العراق يحذر من "تداعيات كارثية" حال فشل المفاوضات الأميركية الإيرانية

فؤاد حسين لـ"الشرق": المقاتلون الأجانب في سوريا "بؤرة قلق".. وطالبنا واشنطن برفع العقوبات عن دمشق

time reading iconدقائق القراءة - 12
واشنطن-الشرق

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، إن زيارته إلى واشنطن تطرقت إلى المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران، بالإضافة إلى موقف الإدارة الأميركية من النظام الجديد في سوريا.

وأوضح حسين، في مقابلة أجرتها مديرة مكتب "الشرق" في واشنطن، هبة نصر، أن بلاده تؤيد بقوة المسار التفاوضي القائم بين واشنطن وطهران، وأعرب عن أمله في التوصل إلى تفاهمات ونتائج إيجابية تخدم الاستقرار، محذراً من أن فشل الخيار الدبلوماسي سيؤدي إلى "عواقب كارثية" على المنطقة، فيما شدد على أن الاتفاق "الأميركي- الإيراني" حال التوصل إليه "لن يكون على حساب أطراف أخرى بالمنطقة".

وتابع: "الخوف في حالة المفاوضات هو أن لا يصل الطرفان إلى أي اتفاق، لهذا لدينا مسار واحد وهو استمرارها لحين التوصل إلى النتائج. التفاصيل في أي مسيرة تفاوضية مهمة. وأعتقد هم ما زالوا في بداية المسيرة التفاوضية".

وأضاف: "من المعلوم أنه في الساحة لا يوجد طرفين فقط، بل هناك طرف ثالث، وهذا الطرف لم يشارك مباشرة في المفاوضات، لكن عدم الوصول إلى نتائج، تعني إمكانية مشاركة دول أخرى فيها وأطراف أخرى، ما يعني احتمالية وقوع تصادم، لذلك حال تعذر على الأطراف التوصل إلى اتفاق فسيكون السؤال المطروح: كيف ستكون سياسة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو؟".

وتنخرط الولايات المتحدة وإيران في محادثات، بوساطة عمانية، بشأن برنامج طهران النووي، وعقدا بالفعل 3 جولات من المفاوضات، قبل أن يتجها إلى جولة أخرى رابعة متوقعة السبت المقبل.

"تواصل مستمر"

ووصف وزير الخارجية العراقي، زيارته الأخيرة إلى واشنطن بأنها "جيدة جيداً"، مشيراً إلى أنه بحث العلاقات الثنائية والاتفاق على استمرارية اللقاءات والتواصل والتحدث عن مجمل العلاقات الثنائية وظروف المنطقة وسياسة الولايات المتحدة في المنطقة.

وقال إن بغداد "حريصة على استمرار الاتصالات والتواصل مع الإدارة الأميركية في ظل التحديات الراهنة"، فيما أكد أن العراق يسعى إلى النأي بنفسه عن أزمات المنطقة، مشدداً على أن بلاده ليست جزءاً من المشاكل الإقليمية، بل تحاول أن تكون جزءاً من الحل. 

وحول دور الميليشيات العراقية في دعم الفلسطينيين عقب الحرب الإسرائيلية على غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، قال وزير الخارجية، إن "سياسة الحكومة العراقية هي إبعاد العراق عن نار الحرب المشتعلة في المنطقة ونحاول بكل جهدنا الاستمرار في هذا النهج، ما حدث فعلاً من قبل البعض في إطار التحرك خارج إطار الدولة. نجحنا في حماية العراق وشعبه من الحرب وهذا مهم، العراق اليوم ليس جزءاً من أي حرب ولا ندفع بالشعب العراقي ونجحنا في ذلك. لسنا جزء من مشاكل المنطقة، لكننا نسعى لأن نكون جزءاً من الحل". 

وأضاف: "الوضع أفضل في الداخل، هناك آراء داخلية، لكنها لا تشكل سياسة الدولة، السياسة الحالية هي سياسة الدولة التي تتمثل في الابتعاد عن الحرب وحماية الشعب العراقي والتعاون مع الحلفاء ومنهم الولايات المتحدة".

وبشأن ما إذا كان لإيران تأثير في سياسية العراق، قال وزير الخارجية إن "ليس لدي مقياس لتحديد التأثير إيراني، لكن المجتمع العراقي ديمقراطي ولدينا أحزاب من مختلف الأيديولوجيات وتتفاعل مع سياسة دولة جارة، لكن سياسة العراق أنه دولة مستقلة وأصحاب القرار فيه عراقيين، لكنهم يتفاعلون مع سياسة المحيط الإقليمي، وإذا كان هناك تأثير إيجابي نقبله ولكن تغيير المسار باتجاه آخر بعيداً عن مصلحة الدولة العراقية مرفوض".

وأضاف: "لذلك نرى أننا نجحنا في الواقع في حماية القرار العراقي والسياسة العراقية والابتعاد عن هذه الصراعات. العراق اليوم ليس جزءاً من هذه الصراعات".

