مقترح لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا يمهد لهدنة وحل سياسي.. وزيلينسكي يرفض

كييف تطالب الغرب بتسريع إرسال المساعدات العسكرية قبل عودة ترمب إلى البيت الأبيض

time reading iconدقائق القراءة - 10
جندي من القوات المسلحة الأوكرانية يطلق قذيفة هاون عيار 120 ملم تجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك. 19 نوفمبر 2024 - REUTERS
جندي من القوات المسلحة الأوكرانية يطلق قذيفة هاون عيار 120 ملم تجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك. 19 نوفمبر 2024 - REUTERS
موسكو-ديالا الخليلي

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان موافقة روسيا على تبادل الأسرى مع أوكرانيا، ضمن اقتراح طرحه سابقاً بشأن هدنة قد تمهد لحل سياسي في الصراع الدائر بين الدولتين.

وأضاف أوربان، الذي يقول إنه يسعى لإحلال السلام في أوكرانيا، لإذاعة Kossuth: "وافق أحد الطرفين، بينما رفض الآخر على ما يبدو، لكن الاحتمال لا يزال قائماً"، مشيراً إلى أن تبادل الأسرى على نطاق واسع بين أطراف النزاع يمكن أن يسعد مئات أو آلاف الأشخاص.

بدوره، أعرب الكرملين عن انفتاحه على التفاوض مع كييف، مشدداً على أن بلاده لا تحتاج إلى هدنة مؤقتة، بل إلى سلام شامل يستوفي جميع الشروط التي حددتها موسكو سابقاً.

أوربان ومهمة السلام

ومع اقتراب انتهاء ترؤس مجر للدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، بذل رئيس وزراءها جهوداً متجددة للدفع نحو التوصل إلى حل سلمي للصراع الأوكراني، فبعد لقائه ترمب في 9 ديسمبر الحالي، أجرى اتصالاً هاتفياً في 11 ديسمبر بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ونتيجة للمحادثة، قال أوربان إنه عُرض على أوكرانيا وقف إطلاق النار بمناسبة عيد الميلاد إضافة إلى صفقة لتبادل الأسرى على نطاق واسع، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفض العرض، وسارع مكتبه إلى الإعلان عن أن كييف لم تسمح للمجر بالتفاوض من الأساس.

وفي الوقت نفسه، شكر زيلينسكي الجانب الأميركي وقادة أوروبيين على العمل معه لإيجاد "الحلول الصحيحة والقوية من أجل السلام الحقيقي"، على حد قوله.

في المقابل، أكد الكرملين على وجود مثل هذا الاقتراح، لكنه اعتبر أن تصريحات زيلينسكي تظهر رفضه للمقترح، وأضاف الكرملين أن موسكو لم ترفض إطلاقاً اتفاقات السلام، وأعلنت مراراً استعدادها لاستئناف التفاوض على أساس اتفاقيات إسطنبول لعام 2022. 

وأعرب الكرملين عن دعم موسكو الكامل لجهود أوربان الهادفة إلى إيجاد تسوية وحل القضايا المتعلقة بتبادل الأسرى، كما أرسل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مقترحات موسكو بشأن تبادل الأسرى إلى السفارة المجرية لدى موسكو.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو ستانيسلاف بيشوك أن "رفض كييف لمقترح إعلان هدنة جاء نتيجة لما وصفه بـ"مسألة نفسية".

وأضاف بيشوك، لـ"الشرق"، أن "هناك رؤية بأنه في حال نجحت الهدنة، ستظهر تساؤلات بشأن لماذا لا تتواصل هذه الهدنة؟ وحينها سيطرح السؤال على الجانب الأوكراني، لماذا لم يتم إعلان الهدنة منذ البداية بعد مفاوضات إسطنبول بدلاً من الوصول إلى الأوضاع القائمة حالياً، والتي خسرت فيها كييف الكثير من الأشخاص والأراضي؟".

تسوية ترمب لحرب أوكرانيا

وتأتي هذه التطورات في ظل ترقب لعودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، إذ أكد أنه يسعى لإنهاء سريع للحرب الأوكرانية المستمرة منذ قرابة 3 أعوام، لافتاً إلى وجود "خطة جيدة" للمساعدة، دون الكشف عنها قبل توليه منصب الرئاسة.

وقال الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين، لـ"الشرق"، إنه "لا يجب أن نثق بتصريحات ترمب، نعلم كيف تصرف منذ 4 سنوات عندما كان رئيساً، وخلال فترة ولايته كانت أوكرانيا تقصف إقليم دونباس، وحينها لم يفعل شيئاً لإنهاء ذلك الأمر".

وأضاف: "المجمع الصناعي العسكري الأميركي يربح من هذه الحرب، وأميركا تخوض حرباً ضد روسيا"، معتبراً أن موسكو "لا تخوض حرباً ضد كييف، بل الغرب يستخدمها كأداة لمحاربة روسيا، وواشنطن ستواصل إرسال مساعدات عسكرية لكييف".

بدوره، وصف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف تصريحات حاكم البيت الأبيض القادم بشأن قدرته على إنهاء الحرب الأوكرانية خلال 24 ساعة بأنها "شعارات انتخابية".

إجراءات ما بعد الصراع

ومع غياب وضوح لمستقبل الصراع الأوكراني، يبدو أن مواقف عدد من الدول الغربية لا تؤدي إلا لتشجيع كييف على رفض الانخراط في حوار بشأن التسوية، ولدى فرنسا مكانة خاصة في هذا الشأن، إذ يرى خبراء أن مراقبة دور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تبين أنه قرر لعب دور نقيض لأوربان.

