واشنطن تدرس تعليق مساعدات أوكرانيا العسكرية بعد مشادة ترمب وزيلينسكي

"واشنطن بوست": أوروبا تبحث تعويض الفجوة حال تنفيذ القرار

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن. 28 فبراير 2025 - REUTERS
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن. 28 فبراير 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تعليق جميع شحنات المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، عقب المشادة الكلامية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، الجمعة، حسبما ذكر مسؤول رفيع في الإدارة لصحيفة "واشنطن بوست".

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، أن هذا القرار، في حال اتخاذه، سيشمل أجهزة رادار، ومركبات، وذخيرة، وصواريخ بقيمة مليارات الدولارات تنتظر الشحن إلى أوكرانيا في إطار صلاحيات السحب الرئاسية.

وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الأميركيين قدموا "رسائل متباينة". ونقلت عن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، قولها إن زيلينسكي "لديه فرصة لتغيير الوضع"، و"خيارات متاحة أمامه"، مشيرة إلى أن ذلك "لا يعني أن (اتفاق المعادن) لا يزال من الممكن إتمامه".

وفي اجتماع استثنائي بالمكتب البيضاوي، الجمعة، هدد ترمب بإنهاء الدعم الأميركي لأوكرانيا في الحرب ضد روسيا بعد اتهامه زيلينسكي بعدم العرفان بالجميل ورغبته باستمرار الحرب.

وأدت المشادة الكلامية بين الرئيسين في البيت الأبيض إلى انقسام داخل صفوف الحزب الجمهوري، ما قلل من فرص موافقة الكونجرس على إرسال مساعدات إضافية لكييف في حربها مع روسيا.

وزار زيلينسكي واشنطن لتوقيع اتفاقية لتطوير الموارد الطبيعية الغنية في أوكرانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة. وكان داعمو أوكرانيا يأملون في أن تساعد هذه الاتفاقية في حشد مزيد من الدعم من الجمهوريين لتمرير مساعدات مستقبلية لكييف.

ضغط مكثف على أوروبا

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن المشادة الكلامية بين ترمب وزيلينسكي، كثفت الضغوط على حلفاء كييف في أوروبا، لسد الفجوة في المساعدات العسكرية الأميركية، وإمكانية تحمل مسؤولية المضي قدماً بمفردهم في تسليح أوكرانيا.

وذكرت أن "الخلاف أدى إلى إفشال محاولات أوروبية استمرت لأيام لإصلاح علاقة زيلينسكي بترمب، كما عرّض مستقبل المساعدات الأميركية لأوكرانيا للخطر".

وأضافت الصحيفة، أن الخلاف الذي اندلع، الجمعة، عندما وبخ ترمب ونائبه جي دي فانس، زيلينسكي، كشف عن فجوة عميقة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين التقليديين. وترك ذلك القادة الأوروبيين في مواجهة تحدي إصلاح العلاقات، والتساؤل بشأن إذا كان بإمكانهم الانفصال أكثر عن الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا لمواصلة القتال ضد روسيا.

ومع تزايد احتمالات اضطرار أوروبا لدعم أوكرانيا دون مساعدة أميركية، يراجع صناع القرار الأوروبيون مخزوناتهم من الأسلحة، لتقييم مدى قدرتهم على سد الفجوة.

وأعرب رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، العائد مؤخراً من زيارة إلى واشنطن، عن "دعمه الثابت لأوكرانيا" خلال استقباله زيلينسكي في لندن، السبت.

وقال مكتب ستارمر، الذي أجرى محادثات منفصلة مع ترمب وزيلينسكي عقب الخلاف الذي نشب بينهما، إنه يبذل "كل ما في وسعه لإيجاد مسار نحو سلام دائم".

وذكر مسؤولون أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، مارك روته، تحدثا أيضاً مع زيلينسكي.

اجتماع "مؤسف"

وكان زيلينسكي توجه إلى واشنطن لإتمام اتفاق يمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى موارد طبيعية أوكرانية، وهو ما كان حلفاؤه الأوروبيون يأملون أن يشجع ترمب على تعزيز الضمانات الأمنية لكييف في المفاوضات الأميركية مع روسيا. لكن هذه المساعي انتهت بتبادل حاد للاتهامات بدلاً من توقيع الاتفاق.

ووصف الأمين العام لحلف الناتو، السبت، الاجتماع بأنه "مؤسف"، مشيراً إلى أنه أوضح للرئيس زيلينسكي أهمية "إيجاد طريقة لإصلاح علاقته" مع ترمب ومسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية.