وحول إجراء الانتخابات العراقية في موعدها المقرر في نوفمبر المقبل، قال وزير الخارجية إنها "ستتم في موعدها، وقد بدأت الحملة الانتخابية وسيكون هناك صراع سياسي كبير وهذا أمر طبيعي".

وبالنسبة لمطالبة بعض الأحزاب بشأن تعديل القانون الانتخابي، قال حسين: "هناك أطراف سياسية في العراق تطمح لتعديل قانون الانتخابي، لكن هذا صعب من الناحية الفنية، إذ أن عقد جلسات برلمانية بات صعباً في ظل بدء الحملات الانتخابية".

أزمة الطاقة في العراق 

وحول مسيرة  الاكتفاء الذاتي من النفط والغاز، قال وزير الخارجية، إن العراق "بدأ الاستثمار في الغاز المصاحب للنفط وبدأنا في استثمارات الحقول ونتقدم في هذا المجال، لكننا نعاني من مسألة النقص. الغاز الإيراني واستيراده لعب دوراً في مسألة الطاقة".

وأوضح أن حوالي 30 إلى 33% من الطاقة الكهربائية في العراق مرتبطة بالغاز الإيراني، مشيراً إلى أن بغداد تبحث "في ظل العقوبات الأميركية على إيران، عن مصادر الكهرباء ووصلنا إلى تفاهمات مع الجانب التركي لشراء 300 ميجاوات من تركيا وقريباً سنصل إلى 600 و800 ميجاوات".

وقال حسين: "سابقاً استوردنا الطاقة الكهربائية من الأردن وفي فترات سابقة كان هناك تفاهمات مع بعض الدول الخليجية من خلال الشبكة الخليجية للكهرباء حصلنا على 400 إلى 500 ميجاوات، وبدأنا تنويع مصادر شراء الطاقة الكهربائية".

وتابع: "أما بالنسبة للغاز، بدأنا الاستثمار بالغاز المصاحب لاستخراج النفط، فضلاً عن الاستثمار في الطاقة الكهربائية، وحالياً نجري مباحثات مع الكثير من الدول لشراء الغاز منها مثل دول الخليج العربية وتركمانستان وغيرها".

وأشار إلى أن إنتاج الغاز من الحقول العراقية قد يستغرق "ما بين سنتين إلى 3 سنوات لكي يكون لنا اكتفاء ذاتي، لأن العراق أيضاً دولة غازية وسنكون في السنوات القادمة منتجين للغاز، لكن ربما نعاني في الصيف القادم من بعض المشاكل في الكهرباء".

وبشأن استئناف تصدير النفط العراقي من إقليم كردستان إلى تركيا، والخلافات بين الجانبين العراقي والتركي بشأن أنبوب النفط، قال وزير الخارجية العراقي إن "المشكلة لا علاقة لها بالجانب التركي، الذي أوضح أنه لا مانع لديه من فتح الأنبوب مجدداً لتصدير النفط العراقي من كردستان العراق إلى ميناء جيهان، لكن هناك مناقشات ثلاثية بين حكومة إقليم كردستان والشركات العاملة في هذا المجال والحكومة الاتحادية ممثلة بوزارة النفط في بغداد للوصول إلى تفاهمات ونتمنى أن تؤدي إلى نتائج واتفاق لتصدير النفط مجدداً من خلال هذا الأنبوب".

وبشأن خط أنابيب "بانياس- كركوك" لتصدير النفط الذي يربط بين العراق وسوريا، قال وزير الخارجية إن "هذا الخط قديم وحينما ندرس سوق النفط وتصديره، نرى أن العراق قديماً كان له العديد من الخطوط مع لبنان والسعودية وتركيا".

وأضاف حسين متحدثاً عن التقارب الحكومي مع سوريا: "حينما زارني وزير الخارجية السوري أسعد شيباني طرحت فكرة استراتيجية لإعادة تأهيل الخط، لأن العراق في النهاية يحتاج إلى عدة منافذ لتصدير نفطه، وبخاصة في ظل الظروف الحالية وحال اندلاع حرب في المنطقة أو المخاطر ستصل إلى الخليج، والمنفذ الأساسي للعراق لتصدير نفطه هو ميناء البصرة، فإذا كانت هناك صراعات في منطقة الخليج يعني ذلك صعوبة في التصدير".

وتابع: "لذلك طُرحت الفكرة الاستراتيجية، إذ لدينا مشروع امتداد لخط أنابيب يصل إلى مدينة العقبة في الأردن وسوريا، ونسعى مستقبلاً لمد خط يصل إلى السعودية والكويت وتركيا. هذه مجرد فكرة وليس خطة عملية".

العلاقات السورية- العراقية

وعن توجيه دعوة من العراق إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية المقررة في 17 مايو المقبل، قال وزير الخارجية العراقي: "وجهنا دعوة لكافة الدول العربية ومن ضمنها سوريا".

