أعادت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى وزارة الخزانة، نحو 128 مليار دولار من أموال لم تنفقها، خلال 11 سنة تنتهي في عام 2019.
ورد ذلك في مراجعة هي الأولى، أعدّها "مكتب المساءلة الحكومية" التابع للكونغرس، تفيد بأن الأموال المُعادة تشكّل نحو نصف 263 مليار دولار، من "أموال ملغاة" في الوزارات خلال تلك السنوات. وكان معدل الإلغاء لوزارة الدفاع، البالغ 1.8%، أقلّ من المعدل في وزارات أخرى، بما في ذلك الخزانة والزراعة والعمل.
وأفادت وكالة "بلومبرغ" بأن تقرير المكتب، المطلوب بموجب قانون السياسة الدفاعية للسنة المالية 2020، قد يكون أول ملّخص رسمي لجانب غير مفهوم قليلاً من الموازنة الفيدرالية، التي يُحتمل أن تخضع لتدقيق هذا العام، إذ يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى زيادة الإنفاق التقديري المحلي، وإبقاء الإنفاق الدفاعي للبنتاغون ثابتاً.
ووَرَدَ في تقرير المكتب: "أُلغي نحو 1.6% من إجمالي سلطة الموازنة المتاحة للحكومة، من السنة المالية 2009 إلى السنة المالية 2019، بمتوسّط 23.9 مليار دولار سنوياً. يمكن تفسير الاختلافات في الاعتمادات الملغاة، من سنة إلى أخرى، إلى حدّ كبير من خلال الاتجاهات في 4 وزارات"، هي الدفاع، والخزانة، والزراعة، والصحة والخدمات الإنسانية.
قواعد الإنفاق العسكري
والإنفاق على الدفاع هو عادة الجزء الأكبر من الإنفاق التقديري في الموازنة الفيدرالية، وهو تمويل يُستخدم في كل شيء، بدءًا من دفع رواتب الجنود والرعاية الصحية، إلى شراء أنظمة أسلحة متطوّرة. وتنفق الولايات المتحدة على الدفاع أكثر من أي دولة أخرى، إذ تسعى إدارة بايدن إلى تأمين نحو 715 مليار دولار للقطاع العسكري، في موازنة السنة المالية المقبلة، وفق "بلومبرغ".
وتنصّ القواعد الغامضة للمخصّصات في الكونغرس، على أن لدى الدوائر العسكرية من سنة إلى 3 سنوات، لاستخدام الأموال المخصّصة في النفقات الجديدة، اعتماداً على الحساب. وبعد "انتهاء" هذه العتبات، يكون لدى هذه الدوائر 5 سنوات إضافية لإنفاق الأموال، على البرامج القائمة المرتبطة بالطلب الأصلي. وإذا مرّ الإطار الزمني من دون نفقات، أو التزام مالي، تُعتبر الأموال "ملغاة" وتُعاد إلى وزارة الخزانة الأميركية.
وأثارت الأموال غير المنفقة للبنتاغون، انتقادات في الكونغرس، بوصفها من عوارض آلة حرب متضخمة. وتطرّق رئيس لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ، بيرني ساندرز، إلى أرقام سابقة لـ "مكتب المساءلة الحكومية"، أشارت إلى وجود نحو 80 مليار دولار من أموال ملغاة، بين عامَي 2013 و2018، قائلاً: "خصّص الكونغرس أموالاً كثيرة لوزارة الدفاع، لدرجة أن البنتاغون لا يعرف ماذا يفعل بها".
"أرصدة غير مسحوبة"
وأبلغت ماندي سميثبيرغر، مديرة "مركز المعلومات الدفاعية" في "مشروع الرقابة الحكومية"، لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ أن "التكهّن بتكاليف وزارة الدفاع يبالغ إلى حدّ كبير في تقدير احتياجاتها الحقيقية، كما يتّضح من مليارات الدولارات (المتبقية) لدى الوزارة، في أرصدة زائدة غير مسحوبة".
وحضّت سميثبيرغر اللجنة على مطالبة "مكتب المساءلة الحكومية" بإعداد تقرير عن الأرصدة غير المسحوبة، والأموال المنتهية الصلاحية والمخصّصات الملغاة سنوياً.
وذكرت "بلومبرغ" أن تقرير المكتب لا يقدّم أي استنتاجات، أو يقرع جرس إنذار، مشيرة إلى أن "المخصّصات الملغاة هي جزء ضئيل من سلطة الموازنة في الحكومة".
وقالت إلين ماكوسكر، القائمة السابقة بأعمال المراقب المالي في البنتاغون، وهي الآن باحثة في معهد "أميريكان إنتربرايز": "لا يشير التقرير إلى قلق يثيره معدل الأموال غير المستخدمة. يُرجّح أن يحدث دائماً مستوى معيّن من انتهاء الصلاحية والإلغاء".
وأفاد "مكتب المساءلة الحكومية" بأن لا سبب محدّداً وراء إقدام البنتاغون، أو وزارات أخرى، على تكديس أموال غير مُنفقة. وأضاف أن الاحتمالات تشمل أن احتياجات التكلفة الفعلية لبرنامج، لا ترقى إلى مستوى توقعات التكلفة، وأحياناً في برامج لا يمكن التكهّن بتكاليفها، أكثر من غيرها.
"مراجعة الحساب الخامل"
وتفيد أرقام بأن البنتاغون ألغى 49 مليار دولار من أموال العمليات والصيانة، بين عامَي 2013 و2018، مقارنة بـ 14.1 مليار دولار في المشتريات و8.6 مليار دولار في مخصّصات الموظفين.
ونقلت "بلومبرغ" عن جيف أركين، أبرز المحللين في "مكتب المساءلة الحكومية"، قوله إن البنتاغون "بدأ في عام 2015، باتخاذ خطوات لمعالجة هذا الأمر، بعد زيادة الاعتمادات الملغاة". وأضاف: "في حين أن هذه الخطوات مشجعة، إلا أنه من السابق لأوانه إجراء تقييم كامل للتقدّم الذي حققته".
وذكر كريس شيروود، الناطق باسم المراقب المالي لوزارة الدفاع، أن هذه الخطوات تضمّنت إجراء الجيش "مراجعة لمساءلة القيادة والتنفيذ"، بدأت في عام 2017. وفي عام 2019، أعدّ البنتاغون سياسة "مراجعة الحساب الخامل"، نتيجة "القوة الشرائية المفقودة" للأموال "منتهية الصلاحية" أو الملغاة.
وقال شيروود إن المبلغ الإجمالي لأموال البنتاغون، الملغاة والمُعادة إلى وزارة الخزانة، انخفض إلى 12.7 مليار دولار في السنة المالية 2020، من نحو 18 ملياراً في السنة المالية 2019، علماً أن هذا ليس جزءًا من التقرير الذي أعدّه "مكتب المساءلة الحكومية".