العقوبات الأميركية على سوريا.. "إعفاء شامل مؤقت" لتسهيل إعادة الإعمار والاستثمار

واشنطن تعين سفيرها لدى أنقرة مبعوثاً أميركياً خاصاً إلى دمشق.. وروبيو: خطوة أولى لعلاقة جديدة

time reading iconدقائق القراءة - 9
سوريون في أحد شوارع العاصمة دمشق عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد. 28 ديسمبر 2024 - Reuters
سوريون في أحد شوارع العاصمة دمشق عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد. 28 ديسمبر 2024 - Reuters
دبي -الشرق

منحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، سوريا، إعفاءات شاملة من العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق، في خطوة أولى كبيرة نحو الوفاء بتعهد الولايات المتحدة برفع نصف قرن من العقوبات المفروضة على بلد عانى من الحرب لأكثر من 14 عاماً. 

دمشق رحبت بالقرار الذي يعد أول مرحلة نحو تنفيذ التزام الرئيس الأميركي برفع العقوبات، في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض، قبل نحو أسبوعين، واعتبرته "خطوة في اتجاه التخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية" للشعب السوري.

وتنوعت العقوبات الأميركية بين تشريعات أقرها الكونجرس، وأوامر تنفيذية أصدرها الرئيس، وعقوبات أصدرتها وزارة الخزانة بالتشاور مع وزارة الخارجية، وعقوبات تحظر التجارة لأغراض غير إنسانية بين دمشق وواشنطن، فضلاً عن عقوبات أخرى تهدف إلى منع بلدان ثالثة من ممارسة أعمال تجارية مع سوريا.

واستمرت العقوبات على البنك المركزي السوري، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، ما منع وصول النظام المالي السوري إلى النظام المصرفي العالمي، وأعاق أي محاولة لإعادة إنعاش الاقتصاد السوري من خلال النظام المالي الدولي.

وكانت عقوبات الكونجرس، المعروفة باسم "قانون قيصر"، تهدف إلى عزل حكام سوريا السابقين، من خلال طرد كل من يتعامل معهم تجارياً من النظام المالي العالمي. 

كما تمنع هذه العقوبات تحديداً إعادة الإعمار بعد الحرب، لذا فبينما يمكن إعفاؤها لمدة 180 يوماً بموجب أمر تنفيذي، من المرجح إمكانية إعادة فرضها بعد ستة أشهر، حسبما أوردت "أسوشيتد برس".

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان، إنه "أصدر إعفاء لمدة 180 يوماً من العقوبات المفروضة على سوريا، بموجب قانون قيصر، لضمان عدم إعاقة العقوبات للاستثمارات وتسهيل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والرعاية الصحية وجهود الإغاثة الإنسانية".

وأضاف روبيو: "تحركات اليوم تمثل الخطوة الأولى في تحقيق رؤية الرئيس لعلاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة"، وقال إن ترمب "أوضح أنه يتوقع أن يعقب تخفيف العقوبات تحرك من جانب الحكومة السورية".

6 أشهر من الإعفاء

لكن إجراء صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، ألغى مجموعة من العقوبات الصارمة التي فرضها الكونجرس في عام 2019، كما أوقف إجراءً صادر عن وزارة الخزانة الأميركية بشأن تطبيق العقوبات على أي شخص يتعامل مع مجموعة من الأفراد والكيانات السورية، بما في ذلك البنك المركزي السوري، وذلك لمدة 6 أشهر.

بدورها، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، رفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير داخليته أنس الخطاب، وذلك في أعقاب إصدار ترخيص عام رقم 25 (GL 25) بالتخفيف الفوري للعقوبات على دمشق، والسماح بإجراء المعاملات التي كانت محظورة.

وتضمن الترخيص، الذي صدر من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع للوزارة، رفع العقوبات عن البنك المركزي السوري، والخطوط الجوية السورية والإذاعة والتلفزيون، وموانئ اللاذقية وطرطوس، بالإضافة إلى بعض الشخصيات والكيانات.

اقرأ أيضاً

بينهم الشرع و"المركزي".. أشخاص وكيانات شملها القرار الأميركي بتخفيف العقوبات على سوريا

أعلنت الولايات المتحدة رفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع وذلك في أعقاب إصدار ترخيص عام رقم 25 (GL 25) بالتخفيف الفوري للعقوبات على دمشق.

وأصدرت الرخصة العامة رقم 25 بشأن سوريا (GL 25)، لتوفير إعفاء فوري من العقوبات، تماشياً مع إعلان الرئيس دونالد ترمب بشأن وقف جميع العقوبات المفروضة على دمشق.

ووفق بيان وزارة الخزانة الأميركية، تجيز الرخصة العامة 25، المعاملات التي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات السورية، ما يعني عملياً رفع العقوبات المفروضة على دمشق. كما تتيح إطلاق استثمارات جديدة ونشاطاً للقطاع الخاص بما يتماشى مع استراتيجية "أميركا أولاً" التي ينتهجها ترمب.

كما تزامن ذلك، مع إعلان واشنطن، تولي السفير الأميركي لدى تركيا توماس باراك، الجمعة، منصب المبعوث الخاص إلى سوريا.

