
انطلقت في العاصمة الماليزية كوالالمبور، الثلاثاء، القمة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي، ورابطة دول جنوب آسيا (آسيان)، والتي تركز على التعاون بين الرابطة ومجلس التعاون الخليجي واتجاهاته المستقبلية، وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية.
وأشاد رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، بالقمة الافتتاحية، معتبراً إياها منصةً مهمةً لتعزيز التعاون بين بعض من أكثر التكتلات الاقتصادية تأثيراً في العالم.
وقال إبراهيم خلال كلمته الافتتاحية أمام أكثر من 12 رئيس دولة: "تمثل رابطة دول جنوب شرق آسيا ومجلس التعاون الخليجي مجتمعة ناتجاً محلياً إجمالياً قدره 24.87 تريليون دولار، ويبلغ عدد سكانها حوالي 2.15 مليار نسمة".
وأضاف: "يوفر هذا الحجم الجماعي فرصاً هائلة لتضافر أسواقنا، وتعميق الابتكار، وتشجيع الاستثمار بين المناطق". وقال إن رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أثبتت منذ زمن طويل أن الشراكة الإقليمية، القائمة على التوافق والاحترام والانفتاح، قادرة على النجاح.
وتابع: "لقد ازدهرت شراكاتنا طويلة الأمد مع دول مجلس التعاون الخليجي والصين. واليوم، لدينا الفرصة لتعزيز هذه العلاقات".
قمة الرياض
من جانبه، أشار وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في كلمته إلى "الأسس المتينة التي وضعتها القمة الأولى التي استضافتها الرياض في عام 2023، والشراكة الطموحة بين دول المجموعتين"، مؤكداً أهمية "تعزيز الالتزام المشترك ومتابعة استكشاف أولويات الشراكة الاقتصادية، وتعميق تكامل الأسواق الإقليمية واستدامتها، وأهمية التحول الرقمي، ومشاركة القطاعين العام والخاص، وتعزيز العلاقات بين الشعوب".
كما أشاد بالقمة الثانية المنعقدة في ماليزيا، والتي تستكمل البناء على المنجزات المحققة سابقاً، وتسعى لتطوير الشراكة بما يخدم مصالح وتطلعات شعوب المجموعتين، ويحقق التنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي.
وقال وزير الخارجية السعودي: "توفر العلاقات الاقتصادية بين دولنا فرصاً واعدة في قطاعات حيوية عديدة تشمل القطاع المالي، والزراعة وصناعة الأغذية الحلال، والطاقة الخضراء والمتجددة، وقد حققت دول المجموعتين تقدما ملحوظاً في مستويات التبادل التجاري حيث شهدت نمواً بنسبة 21% من عام 2023 إلى 2024، ليبلغ حجم التجارة قرابة 123 مليار دولار في عام 2024، مما يعكس الإمكانات الكبيرة لشراكتنا، ويبرز أهمية تكثيف الجهود لتسهيل التجارة بين دولنا، وتذليل أي عقبات أمامها".
وأشار هذا الصدد إلى المؤتمر الاقتصادي والاستثماري الذي نظمته وزارة الاستثمار السعودية في الرياض بتاريخ 28 مايو 2024، "الذي شكل منصة استثنائية لتبادل الفرص الاستثمارية، وبناء جسور التواصل بين القطاعات الخاصة في المنطقتين"، معرباً عن تطلعه لزيادة مشاركة القطاع الخاص لتحقيق الأهداف المشتركة.
وأوضح وزير الخارجية السعودي، أن "القمة الثانية تنعقد وسط تحديات عالمية عديدة، تشمل تداعيات تغير المناخ، وتقلبات أسواق الطاقة، إلى جانب الحاجة الملحة لتعزيز الأمن الغذائي والمائي، مشيراً إلى ماتم الاتفاق عليه في القمة الأولى في الرياض 2023 بالالتزام المشترك بمواجهة هذه التحديات.
وجدد تأكيد المملكة على الالتزام بـ"حل عادل وشامل يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية"، داعياً إلى تضافر الجهودالدولية لتعزيز السلام، ودعم الإغاثة الإنسانية في غزة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال معالجة التوترات السياسية والإنسانية بشكل شامل.
توسيع آفاق التعاون
بدوره أعرب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عن تطلعه لأن تسهم مخرجات القمة الثانية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، في توسيع آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والسياسي، بما يخدم مصالح الشعوب المشتركة.
وقال في منشور على منصة إكس: "عقدنا اليوم في كوالالمبور القمة الثانية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول آسيان، في إطار تعزيز الشراكة مع هذا التكتل الآسيوي الحيوي".
وأضاف أمير قطر: "نتطلع إلى أن تُسهم مخرجات القمة في توسيع آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والسياسي بما يخدم مصالح شعوبنا المشتركة".
تحديات متسارعة
من جهته قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، إن انعقاد القمة الثانية بين مجلس التعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) وفرت فرصاً مواتية عديدة لمناقشة لتعزيز التعاون في مسار الشراكة الخليجية –الآسيوية، في ظل ما يشهده عالمنا من تحديات متسارعة وتحولات على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما يُحتم علينا، أكثر من أي وقت مضى، تعزيز أواصر التعاون البنّاء، والتنسيق الوثيق بين تكتلاتنا الإقليمية، بما يلبّي تطلعات شعوبنا نحو الأمن والاستقرار والازدهار.
وقال البديوي خلال كلمته، إن القمة الثانية بين مجلس التعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) تمثل امتداداً لمسيرة طموحة بدأت قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، عندما شهدت مدينة المنامة في مملكة البحرين، في عام 2009، توقيع مذكرة التفاهم بين مجلس التعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، إيذاناً بانطلاق مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين.
وأشار إلى أن قمة الرياض بين مجلس التعاون ودول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان)، عكست وحدة المواقف تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وشددت على أهمية احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعلى ترسيخ قيم الحوار، والاحترام المتبادل، والتعاون البنّاء بين الدول والتكتلات الإقليمية، بما يسهم في تحقيق السلام، والتنمية، والازدهار العالمي.
وشدد الأمين العام إلى "ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تطورات متسارعة وخطيرة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي، وفي صدارتها تأتي مأساة فلسطين، وما يشهده قطاع غزة من عدوان وجرائم حرب وانتهاكات مروّعة ومستمرة، يستدعي منا موقفاً موحّداً صارماً، مجددين التأكيد على ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، ورفع الحصار الجائر، وفتح المعابر كافة دون قيد أو شرط، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والطبية، واستمرار عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)".
كما شدد على التزام مجلس التعاون بدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
واعتبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، أن تجربة رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، تمثل نموذجاً بارزاً من التجارب التكاملية الناجحة على مستوى القارة الآسيوية، حيث برزت كإحدى القوى الاقتصادية الصاعدة على المسرح الدولي، ومن خلال شراكتنا الاستراتيجية، نمتلك القدرة على لعب دور محوري وفعّال في الدفع بعجلة الاقتصاد العالمي، خصوصاً في مجالات الطاقة، والاستثمار، والخدمات اللوجستية.