وعند سؤاله في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، عمّا إذا كان بإمكان الحلفاء تعويض المساعدات الأميركية لأوكرانيا، اعترض روته على ذلك، قائلاً: "من الضروري أن نظل جميعاً متحدين في هذا الأمر"، مضيفاً: "علينا تجاوز ما حدث".

ولفتت "واشنطن بوست"، إلى أن الغموض المحيط بالموقف زاد من إلحاح الاجتماع المقبل للقادة الأوروبيين، الذي يستضيفه ستارمر، الأحد. وكان القادة قد اجتمعوا مرتين بالفعل في باريس لتحقيق تقارب بشأن تعزيز المساعدات لأوكرانيا، بما في ذلك احتمال نشر قوات بعد الحرب، إلى جانب إيجاد مليارات اليورو لدعم جيوشهم، وتقليل اعتمادهم على الولايات المتحدة.

وأضافت الصحيفة، أن القادة الأوروبيين تجنبوا إلى حد كبير توجيه انتقادات صريحة لترمب في تصريحاتهم التضامنية. وبينما سعى روته إلى تهدئة الأجواء، رأى آخرون أن الخلاف العلني يؤكد تغيّر تحالفات الرئيس الأميركي.

وجاءت بعض التحذيرات الأكثر صراحة بشأن الواقع الجديد من مسؤولين في دول مجاورة لروسيا، حيث تزداد المخاوف من التعرض لمخاطر دون دعم كافٍ، بحسب "واشنطن بوست".

وتعهدت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ورئيسة وزراء إستونيا السابقة المعروفة بموقفها المتشدد تجاه روسيا، بأن تزيد أوروبا دعمها لأوكرانيا لضمان استمرارها في القتال. وقالت: "اليوم، أصبح واضحاً أن العالم الحر بحاجة إلى قائد جديد. يقع على عاتقنا نحن الأوروبيين مواجهة هذا التحدي".

مساعدات جديدة

ويعمل الأوروبيون على حشد حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، من المتوقع أن تبلغ قيمتها أكثر من 20 مليار دولار، في وقت كانت فيه مساندة ترمب لكييف موضع شك حتى قبل الخلاف الأخير.

كما يسعى داعمو كييف في أوروبا، إلى تعزيز موقفها التفاوضي، في الوقت الذي تمضي فيه واشنطن نحو محادثات مع موسكو بشأن الصراع.

وتهدف الخطة إلى تزويد أوكرانيا بذخائر مدفعية، وأنظمة دفاع جوي، وطائرات مُسيرة، وغيرها من المنظومات العسكرية من خلال جمع التمويل، أو المعدات من الدول الأوروبية، وفق "واشنطن بوست".

ورغم أن الدول الأوروبية قدمت مساعدات إجمالية لأوكرانيا تفوق ما قدمته الولايات المتحدة منذ عام 2022، وفق معهد كيل، اعتمدت كييف بشكل كبير على الدعم العسكري الأميركي طوال فترة الحرب.

وأشارت "واشنطن بوست"، إلى أن المخزونات الأوروبية لا تضاهي حجم ترسانة الأسلحة الأميركية، كما أن الإمدادات بدأت تنفد بعد سنوات من إرسال المعدات العسكرية إلى أوكرانيا.

ويرى مسؤولون ومحللون، أنه مع توفر الإرادة السياسية الكافية، يمكن للحكومات الأوروبية تعويض جزء من المساعدات، لكن ذلك "سيكون مكلفاً ويتطلب وقتاً، في ظل معاناة بعض الاقتصادات الكبرى في القارة".

وسيكون من الصعب الحفاظ على تدفق الأسلحة والأموال على المدى الطويل، إذا تخلت الولايات المتحدة تماماً عن دعم أوكرانيا، ما قد يضعف جهود الدول الأوروبية لزيادة إنفاقها العسكري، حسبما ذكرت الصحيفة.

وقال دبلوماسيون لـ"واشنطن بوست"، إن الحلفاء الأوروبيين يمكنهم مطابقة التمويل الأميركي إذا لزم الأمر، لكنهم أقروا بصعوبة تعويض مجموعة الأسلحة الكاملة التي قدمتها واشنطن لكييف، لا سيما في القدرات الرئيسية التي تعاني فيها أوروبا من نقص، مثل أنظمة الدفاع الجوي.

ويُقدر بعض المحللين والمسؤولين، أن المخزونات الحالية من الأسلحة قد تتيح لأوكرانيا مواصلة القتال لعدة أشهر قبل أن تواجه أزمة، لكنهم يحذرون من أن ذلك يعتمد على وتيرة الهجمات الروسية.

تصنيفات

قصص قد تهمك