أثار انهيار نظام بشار الأسد في سوريا الآمال في العثور على الصحافي الأميركي أوستن تايس، الذي تقول عائلته بأنه "لا يزال على قيد الحياة"، بعد أكثر من 12 عاماً من اختطافه، أثناء تغطيته للحرب في سوريا.
وقالت عائلة أوستن تايس، وهو من قدامى المحاربين في مشاة البحرية وصحافي مستقل، إنها تلقت معلومات تفيد بأنه على "قيد الحياة وبصحة جيدة"، وإنهم يشعرون بالإحباط إزاء عجز الحكومة الأميركية عن إعادته إلى الوطن.
واختفى تايس في 14 أغسطس 2012، أثناء تغطيته للحرب السورية، وبعد أسابيع، ظهر مقطع فيديو قصير على الإنترنت يظهر تايس معصوب العينين ومحتجزاً من قبل رجال مسلحين. وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي شوهد فيها.
ورغم أن أحداً لم يعلن مسؤوليته عن اختفائه، إلا أن الرئيس الأميركي جو بايدن، قال في وقت سابق، إن الولايات المتحدة تعرف "على وجه اليقين أن تايس محتجز لدى النظام السوري".
وحددت الولايات المتحدة عدداً قليلاً من السجون في سوريا قد توفر أدلة على مصير تايس. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن واشنطن تعمل على العثور على تايس وإعادته إلى الوطن، لكن المسؤول أضاف أن الولايات المتحدة ليس لديها "معلومات جديدة يمكن التحقق منها" عن مكانه، وفق ما نقلت "نيويورك تايمز".
وقال مسؤولون أميركيون إن إدارة ترمب وإدارة بايدن عملتا بجد على القضية. وقبل عدة سنوات، أنشأت وكالة المخابرات المركزية ما يعرف بخلية الاستهداف التي يشرف عليها محلل الاستخبارات الذي أشرف على مطاردة أسامة بن لادن، وهي علامة على مدى أهمية هذه القضية بالنسبة للوكالة.
من هو أوستن تايس؟
تايس، الذي يبلغ من العمر الآن 43 عاماً، من هيوستن، هو قائد مخضرم في سلاح مشاة البحرية الأميركية وخريج جامعة جورج تاون.
قرر السفر إلى سوريا في مايو 2012 وقضاء الصيف قبل سنته الأخيرة في كلية الحقوق بجامعة جورج تاون للعمل كصحافي مستقل يغطي الحرب الأهلية في سوريا لصالح صحيفة "واشنطن بوست" و"مكلاتشي" ومنافذ إخبارية أخرى، وفقاً لـموقع إلكتروني أنشأته عائلته.
في أغسطس 2012، سافر تايس إلى الجنوب من دمشق، العاصمة السورية، لإعداد تقرير بشأن الوضع الميداني. وكان تايس قد شوهد آخر مرة في مقطع فيديو صدر بعد أسابيع قليلة من احتجازه.
وفي مقطع الفيديو الذي يبلغ طوله 46 ثانية، والذي تم نشره على يوتيوب، يرتدي الصحافي ملابس ممزقة وعصابة على عينيه ويقوده رجال ملثمون مسلحون.
يشير الفيديو في ذلك الوقت إلى أن متطرفين قد اختطفوا تايس، الذي كان يبلغ من العمر 31 عاماً آنذاك.
منذ إصدار الفيديو، قالت الحكومة الأميركية إن تايس محتجز لدى الحكومة السورية. لم يعلن أحد علناً مسؤوليته عن القبض عليه أو عن الفيديو. تقول عائلة تايس إنها لم تتلق أي معلومات أو طلبات بشأن ما هو مطلوب لتأمين إطلاق سراحه.
ووصفه أكوب تايس شقيقه الأكبر بأنه كان قادراً دائماً على "تكوين علاقات في كل سياق عمل فيه. وأنا أعلم أنه رجل مقنع. إنه ودود ومنفتح للغاية. ولا أستطيع إلا أن أتخيل أن هذا خدمه بشكل جيد على مدى هذه السنوات الاثنتي عشرة الماضية".
وتقول عائلة تايس على موقعها الإلكتروني إنه كان يخطط للمغادرة إلى لبنان في 14 أغسطس 2012. ولكن بعد وقت قصير من مغادرته ضاحية داريا في دمشق، تم احتجازه عند نقطة تفتيش.
معاناة مستمرة
قالت أبيجيل إيدابرن، شقيقة تايس، إنها تريد أن يرى تايس أبناء وبنات أخيه وأخواته، الذين ولد بعضهم أثناء وجوده في الأسر.
وأضافت: "كانت الأيام القليلة الماضية مكثفة بشكل لا يصدق، ويبدو الأمر مختلفاً تماماً عما كان عليه في الماضي. يبدو الأمر وكأن أي شيء ممكن".
وتعتقد عائلة تايس والمسؤولون الأميركيون أنه لا يزال على قيد الحياة. وأشارت والدته، ديبرا تايس، مؤخراً إلى معلومات من مصدر موثوق، تم التحقق منه من قبل الحكومة الأميركية، تفيد بأن أوستن على قيد الحياة، ويتلقى الرعاية.
وقادت عائلة تايس معركة استمرت سنوات لتحرير ابنها، وكانت على اتصال وثيق بالبيت الأبيض في عهد الرؤساء باراك أوباما ودونالد ترمب وبايدن، فضلاً عن مسؤولين حكوميين آخرين.
وقال مستشار الأمن القومي لبايدن جيك سوليفان في مقابلة مع "سي بي إس مورنينجز"، الاثنين، إن الولايات المتحدة كانت منخرطة مع حلفائها وغيرهم على الأرض في سوريا "لتتبع من يخرج من هذه السجون".
وتابع سوليفان: "نحن ملتزمون بإعادة أوستن تايس إلى عائلته، وسنعمل مع أشخاص في سوريا لتحقيق ذلك".
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، الاثنين، أن كبير المفاوضين الحكوميين بشأن الرهائن، روجر كارستينز، موجود في لبنان للعمل على قضية تايس.
وقال والد تيس في بيان: "نحن ننتظر بفارغ الصبر رؤية أوستن حراً طليقاً ونطلب من أي شخص يستطيع فعل ذلك أن يساعده حتى يتمكن من العودة بأمان إلى وطننا وعائلتنا".
وقال مسؤول أميركي سابق إن الولايات المتحدة تلقت معلومات مخابرات قبل أشهر من مصدر لبناني أخبرهم فيها بأنه رأى تايس حياً، وإنه يعتقد أن الجماعة التي تحتجزه على علاقة بـ"حزب الله" اللبناني.
وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة تتلقى في أحيان كثيرة تقارير عن مكان تايس، لكن من الصعب تحديد دقتها أو مصداقيتها.
ووفقاً لمصدر مطلع، لم تسفر محادثات سرية استمرت لسنوات مع حكومة الأسد عن تقدم يذكر، إذ كانت سوريا تقول إنها لا تستطيع تقديم ما يثبت أن تايس على قيد الحياة إلا إذا استجابت الولايات المتحدة لمطالب مثل سحب قواتها من البلاد. وساعد لبنان في التوسط في تلك المحادثات.