شدد مسؤول بوزارة الدفاع التركية، الخميس، على رفض الحديث عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمال سوريا، على عكس إعلان أميركي بشأن هذه المسألة، فيما تعهد القائد العام لـ"قسد"، مظلوم عبدي، برحيل المقاتلين الأكراد غير السوريين إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أنقرة.
وقال المسؤول التركي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، للصحافيين: "بالنسبة لأنقرة، من غير الوارد أن نجري محادثات مع أي منظمة إرهابية.. لا بد أن التعليقات (الأميركية) كانت زلة لسان".
ورداً على سؤال عما إذا كانت أنقرة تدرس عملية برية جديدة في شمال سوريا، قال المسؤول إن تركيا لا تزال ترى تهديداً لحدودها من تلك المنطقة. وأضاف: "سنواصل استعداداتنا واحتياطاتنا في إطار مكافحة الإرهاب حتى يُلقي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، السلاح ويغادر مقاتلوهم الأجانب سوريا".
وذكر المسؤول، أن أنقرة ترى أن قوات (الجيش الوطني السوري) المدعومة من تركيا "ستحرر" المناطق التي يحتلها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، مما يشير إلى أن أنقرة لا تخطط لعملية وشيكة يقوم بها جيشها في المنطقة.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات الخارجية الأميركية، بأن وقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية في محيط منبج بشمال سوريا، جرى تمديده حتى نهاية الأسبوع، وما يزال صامداً.
وذكر نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتل، أن الولايات المتحدة تراقب الوضع في كوباني (عين العرب) عن كثب، حيث لا يزال الوضع هناك متغيراً، لكننا لم نستنتج أن هناك قتالاً واسع النطاق".
مرحلة سياسية جديدة
وفي تصريحات لوكالة "رويترز"، قال عبدي، إن المقاتلين الأكراد الذين قدموا إلى سوريا من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم القوات الكردية السورية، سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة مع تركيا بشمال سوريا.
وأضاف عبدي: "هناك وضع مختلف في سوريا. نحن الآن نبدأ مرحلة سياسية. يجب على السوريين حل مشاكلهم بأنفسهم وتأسيس إدارة جديدة".
ومضى قائلاً: "نظراً للتطورات الجديدة في سوريا، فقد آن الأوان لعودة المقاتلين الذين ساعدونا في حربنا إلى مناطقهم ورؤوسهم مرفوعة".
وتعليقات عبدي هي المرة الأولى التي يؤكد فيها أن المقاتلين الأكراد غير السوريين، بما في ذلك أعضاء حزب العمال الكردستاني، جاءوا إلى سوريا لدعم قواته خلال الصراع السوري. وتصنف تركيا والولايات المتحدة ودول أخرى حزب العمال الكردستاني "جماعة إرهابية".
ويمثل انسحاب المقاتلين الأكراد غير السوريين أحد المطالب الرئيسية لتركيا، التي تعتبر الجماعات الكردية في سوريا تهديداً لأمنها القومي وتدعم حملة عسكرية جديدة ضدهم في الشمال.
وتصاعدت الأعمال العدائية منذ الإطاحة ببشار الأسد قبل أقل من أسبوعين، حيث استولت تركيا والجماعات المسلحة السورية التي تدعمها على مدينة منبج من قوات سوريا الديمقراطية في التاسع من ديسمبر الجاري.
مصالح متضاربة
وتوسطت واشنطن في وقف مؤقت لإطلاق نار بين فصائل مدعومة من تركيا في المعارضة السورية المسلحة، وقوات سوريا الديمقراطية، الأسبوع الماضي، بعد اندلاع مواجهات في وقت سابق من الشهر الجاري مع تقدم فصائل المعارضة نحو دمشق.
وتشارك قوات سوريا الديمقراطية في تحالف أميركي ضد تنظيم "داعش". وتقود القوات وحدات حماية الشعب الكردية، وهي مجموعة تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني.
وشنت تركيا منذ عام 2016، أربع عمليات عسكرية في شمال سوريا، وأرجعتها إلى تهديدات للأمن القومي.
ولدى قوات سوريا الديمقراطية علاقات وطيدة بدول غربية منها الولايات المتحدة وفرنسا. وقالت باريس في وقت سابق، إن قوات سوريا الديمقراطية يجب أن يكون لها دور في الانتقال السياسي في سوريا.
مخاوف تركيا
وتراقب واشنطن عن كثب أي تحركات من جانب تركيا أو القوات المدعومة من تركيا على بلدة كوباني التي يسيطر عليها الأكراد، وتقول الولايات المتحدة إنها تتفهم المخاوف التركية بشأن حزب العمال الكردستاني.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في إفادة صحيفة، الثلاثاء: "نحن نتفهم المخاوف المشروعة للغاية لدى تركيا بشأن وجود مقاتلين أجانب داخل سوريا، لذلك نتحدث معهم بشأن هذه المخاوف ونحاول إيجاد طريق للمضي قدماً".
ومن جهتها، تعهدت قوات سوريا الديمقراطية، الخميس، بقتال تركيا والجماعات التي تدعمها في مدينة كوباني بشمال سوريا.
وقالت في بيان: "إننا في قوات سوريا الديمقراطية نؤكد على أهمية وقف التصعيد ووقف جميع العمليات العسكرية وحل كافة المواضيع العالقة عبر الحوار. لكننا لن نتردد في التصدي لأي هجوم أو استهداف لشعبنا ومناطقنا".
وأضافت: "ستحارب قواتنا بمشاركة أهالي كوباني بكل ما أوتيت من قوة".