التركيبة السكانية في سوريا.. تقديرات إحصائية متباينة وتنوع عرقي وطائفي

time reading iconدقائق القراءة - 10
جانب من الجامع الأموي في العاصمة دمشق. 9 ديسمبر 2024 - REUTERS
جانب من الجامع الأموي في العاصمة دمشق. 9 ديسمبر 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

تعكس التركيبة السكانية في سوريا في ظل تنوعها العرقي والطائفي الكبير تاريخاً طويلاً ومعقداً من التفاعلات بين مختلف الجماعات والطوائف، لكن الحرب التي بدأت في عام 2011 غيّرت من خريطة سوريا الديموغرافية.

وشهد المجتمع السوري خلال العقود الماضية تطورات ديموغرافية هامة، وتبدلات في خصائصه وبنيته الهيكلية، إذ أثرت التغيرات المستمرة في التوزع الجغرافي للسكان على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سوريا.

ويشكل حجم السكان حالياً في سوريا التي يبلغ مساحتها أكثر من 185 ألف كيلو متر مربع، حوالي 5 أمثاله في عام 1960، والاتجاه العام للزيادة السنوية في حجم السكان هو في تصاعد وتنام مستمر.

ووفق تقرير أصدره المكتب المركزي للإحصاء الحكومي في سوريا بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2023، فقد تم تقدير عدد السكان في منتصف عام 2010 بنحو 20.6 مليون نسمة، وكان من المتوقع أن يصل عدد السكان لولا أحداث عام 2011، لنحو  26.3 مليون نسمة في منتصف عام 2020.

ورغم أن البيانات والاحصائيات الدقيقة للسكان حالياً، قد تكون صعبة، بسبب الأوضاع السياسية المعقدة في البلاد، إلا أن التقديرات الحديثة لعدد السكان في سوريا، وفق المكتب المركزي للإحصاء تجاوز حاجز 29 مليوناً.

لا يزال معظم المسيحيين يقطنون مدن دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية والمناطق المحيطة بها، أو في محافظة الحسكة في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد.

تباين في أعداد المسيحيين

وينتمي معظم المسيحيين إلى الكنائس الأرثوذكسية المستقلة، مثل كنيسة "السريان الأرثوذكسية"، أو إلى "الكنائس الكاثوليكية الشرقية"، مثل "الكنيسة المارونية"، أو إلى كنيسة "المشرق الآشورية"، وغيرها من "الكنائس النسطورية" المستقلة المنتسبة إليها.

وبحسب تقرير المنظمة الخيرية Aid to the church in need (العون للكنيسة المحتاجة) صدر في عام 2023، فإن عدد المسيحيين في سوريا انخفض خلال عقد من الزمن من مليون ونصف إلى نحو 300 ألف حالياً أي أقل من 2%، لافتةً إلى أن قرابة 25 ألف منهم في حلب.

وكان تقرير من موقع منظمة "ذي تابليت"، قد كشف أنه قبل الحرب في عام 2011، كان هناك أكثر من 130 ألف مسيحي يقيمون في شمال سوريا، وهو عدد انخفض بشكل كبير إلى مئات أو بضعة آلاف من الناس الآن، فيما قدرت الخارجية الأميركية، في تقريرها السنوي لعام 2020، أنهم يشكلون حوالي 10% من سكان سوريا.

ومع ذلك، هناك تقارير أخرى تشير إلى أن عدد المسيحيين أقل من ذلك بكثير حيث يشكلون قرابة 2.5% من السكان. ومن بين 2.2 مليون مسيحي كانوا يعيشون في البلاد قبل الحرب، تقدّر منظمة "الأبواب المفتوحة" Open Doors الأميركية غير الحكومية التي تعنى بشؤون المسيحيين حول العالم، أن ما يقرب من 579 ألف فقط أي 2.8% ما زالوا في سوريا.

أغلبية سنية 

تشير التقديرات الأميركية، وكذلك إحصائيات عدة منظمات حقوقية منها المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، إلى أن ما بين 74-75% من السكان هم من المسلمين السنّة، وهم عرقياً أكراد وشركس وشيشان وبعض التركمان وعرب تبلغ نسبتهم قرابة 50%.

أمّا المجموعات المسلمة الأخرى مجتمعةً، فتشكل قرابة 13% من السكان ومنهم العلويون والإسماعيليون والشيعة، ولكن المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، تشير إلى أن نسبة العلويين الذي ينتمي لهم الرئيس السابق بشار الأسد، من سكان سوريا بلغ 12%، فيما شكل الإسماعيليون والشيعة قرابة 2%.

وتتركز الأغلبية السّنية في المحافظات الرئيسية (دمشق، حمص، حماة، حلب، الرقة، درعا). في حين أن الشيعة غالبيتهم في دمشق وحلب والرقة.