وقال وزير الخارجية العراقي: "ما نريده في القمة أن يكون هناك حداً أدنى من التنسيق مع الدول العربية، لمواجهة التحديات الكبيرة وأن يكون هناك وضوح لكيفية حلها لا بالعنف بل بالحوار، وأن يكون هناك مساحات واضحة وعمل مشترك في المجال الاقتصادي لحل أزماتنا التي تعد جزءاً من مشكلاتنا السياسية. سنطرح بعض الأفكار في هذا المجال وتأسيس صناديق مالية لمساعدة بعض الشعوب العربية والسلطة الفلسطينية".

وأضاف بشأن العلاقات بين العراق وسوريا: "نحن نلتقي سواء على مستوى المسؤولين أو في مستويات التنسيق. بالنسبة لنا سوريا مهمة من الناحية الأمنية، لأن الاستقرار في سوريا يؤثر إيجابياً"، مشيراً إلى جغرافية تنظيم "داعش" الذي تأسس عام 2014 في سوريا والعراق، قائلاً: "لذلك نهتم في الوضع السوري ونسعى مع الآخرين لخلق حالة الاستقرار".

وتابع: "استطاع داعش أن يسيطر على العديد من الأسلحة، كما أن أفكار التنظيم لا زات حاضرة لذلك تحركات داعش مريبة بالنسبة لنا، وهناك حوالي 10 آلاف من قيادات التنظيم في العديد من السجون تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في دمشق، لو سيطر هؤلاء على السجون أو المناطق وتم تحريرهم هذا يعني أن القيادات الكبيرة من التنظيم سيتحركون بالقرب من الحدود العراقية، إذ أن ما بين 2000 إلى 3000 منهم عراقيين، لهذا يهمنا كيفية بناء المسيرة السياسية في دمشق، نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية لهم، لكن الوضع الأمني يهمنا".

وأضاف: "سوريا لا زالت مقسمة في الجنوب هناك قوات إسرائيلية، وفي الشمال هناك قوات تركية وفي الجانب الآخر هناك قواعد روسية وفي مناطق قوات (قسد) هناك الجيش الأميركي".

وبشأن وجود تعاون عسكري أو استخباراتي مع سوريا، أجاب حسين: "كان هناك اجتماع على مستوى وزراء خارجية الطرفين إضافة إلى تركيا والأردن ولبنان في عمّان، كما كان هناك حضور لوزراء دفاع هذه الدول ورؤساء المخابرات ودرسنا الوضع السوري وكيفية تعامل الدول الخمس المحيطة بسوريا، لتبادل المعلومات حول تحركات داعش ومواجهة التنظيم. بدأنا العمل لكن لا زبنا في البداية وسيكون هناك اجتماعات لاحقة لبحث بناء مركز لتسيير هذه العمليات وتبادل المعلومات وبعد ذلك التخطيط والتفكير في مواجهة هؤلاء".

الشروط الأميركية بشأن سوريا

وقال وزير الخارجية العراقي، إن محادثاته في واشنطن تطرقت إلى الأوضاع في سوريا، موضحاً أن الإدارة الأميركية وضعت 8 شروط للإدارة الجديدة في دمشق، وذكر أن من بينها "مسألة حساسة" للجانبين وهي تواجد المسلحين الأجانب، واصفاً تلك النقطة بأنها "بؤرة قلق للجميع" سواء للدول المحيطة بسوريا أو الدول الغربية.

ولفت إلى أنه شدد خلال المحادثات بواشنطن على أهمية الدفع نحو تسوية سياسية شاملة في سوريا، موضحاً أنه طالب خلال لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين برفع العقوبات عن سوريا بسبب معاناة الشعب السوري، وشدد على أهمية ضمان الاستقرار في سوريا بالنسبة للعراق، قائلاً: "نهتم جداً بالوضع السوري لأن ما يحدث بها يؤثر سلباً وإيجاباً علينا".

وعما إذا كان هناك استراتيجية واضحة من الإدارة الأميركية بشأن سوريا، قال وزير الخارجية العراقي: "الإدارة الأميركية طرحت مجموعة من الشروط على إدارة الشرع، بعظها يتعلق بالأسلحة الكيميائية، والظاهر أن إدارة دمشق جاءت ببعض الأجوبة، لكن هناك مسألة حساسة وهي تواجد المسلحين الأجانب في سوريا، إذ تمثل بؤرة قلق لأن هؤلاء حال أصبحوا جزءاً من المنظومة الأمنية في سوريا ستخلق قلقاً، لأن أيديولوجياتهم جهادية، إذا مصير هؤلاء نقطة نقاش سواء في المجتمعات المحيطة في سويا أو حتى الغربية".

وأضاف: "النظام السياسي في سوريا سيكون شاملاً يجمع كافة المكونات المحلية التي عانت، وهذا يعتمد على الإدارة الجديدة، أما مسألة العقوبات على الشعب السوري قاسية ومن الضروري الاهتمام بمعاناة هذا الشعب وقد طرحت هذه المسألة".

تصنيفات

قصص قد تهمك