تحليل إخباري
سياسة

سوريا.. الحياة بعد ستة أسابيع من سقوط نظام الأسد

time reading iconدقائق القراءة - 7
سوريون يحتفلون برأس السنة الجديدة في دمشق، سوريا. 1 يناير 2025 - reuters
سوريون يحتفلون برأس السنة الجديدة في دمشق، سوريا. 1 يناير 2025 - reuters
الشرق

بعد ستة أسابيع على سقوط نظام الأسد، بدأت ملامح حياة اجتماعية وسياسية تظهر في سوريا. تحاول، وبصعوبة، نفض غبار سنوات الحرب والانهيار الاقتصادي والعزلة السياسية، بعد أن تركت جروحاً عميقة في السوريين، ومع ذلك، تبدو التطورات الأولى لسوريا المتحررة من نير الماضي، أكثر إشراقاً، وتحمل أملاً للسوريين.

بلاد على مفترق طرق وأمل التعافي

شهدت الأسابيع الأولى بعد الأسد موجة عارمة من التفاؤل، وأشاع الإعلام كما السوريين أجواءً يشعرون معها بتحسينات ملموسة في الحياة اليومية. 

كثير من الحديث عن المساعدات الدولية، وإعادة فتح قنوات حيوية مثل مطار دمشق الدولي، كلها تشير إلى بلد يسير نحو التعافي. فإعادة فتح المطار - وهو شريان اقتصادي حيوي طال أمد إغلاقه- أعادت ربط سوريا بالمجتمع الدولي. ومع استئناف الرحلات الجوية، عادت الآمال بالانتعاش الاقتصادي، وخلق الوظائف، وصولاً لأحلام استئناف السياحة الدولية.

الجهود الإقليمية والتعاون الدولي

تتولى المملكة العربية السعودية مساعٍ إقليمية ودولية للتخفيف من العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، ويكرر مسؤولون دبلوماسيون سعوديون أن تخفيف القيود الاقتصادية أمر ضروري لإعادة إعمار سوريا.

وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان محادثات مع نظرائه الغربيين، بمن فيهم المسؤولون الأميركيون والأوروبيون، لمناقشة رفع القيود الاقتصادية.

وقدمت الرياض هذه المبادرة كحاجة إنسانية، إذ دعت القوى الدولية لدعم جهود إعادة بناء سوريا.

وتشير المؤشرات الأولية إلى أن هذه الجهود تلقى تفاعلاً أوروبياً، بينما يشوب الغموض موقف الإدارة الأميركية الجديدة.

إجراءات الاتحاد الأوروبي التدريجية لرفع العقوبات

وضع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خريطة طريق لتخفيف العقوبات على سوريا، مع موازنة الدعم للتعافي ومطالب احترام حقوق الإنسان والحوكمة الشاملة.

وتشمل هذه الخطة رفع القيود عن قطاعات مثل صادرات النفط، والمعاملات المالية "مع الحفاظ على المرونة لإعادة فرض التدابير إذا توقف التقدم".

ورحب وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني بقرار الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياه بأنه "شعاع أمل للشعب السوري".

موقف أميركا المشروط

في الوقت نفسه، ظلّت الولايات المتحدة متحفظة بشأن الموقف من سوريا. المسؤولون الأميركيون منفتحون على مناقشة تخفيف العقوبات، لكنهم ربطوا أي قرارات بمؤشرات تقدم ملموسة في حقوق الإنسان وانفتاح الإدارة الجدية على مكونات المجتمع السوري.

وما زالت المحادثات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والسعودية والدول الأوروبية مستمرة بهذا الشأن، مع تأكيد جميع الأطراف على أهمية نهج موحد لدعم تعافي سوريا.

التفاؤل الاقتصادي والاجتماعي

التحول الاقتصادي هو ربما أكثر علامات الأمل وضوحاً في سوريا. تعيد الشركات المحلية فتح أبوابها، ويعبر رواد الأعمال عن تفاؤلهم بشأن تجربة خالية من الفساد، مدفوعة بالتزام الإدارة الجديدة بمبادئ السوق الحرة.

وأشار الاقتصادي السوري سمير عيتا إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم متفائلة بشكل خاص، حيث شجعت الإدارة الجديدة النشاط التجاري من خلال تقليل العوائق البيروقراطية وتوسيع الوصول إلى الأسواق.

شارك تاجر ملابس في دمشق مع "رويترز" كيف أن 25% من إيراداته كانت تذهب كإتاوات تحت نظام الأسد، وهو عبء كان يعطل نمو الأعمال.

وبالمثل، ذكر تاجر أجهزة منزلية أنه كان يدفع 40 دولاراً شهرياً كرشوة، وهو مبلغ ضخم في بلد يعيش فيه 90% من السكان تحت خط الفقر. وقال التاجر: "الآن، نشعر أننا يمكننا أخيراً العمل لأنفسنا".

غياب النفوذ الإيراني والطريق إلى الاستقرار

عامل مهم في تغيير الديناميكيات في سوريا هو غياب القوات الإيرانية، التي كان وجودها مصدراً للتوتر السياسي والاقتصادي.

تعمل الإدارة الجديدة على إقامة علاقات مع القوى الغربية لتشكيل تحالفات تعطي الأولوية لمصالح سوريا. ويكرر خبراء أن أي تعاون سوري جديد مع إيران قد يعرض المسار السوري الجديد للخطر، إذ يتهمون النشاطات الإيرانية إبان حكم "البعث" والأسد، أنها كانت تركز على أجندات طائفية، بدلاً من الاستقرار الوطني.

شراكات إقليمية وعالمية

وتقدمت تركيا كـ"لاعب رئيس في تعافي سوريا". وأعلن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار عن خطط لزيادة إمدادات الطاقة إلى سوريا، مشيراً إلى أهمية ضمان الاستقرار السياسي والإقليمي.

حالياً، تزود تركيا سوريا بـ210 ميجاواط من الكهرباء يومياً، مع خطط لزيادة هذا الرقم إلى 300 ميجاواط الشهر المقبل، وهو إجراء من المتوقع أن يعزز العلاقات الاقتصادية السورية التركية.

بالإضافة إلى ذلك، أكدت الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى أهمية سوريا المتزايدة على الساحة الدولية. التقت وفود من ألمانيا وفرنسا والإمارات بمسؤولين سوريين لمناقشة جهود إعادة الإعمار، مما يمثل تحولاً كبيراً عن عزلة سوريا السابقة.

بصيص من الحرية

اجتماعياً، أدى غياب النفوذ الإيراني وسقوط نظام الأسد إلى ظهور حريات جديدة. أصبح السوريون، يعبرون عن أنفسهم بشكل أكثر انفتاحاً، ويحتفلون بالتقاليد التي كانت ممنوعة لسنوات. رغم تكرار الكثيرين انهم ينتظرون ترسيخ الأمل الجديد وربطها بأسس دستورية.

الطريق إلى الأمام

رغم التحديات - بما في ذلك إعادة بناء البنية التحتية، وضمان استمرار المساعدات الدولية، وضمان شمول العملية السياسية - فإن الجهود المبكرة للإدارة الجديدة لا تعطل الأمل. إذ يبدو أن هناك فرصة على التزام سوري شامل بالتوافق والحوار السياسيين، رغم التحديات الكبيرة. 

يحلم السوريون أن تشكل سوريا نموذجاً للتنمية في الشرق الأوسط. وإلى حينه، يتمسك السوريون بالأمل، وهم ينعمون بأجواء تعد بالحرية، في بلد عانى طويلاً من الحرب وويلاتها.

تصنيفات

قصص قد تهمك