ويعتبر التركمان أنفسهم المكون القومي الثاني في سوريا بعد العرب، حيث يذهب بعض السياسيين التركمان لتقدير أعدادهم بين 3 و3.5 مليون شخص، بينما يرى البعض أن هذه الأعداد مبالغ فيها خاصة في ظل عدم وجود إحصاء دقيق للمكونات الإثنية والدينية، بحسب تلفزيون سوريا المعارض.

ويتوزع التركمان في مختلف مناطق سوريا، لكن يتركز وجودهم في محافظات حلب واللاذقية وحمص وحماة والقنيطرة بالإضافة لبعض القرى في الرقة الواقعة في شمال سوريا.

الإيزيديون في الشمال

وكان هناك قبل الحرب مجموعة سكانية إيزيدية تبلغ حوالي 80 ألف نسمة، ورغم أنه لا توجد أرقام رسمية حديثة لعدد الإيزيديين بالبلاد، يُقدر "اتحاد الإيزيديين" في عفرين (شمال غرب سوريا)، أنه لا زال هناك حوالي ألفي إيزيدي في عفرين، مقارنةً بحوالي 50 إلى 60 ألف قبل عام 2011، وفق ما ذكرته التقديرات الأميركية.

وكان الإيزيديون يعيشون سابقاً في حلب، لكنهم حالياً يتركزون بشكل كبير في مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد". فيما كان هناك عدد قليل من السكان اليهود في حلب ودمشق قبل حرب عام 2011، إلا أن صحيفة Jewish Chronicle ذكرت في عام 2020، أنه ليس هناك يهود معروفون ما زالوا يعيشون في سوريا.

لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، نقلت في عام 2021 عن "مندي حيتريك" رئيس "اتحاد الحاخامات في الدول الإسلامية" وهي منظمة يهودية غير حكومية، قوله: "يعيش يهود سوريا البالغ عددهم 17 شخصاً فقط، ظروفاً اقتصادية وأمنية صعبة".

أين يتمركز الأكراد والشركس؟

ولا توجد إحصائيات رسمية عن عدد الأكراد في سوريا، إلا أن معظم التقديرات تشير إلى أن أعدادهم تتراوح بين 2 و3 ملايين كردي، يتوزعون في مناطق الحسكة وعين العرب وعفرين وأحياء في دمشق وحلب، بحسب مركز جسور للدراسات.

أما الشركس وهي أقلية عرقية تعود أصولهم إلى منطقة القوقاز، فيقدر عددهم ما بين 50 إلى 100 ألف نسمة في سوريا، بحسب دراسة حملت عنوان "التراث الشركسي بسوريا في سياق حالات النزوح المتعددة" والتي أشارت إلى أن تجمعات الشركس تركزت تاريخياً في مرتفعات الجولان بالأجزاء الجنوبية الغربية من سوريا، إذ بنوا 16 قرية واستقروا فيها، كما سكنوا في مدينة القنيطرة والعديد من القرى المجاورة، وأعادوا إحياء تراثهم وأسلوب حياتهم، وأصبحوا أكبر مجموعة أقلية عرقية هناك.

الدروز

وشكل دروز سوريا ما يقرب من 3% من سكان البلاد قبل اندلاع الحرب الأهلية، وهم متركزين في محافظة واحدة في جنوب غرب البلاد، هي محافظة السويداء، والمعروفة تاريخياً باسم جبل الدروز.

ويقدَّر عدد سكانها بحوالي نصف مليون نسمة بعد أن كان 770 ألف نسمة عند اندلاع الحرب الأهلية في مارس 2011، وفق معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

كما توجد تجمعات سكنية درزية في وصلخد وشهبا والقريا في جبل العرب وجرمانا قرب دمشق ومجدل شمس في الجولان السوري المحتل.

ومن الشخصيات الدرزية السورية المعروفة إلى جانب سلطان باشا الأطرش، الفنان فريد الأطرش وأخته المطربة أسمهان وفهد بلان.

نزوح متواصل

ووفق مركز جسور للدراسات وهو مركز متخصص في إدارة المعلومات وإعداد الدراسات والأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بلغ إجمالي عدد السوريين مع نهاية الربع الأول من عام 2023، ما يقارب 26.7 مليون شخص، منهم 16.76 مليون تقريباً داخل سوريا، و 9.12 مليون تقريباً خارجها، و897 ألف مفقود ومغيّب.

وكانت تتوزّع أعداد السوريين في الداخل بين المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة والتي يوجد فيها 4.3 مليون شخص تقريباً، ومناطق قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمالي وشرق سوريا، حيث فيها 2.6 مليون شخص، ومناطق النظام السوري السابق والتي كان يسكنها نحو 9.6 مليون شخص.

وبحسب تقرير الخارجية الأميركية للحريات الدينية الصادر في عام 2023، كان أكثر من نصف سكان البلاد لا يزالون نازحين مقارنةً بتعدادهم قبل 2011، وشمل ذلك 6.8 مليون شخص من النازحين داخلياً، وحوالي 5.1 مليون لاجئ.

تصنيفات

قصص قد تهمك