 4 أعوام من عدم وجود ضغط أميركي".
وأصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل متوترة بشكل كبيرة في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعد تجاهل نتنياهو لنصائح الولايات المتحدة مراراً في تحديد استراتيجية إسرائيل في حربها على قطاع غزة.
وتحدث بايدن ونتنياهو، الأربعاء، لأول مرة منذ أكثر من شهر، وهي فترة صمْت غير مفهومة، بالنظر إلى ما حدث منذ ذلك الحين. فقد بدأت إسرائيل حرباً واجتياحاً برياً في لبنان، واغتالت معظم قيادات "حزب الله" العليا، بما في ذلك حسن نصر الله، بالإضافة إلى مئات الضحايا المدنيين.
وقال البيت الأبيض، بعد المكالمة، إن بايدن أكد لنتنياهو "التزامه الراسخ بأمن إسرائيل، وأدان بشكل لا لبس فيه الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من أكتوبر".
وشدد بايدن أيضاً على ما وصفه بـ"حق إسرائيل في حماية مواطنيها من حزب الله"، مع التأكيد على "ضرورة تقليل الضرر على المدنيين، لا سيما في المناطق المكتظة بالسكان في بيروت".
وجاءت المكالمة بعد تأجيل زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت إلى الولايات المتحدة بطلب من نتنياهو.
وقال مسؤول في إسرائيل، لـ"بلومبرغ"، إن نتنياهو طلب من جالانت عدم الذهاب حتى توافق الحكومة الإسرائيلية على ردها على إيران.
"هجوم فتّاك ومفاجئ"
وبعدما تمكّنت إسرائيل، بمساعدة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، من إسقاط معظم الصواريخ والطائرات المسيرة في هجوم أبريل، إلا أن العديد من الصواريخ الباليستية الإيرانية سقطت قرب أهدافها في هجوم الأسبوع الماضي.
وأظهر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت عزم إسرائيل على شن هجوم "قوي" على إيران، دون أن يحدد الأهداف في هذه الضربة المرتقبة.
وقال جالانت، الأربعاء، في حديثه إلى جنود إسرائيليين: "كانت هجمات إيران على إسرائيل عدوانية، لكنها فشلت لأنها لم تكن دقيقة".
وتابع: "كما فعلنا حتى الآن في كل الجبهات، من يهاجمنا سيتعرض للضرر وسيدفع الثمن، هجومنا سيكون قاتلاً، دقيقاً ومفاجئاً، ولن يفهموا ما حدث حتى يروا النتائج".
وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، الذي قاد الجهود الأميركية لضمان وقف إطلاق النار في غزة وعودة المحتجزين، إنه يعتقد أن القادة الإسرائيليين يأخذون في اعتبارهم المخاوف التي عبّر عنها بايدن وإدارته.
وأضاف بيرنز، الاثنين، أن "هناك خطر حقيقي للغاية من تصعيد إضافي للصراع في المنطقة".
عقوبات أوروبية على إيران.. بعد تقييم الرد
ومن المتوقع أن ينتهي الاتحاد الأوروبي في الأيام المقبلة من إعداد حزمة عقوبات على إيران؛ بزعم أن طهران زوّدت روسيا بالصواريخ لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا، وهو ما تنفيه الحكومة الإيرانية.
وتستهدف هذه العقوبات المرتقبة، وفق "بلومبرغ"، شركات الهندسة والمعادن والطيران.
وقال أشخاص مطلعون إن دولاً أوروبية تنتظر رؤية رد فعل إسرائيل، قبل الالتزام بالقيود الجديدة.
وعلى الرغم من تجاهل نتنياهو للطلبات الأميركية، إلا أنه استجاب لتحذيرات إدارة بايدن بعد هجوم إيران في أبريل. وردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بهجوم واحد ضد منشأة للدفاع الجوي في أصفهان، بدلاً من هجوم أوسع، بعدما حثّه بايدن على "استغلال الفرصة"، وفق "بلومبرغ".
وقال الأدميرال المتقاعد في البحرية الأميركية جيمس ستافريديس، الذي يكتب مقالات رأي في "بلومبرغ": "من المحتمل أن يوجهوا ضربات ضد المجمع العسكري الصناعي في إيران، وربما لا يستهدفون مجمع الطاقة النووية، وربما لا يستهدفون قطاع الطاقة".
وأضاف: "أعتقد أن هناك فرصة بنسبة واحد من أربعة (أي 25%) لاندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط، قد تجر الولايات المتحدة إلى المشاركة. هذه النسبة مرتفعة بشكل مقلق، لكنني ما زلت أراهن ضد حدوث حرب كبيرة وشاملة في الشرق الأوسط".