قالت النائبة إليز ستيفانيك، المرشحة لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إنها تؤيد المزاعم التي يرددها اليمين المتطرف في إسرائيل بشأن "حق توراتي لليهود" يخول لهم الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
وعقدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جلسة استماع لبحث التصديق على تعيين النائبة الجمهورية إليز ستيفانيك (نيويورك) التي رشحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب للعمل كسفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة.
وجاءت العبارة المثيرة للجدل على لسان ستيفانيك خلال استجوابها من جانب السيناتور الديمقراطي كريس فان هولن، بعد أن حاولت التهرب من الإجابة المباشرة على أسئلته عدة مرات.
وطلب فان هولن (66 عاماً) من ستيفانيك الإجابة بـ"نعم" أو "لا" على سؤال بشأن ما إذا كانت توافق على أنه "من أجل تحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل في الشرق الأوسط، يتعين علينا تأمين حقوق الإنسان وحقوق تقرير المصير لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين".
فأجابت ستيفانيك التي اشتهرت باستجواباتها الحادة للعديد من رؤساء الجامعات الأميركية بشأن ما وصفته بـ"معاداة السامية": "أنا أدعم حقوق الإنسان للجميع، وأعتقد أن من العار أن تقوم (حركة) حماس (الفلسطينية) و"حزب الله" (اللبناني) بتجريد الشعب الفلسطيني من حقوق الإنسان، ونحن بحاجة إلى التأكد من أننا ندافع عن حقوق الإنسان، وأن إسرائيل تدافع عن حقوق الإنسان.. إنها (إسرائيل) منارة لحقوق الإنسان في المنطقة".
وهنا قاطعها فان هولن قائلاً: "نحن نتفق مع ذلك، لكنني سألتك في مكتبي عما إذا كان للفلسطينيين الحق في تقرير المصير، فكانت إجابتك حسب ما فهمته هي "نعم"، فهل لديك إجابة مختلفة اليوم؟".
وحاولت ستيفانيك، المعروفة بأنها مؤيدة قوية لإسرائيل وتدعم قرارها بقطع الاتصال مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومنعها من دخول الأراضي الفلسطينية، التهرب من سؤال فان هولن مرة أخرى قائلة: "لم يكن هذا هو السؤال المباشر الذي ناقشناه.. لقد قلت إن الفلسطينيين..".
وعاد النائب الديمقراطي عن ولاية مريلاند ليقطع عليها طريق الهروب مجدداً، ليسألها بشكل مباشر: "هل تعتقدين أن للفلسطينيين الحق في تقرير المصير؟"، لكن مرشحة ترمب لم تستسلم، وقدمت مرة أخرى إجابة غير حاسمة بقولها: "أعتقد أنهم يستحقون أكثر من الإخفاقات التي لحقت بهم في ظل قيادة الإرهابيين".
وبعد عدة محاولات للمراوغة، قرر فان هولن، الذي كان والده نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وعملت والدته في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، انتزاع الإجابة الحقيقية والصريحة من ستيفانيك، فقال لها: "نادراً ما أفاجأ بإجابات في مكتبي، لكنني سألتك ما إذا كنت تؤمنين بآراء وزير المالية الإسرائيلي (بتسلئيل) سموتريتش ووزير الأمن القومي (الإسرائيلي) السابق إيتمار بن جفير، اللذان يعتقدان أن لإسرائيل حقاً توراتياً في الضفة الغربية (المحتلة في فلسطين) بأكملها. في تلك المحادثة، قلت لي (نعم) أنك تتفقين مع هذا الرأي، فهل هذا هو رأيك اليوم؟".
وهنا أجابت مرشحة ترمب لتولي منصب سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة بكلمة واحدة فقط هي "نعم".
ويقصد بمصطلح "الحق التوراتي" الإشارة إلى مزاعم يروجها يهود متطرفون بأن "التوراة" تضمنت وعداً بمنح أرض فلسطين التاريخية كاملة لليهود، وهي قضية شهدت، ولا تزال، الكثير من الجدل بشأن تعريف كل أركان هذه الرواية المزعومة، بداية من "من هم اليهود أصلاً؟" وانتهاء لمن كان الوعد ومعناه.
وجهة نظر مؤسسي إسرائيل
واختتم النائب كريس فان هولن استجوابه مخاطباً إليز ستيفانيك بالقول: "حسناً.. أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بهذه القضية الصعبة للغاية (الصراع الفلسطيني الإسرائيلي)، إذا كان الرئيس (ترمب) سينجح في إحلال السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، فسيتعين علينا أن ننظر إلى الأمم المتحدة.. قرارات مجلس الأمن، ليس فقط تلك المتعلقة بلبنان، والتي يجب علينا إنفاذها، وإنما أيضاً القرارات الأخرى الصادرة عن الأمم المتحدة.. قرارات مجلس الأمن".
وأضاف: "سيكون من الصعب جداً تحقيق ذلك إذا واصلتِ (مخاطباً ستيفانيك) التمسك بوجهة النظر التي عبرتِ عنها للتو، وهي وجهة نظر لم يتبناها مؤسسو دولة إسرائيل، الذين كانوا صهيونيين علمانيين، وليسوا صهاينة دينيين".
وانتخبت ستيفانيك لمجلس النواب الأميركي لأول مرة في العام 2014، وكانت أصغر أميركية تنتخب للكونجرس في ذلك الوقت، إذ كان عمرها 30 عاماً فقط، ومثلت دائرة الكونجرس الحادية والعشرين في نيويورك.
وتصدرت عناوين الصحف في العام 2024 من خلال استجوابها رؤساء جامعة بنسلفانيا وهارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بشأن ما وصفته بمعاداة السامية في حرم الجامعات، متهمة إياهم بأنهم لم يفعلوا ما بوسعهم لمنع تفاقم احتجاجات الطلاب المعارضين للحرب التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي قتلت إسرائيل خلالها عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وكان أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن.