قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا جير بيدرسن إنه يجب إيجاد حل سياسي للتوتر في شمال شرق سوريا بين السلطات التي يقودها الأكراد والجماعات المدعومة من تركيا، وإلا ستكون هناك "عواقب وخيمة" على سوريا بأكملها.
وتصاعد القتال بين فصائل سورية مسلحة مدعومة من أنقرة، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق البلاد، منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر.
وانتزعت فصائل سورية مسلحة السيطرة على مدينة منبج من قوات سوريا الديمقراطية في التاسع من ديسمبر، وربما تستعد لمهاجمة مدينة كوباني، عين العرب، على الحدود الشمالية مع تركيا.
وقال بيدرسن في مقابلة مع "رويترز" عبر الهاتف: "إذا لم يتسن التعامل مع الوضع في الشمال الشرقي تعاملاً صحيحاً، فقد يكون ذلك نذير سوء كبير بالنسبة لسوريا بأكملها"، مضيفاً: "إذا فشلنا هنا، فسيكون لذلك عواقب وخيمة عندما يتعلق الأمر بنزوح جديد".
واعتبر بيدرسن أن الحل السياسي "سيتطلب تنازلات جادة للغاية"، ويجب أن يكون جزءاً من "المرحلة الانتقالية" التي تقودها السلطات السورية الجديدة في دمشق.
وقال بيدرسن إن قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع أبلغه خلال اجتماعات في دمشق، الأسبوع الماضي، بأن الإدارة الجديدة ملتزمة "بالترتيبات الانتقالية التي ستكون شاملة للجميع"، مشيراً إلى أن تهدئة التوتر في شمال شرق سوريا "ستكون اختباراً لسوريا الجديدة بعد حكم عائلة الأسد الذي دام لما يربو على خمسة عقود".
وأكد بيدرسن على أن مسألة "تأسيس سوريا جديدة وحرة برمتها ستكون، بتعبير دبلوماسي، صعبة جداً".
الانسحاب مقابل الهدنة
واقترحت قوات سوريا الديمقراطية، التي تقودها "وحدات حماية الشعب الكردية" YPG ، سحب قواتها من المنطقة مقابل "هدنة كاملة"، لكن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قال في مؤتمر صحافي بدمشق مع الشرع، الأحد، إن وحدات حماية الشعب "يجب أن تنحل بالكامل".
وتعد تركيا وحدات حماية الشعب امتداداً لمسلحي "حزب العمال الكردستاني" PKK، الذين يخوضون تمرداً ضد الدولة التركية، وتصنفهم أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي "جماعة إرهابية".
وقال فيدان إنه "ناقش وجود وحدات حماية الشعب مع الإدارة السورية الجديدة"، ويعتقد أن دمشق ستتخذ خطوات لضمان وحدة أراضي سوريا وسيادتها.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، على أن بلاده ستبقى على اتصال وثيق مع قائد الإدارة السورية الجديدة.
وتتمتع الجماعات الكردية بالحكم الذاتي في معظم أنحاء شمال شرق سوريا منذ بدء الحرب الأهلية في 2011، لكنها تخشى الآن أن تقضي عليها القيادة الجديدة في البلاد.
وتظاهر آلاف النساء في مدينة القامشلي بشمال شرق سوريا، الاثنين، لمطالبة الحكام الجدد باحترام حقوق المرأة، وللتنديد بالحملات العسكرية المدعومة من تركيا في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال البلاد.
مبادرة لحوار وطني
وكان قد أطلق ما يسمى "الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا"، الاثنين، مبادرة من 10 نقاط لبدء حوار وطني سوري شامل، ودعت إلى عقد اجتماع في دمشق بمشاركة القوى السياسية لتوحيد الرؤى بشأن المرحلة الانتقالية.
وقالت الهيئة في بيان: "سياسة الإقصاء والتهميش يجب أن تنتهي، ويجب أن تشارك جميع القوى السياسية في بناء سوريا الجديدة بما في ذلك الفترة الانتقالية".
وقالت الإدارة إنه يجري حالياً الإعداد لمرحلة لقاءات وحوار مع الفصائل المسلحة في العاصمة دمشق "بهدف توحيد الآليات والجهود لخدمة سوريا وشعبها".
ونفى متحدث باسم الإدارة، في بيان مقتضب على منصة "إكس" آنذاك، كل ما تم تداوله حول "مسودة أو تفاهم" مع الفصائل التي تقودها "هيئة تحرير الشام" في دمشق، إذ تقضي المبادرة بالحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية وحمايتها من الهجمات التي تشنها تركيا والفصائل الموالية لها، ووقف العمليات العسكرية في البلاد للبدء في حوار وطني شامل.