ومنذ البداية، أعلن أوربان الحاجة إلى حل سلمي للمواجهة بين أوكرانيا وروسيا، أما ماكرون فقد فعل على العكس من ذلك، حيث سعى إلى صب الزيت على نار الصراع، إذ كان أول من أثار مسألة إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا في فبراير.

وبعد فوز ترمب في الانتخابات الأميركية، التي جرت في نوفمبر، تحدثت باريس مجدداً عن "عدم استبعادها" لمثل هذا السيناريو.

وتوجه ماكرون إلى بولندا لمناقشة الموضوع، إلا أن رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك قال إن وارسو لم تخطط بعد لإرسال قوات إلى أوكرانيا حتى بعد تعليق الصراع.

وفي الوقت نفسه، أكد الرئيس الفرنسي أنه رغم أن على كييف أن تتخذ قرارها الخاص بتقديم تنازلات أم لا، إلا أنه "لا يمكن أن يكون هناك أمن في أوروبا دون الأوروبيين".

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو ستانيسلاف بيشوك أن "انعكاس إمكانية نشر قوات على الوضع في المنطقة سيكون مرتبطاً بأمرين، أولها لمن ستكون تابعة هذه القوات، وثانياً أين سيتم نشرها".

وتابع بيشوك في حديث لـ"الشرق": "إذا جرى الحديث عن منطقة منزوعة السلاح بين روسيا وأوكرانيا، وبالطبع ليس على تلك الأراضي التي تعتبرها روسيا ضمن سيادتها، فحينها يجب أن تكون قوات حفظ السلام هذه ترضي كلا البلدين".

وأشار إلى أن "نشر أي قوات حفظ سلام ممثلة بحلف شمال الأطلسي (الناتو) غير مقبولة لروسيا"، لكنه أضاف: "لو نشرت دول حيادية مثل كازاخستان أو الصين، ربما سيكون الأمر مقبولاً".

ولفت بيشوك إلى أن "استخدام صواريخ بعيدة المدى أثار قلق الحقوقيين في حلف (الناتو)، كما أن الجميع على علم بأنه ليس لدى كييف إمكانية وقدرات لتوجيه هذه الصواريخ، وأميركا تساعدها في ذلك".

واعتبر أن "هذا يعني مشاركة مباشرة للولايات المتحدة و(الناتو) في العدوان ضد روسيا، وفي إطار القانون الدولي بإمكان موسكو الإعلان عن أن الحلف يشن عدواناً مباشراً ضدها، كونه يشارك في مثل هذا الهجوم".

صورايخ "أوريشنيك"

وكان رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة البيلاروسية بافيل مورافيكو أعلن أن رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو أوعز لقواته بضمان نشر منظومة صواريخ "أوريشنيك" الروسية الفرط صوتيه على أراضي بلاده، والتخطيط لاستخدامها المحتمل.

وعقب اجتماع المجلس الأعلى لدولة الاتحاد التي تشمل روسيا وبيلاروس، قال لوكاشينكو إنه طلب من بوتين نشر منظومة صواريخ "أوريشنيك" في البلاد، مشيراً إلى امتلاك بلاده قرابة 30 موقعاً محتملاً لنشر تلك المنصات.

بدوره، أفاد بوتين بإمكانية تسليم مينسك المنظومات في النصف الثاني من العام القادم، موضحاً أن وجود عدد كاف من "أوريشنيك" يلغي عملياً استخدام الأسلحة النووية.

واعتبر الخبير العسكري ليتوفكين أن نشر "أوريشنيك" في بيلاروس رسالة "تحذيرية" إلى كافة الدول الغربية، وأضاف: "كما أن هذا يرفع من مكانة وسلطة مينسك، وأن هذا البلد سيملك منظومة صواريخ فرط صوتية متوسطة المدى، ولا تملك أي دولة أخرى مثل هذه المنظومة، وهو تأكيد على وحدة روسيا وبيلاروس (دولة الاتحاد)".

وذكر ليتوفكين أن "أمن بيلاروس مرتبط بأمن روسيا التي تضع مينسك تحت مظلتها النووية، وهذا مذكور في العقيدة النووية الروسية المحدثة.. ومنظومة (أوريشنيك) ليست من فصيلة أسلحة الدمار الشامل".

المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا

وعلى الرغم من الحديث عن مقترحات بشأن التوجه إلى حل سلمي، تدفع كييف إلى التعجيل باستلام مساعدات عسكرية من الغرب، لا سيما من الولايات المتحدة، خاصة قبل تولي ترمب زمام الأمور في 20 يناير.

وأعلن منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي موافقة بايدن على حزمة المساعدات العسكرية الـ72 لأوكرانيا، التي تتضمن بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المسيرة والمدفعية.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن واشنطن ستقدم معدات عسكرية وأسلحة تقدر قيمتها بقرابة 500 مليون دولار لشريكتها كييف، التي قال إنها "بحاجة ماسة لها".

كما سبق أن توصل قادة مجموعة السبع لاتفاق من شأنه تخصيص 50 مليار دولار لكييف عبر استخدام الأصول الروسية المجمدة، لافتين إلى أن هذا الأمر سيتم قبل نهاية العام 2024.

بدورها، ووصفت وزارة الخارجية الروسية، في وقت سابق، تخصيص واشنطن قرضاً جديداً لكييف باستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة بأنه "سرقة مبتذلة".

وشددت الوزارة على أن "سرقة الأصول الروسية سيؤدي إلى زعزعة استقرار النظام العالمي القائم على قواعد، والمتلاشي عملياً"، معتبرةً أن "المساعدات الجديدة لأوكرانيا دليل على الرغبة في إطالة أمد معاناة كييف".

تصنيفات

قصص قد تهمك