تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، بـ"حماية أراضي سوريا ووحدتها تحت أي ظرف كان"، مؤكداً عزم بلاده على مواصلة تنفيذ عمليات عسكرية "دقيقة" ضد من أسماهم "الإرهابيين في سوريا" دون إلحاق أي ضرر بالمدنيين.
وقال أردوغان، في كلمة بعد اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة، إن بلاده تجري "حواراً وثيقاً" مع قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع، مشيراً إلى أن الزيارات إلى سوريا "ستزداد من الآن فصاعداً".
وأضاف أن "تركيا ستقدم للشعب السوري كل الدعم الذي يحتاجه لتعزيز مكاسبه"، معتبراً أن "الوضع الجديد، الناجم عن الثورة فيها، وجه أنظار العالم مجدداً إلى سوريا، وباعتبارنا أشقاء لها قرأ المرحلة الجديدة بشكل أفضل".
وتعهد أردوغان بتقديم "الدعم اللازم إلى الشعب السوري، الذي انتصر في حربه ضد النظام الظالم، ليجعل هذا النصر والنجاح دائمين".
واعتبر أن "استقرار سوريا يعني أمناً وسلاماً للمنطقة، وينبغي الوقوف إلى جانب الشعب السوري للنهوض ببلاده"، لافتاً إلى أن "بعض المسؤولين الجدد في سوريا تلقوا التعليم في تركيا، ونحن في تواصل مع الشرع".
أزمة الأكراد
وعن "وحدات حماية الشعب الكردي" YPG والتي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية وهو أحد أكبر مكونات "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، قال الرئيس التركي: "المؤكد أننا سنعمل للقضاء على هذه العصابة المجرمة، ولن نسمح أن تبقى مصدر تهديد لمنطقتنا".
وذكر أنه "لا يوجد أي مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل سوريا والمنطقة، وعلى تنظيم PKK وأذرعه حل نفسه أو ستتم تصفيته"، في إشارة إلى "حزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية.
وتابع: "إما أن يُفكك تنظيم PKK الإرهابي نفسه وإما سيُفكك بالقوة، وسنتخلص قريباً من الإرهاب في المنطقة، وسننعم بالسلام والأمن".
وتعد تركيا "وحدات حماية الشعب" امتداداً لـ"حزب العمال الكردستاني" الذي يرفع راية التمرد في وجه الدولة التركية منذ 40 عاماً، وتصنفه أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية".
ولعبت "قوات سوريا الديمقراطيةً" دوراً رئيسياً في هزيمة مسلحي تنظيم "داعش" في الفترة من 2014 إلى 2017 بدعم جوي أميركي، ولا تزال تحرس مقاتلين من التنظيم في معسكرات الاعتقال.
وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مؤخراً من أن التنظيم سيحاول إعادة بناء قدراته في هذه الفترة، فيما شدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، عقب محادثات في دمشق، الأحد، مع أحمد الشرع، على أنه لا مكان للمسلحين الأكراد في مستقبل سوريا، مطالباً "وحدات حماية الشعب" الكردية بتفكيك قواتها.
ويعد فيدان أول وزير خارجية يزور دمشق منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد قبل أسبوعين، وجاءت زيارته، الأحد، وسط أعمال قتالية في شمال شرق سوريا بين مقاتلين سوريين تدعمهم تركيا و"وحدات حماية الشعب"، التي تقود "قوات سوريا الديمقراطية" المتحالفة مع الولايات المتحدة.
من جهته، قالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الاثنين، إن قائدها مظلوم عبدي التقى رئاسة المجلس الوطني الكردي بحضور مسؤولين من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وبحثا بناء موقف كردي موحد في سوريا الجديدة.
وأضافت "قسد"، في بيان، أن الجانبين اتفقا على أهمية استمرار اللقاءات وتسريع حل القضايا الخلافية.
"هندسة سياسية"
من جهته، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، في وقت سابق الاثنين، إن بلاده" لن تتسامح أبداً مع أي هندسة سياسية أو جهود ترمي إلى تقسيم عرقي في الأراضي السورية".
وشدد على أن "وزارة خارجيتنا تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وإحلال السلام الدائم من خلال إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع جميع الأطراف في المنطقة"، بحسب ما نقلته وكالة "الأناضول" التركية.
وأشار إلى أن "المسار الدبلوماسي، الذي سلكته تركيا مع روسيا وإيران، يعد جزءاً من جهودها الرامية لإحلال السلام والاستقرار الدائمين في سوريا".
واعتبر ألطون أن "وجود التنظيمات الإرهابية في الأراضي السورية لا يهدد أمن حدودنا فحسب، بل يهدد أيضاً استقرار المنطقة، ولهذا السبب، فإن تركيا عازمة على مواصلة الكفاح ضد الإرهاب".
وأردف: "بالنسبة لنا، سوريا ليست مجرد دولة جارة، بل هي جغرافية تجمعنا فيها روابط تاريخية وإنسانية، وستواصل تركيا جهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة".
وفي وقت سابق، قال وزير الدفاع التركي يشار جولر إن أنقرة تعتقد أن القيادة السورية الجديدة، بما في ذلك فصيل "الجيش الوطني السوري" الذي تدعمه أنقرة، ستطرد "وحدات حماية الشعب" من جميع الأراضي التي تحتلها في الشمال الشرقي، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".