بناء الاقتصاد السوري

ويشمل الترخيص رفع العقوبات عن الخطوط الجوية السورية والمصرف التجاري السوري ومصرف سوريا المركزي والشركتين السورية للغاز والسورية للبترول، إضافة إلى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والشركة العامة لمرفأ اللاذقية والكثير من المؤسسات المصرفية واللوجستية.

وبحسب بيان الخزانة الأميركية، فإن هذا التفويض يهدف إلى المساعدة في إعادة بناء الاقتصاد السوري، والقطاع المالي، والبنية التحتية، بما يتماشى مع مصالح السياسة الخارجية الأميركية. 

ومن أجل تحقيق ذلك، من الضروري جذب استثمارات جديدة إلى سوريا، ودعم الحكومة السورية الجديدة، كما تجيز الرخصة العامة 25 المعاملات التي كانت محظورة بموجب العقوبات الاقتصادية الأميركية على سوريا.

وبحسب "أسوشيتد برس"، فإن وزارة الخارجية الأميركية، قدمت الأسبوع الماضي، خارطة طريق من ثلاث مراحل، تبدأ بتخفيف مؤقت وجزئي للعقوبات في البداية، وتضع شروطاً شاملة، على السوريين الالتزام بها في أي مراحل مستقبلية من تخفيف العقوبات أو رفعها الدائم.

ويأتي إبعاد الفصائل الفلسطينية من سوريا على قائمة الشروط للوصول إلى المرحلة الثانية، إضافة إلى تولي الحكومة الجديدة، إدارة مراكز احتجاز مقاتلي تنظيم "داعش"، وأن تمضي قدماً في ضم قوة كردية مدعومة من الولايات المتحدة (قوات سوريا الديمقراطية "قسد") إلى الجيش السوري.

أما للوصول إلى المرحلة الثالثة، فتطلب الإدارة الأميركية من سوريا، الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإثبات تدميرها للأسلحة الكيميائية التي كان يمتلكها نظام الرئيس السابق بشار الأسد.

ترحيب سوري

بدورها، أعلنت الخارجية السورية، السبت، ترحيبها بالقرار الصادر عن الحكومة الأميركية، والقاضي برفع العقوبات التي فُرضت على البلاد لسنوات طويلة.

وقالت الوزارة في بيان نشرته على حسابها بمنصة "إكس"، إنها ترحب بالقرار الذي ينص على "إصدار إعفاء من العقوبات الإلزامية بموجب قانون قيصر، وتعميم ترخيص عام رقم 25 بشأن سوريا (GL 25)".

واعتبرت القرار "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد".

وأكد الخارجية السورية في البيان، أن دمشق "تمد يدها لكل من يرغب في التعاون على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتؤمن بأن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الأمثل لبناء علاقات متوازنة تحقق مصالح الشعوب وتُعزز الأمن والاستقرار  في المنطقة".

وتابع البيان: "كما تعرب سوريا عن تقديرها لجميع الدول والمؤسسات والشعوب التي وقفت إلى جانبها، وتؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمره النظام البائد واستعادة مكانة سوريا الطبيعية في الإقليم والعالم".

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إنه شهد اتفاقاً على تشكيل فرق تقنية سريعة بعد إعلان ترمب من العاصمة السعودية الرياض، رفع العقوبات.

مبادرة أوروبية لتخفيف العقوبات

والأسبوع الماضي، اقترحت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، تخفيف العقوبات الأوروبية على سوريا، بشكل أكبر، للسماح بتمويل الوزارات السورية في مجالات تشمل إعادة الإعمار والهجرة، وذلك بعد اتخاذ ترمب خطوة رفع كامل العقوبات الأميركية .

ووفق الوثيقة التي اطلعت عليها "رويترز"، والمؤرخة في 14 مايو الجاري، سيسمح الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء بتقديم تمويل لوزارتي الدفاع والداخلية السوريتين للتعاون في مجالات إعادة الإعمار، وبناء القدرات، ومكافحة الإرهاب، والهجرة.

وسيمنح بند خاص في الوثيقة، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مجالاً أوسع للمناورة في التعامل مع الكيانات المملوكة للدولة السورية فيما يتعلق بتدمير الأسلحة الكيميائية.

وسيرفع الاقتراح الجديد، العقوبات المفروضة على المصرف التجاري السوري، مع الإبقاء على الإجراءات التي تستهدف الأفراد المرتبطين بإدارة الأسد السابقة.

وسيناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، العلاقات مع دمشق، في اجتماع في بروكسل، مقرر هذا الأسبوع، ما إذا كان سيتم رفع العقوبات عن البنك المركزي السوري.

وعممت ألمانيا وإيطاليا وهولندا والنمسا وثيقة مشتركة، تدعو إلى رفع العقوبات عن البنك المركزي السوري ومؤسساته المالية، إذ كتبت الدول الأربع: "الهدف هو توفير مساحة إضافية للتعافي الاجتماعي والاقتصادي".

وخفّف الاتحاد الأوروبي بالفعل العقوبات المتعلقة بالطاقة والنقل وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى المعاملات المالية المرتبطة بها، لكن بعض الدول الأعضاء سعت إلى تخفيفها بشكل أكبر للمساعدة في تسهيل العملية الانتقالية في سوريا.

تصنيفات

قصص قد تهمك