
دعا المفوض الأوروبي للدفاع والفضاء، أندريوس كوبليوس، الأربعاء، أوروبا إلى الاستعداد لخفض عدد القوات الأميركية في القارة، وزيادة حجم الإنفاق على التسليح، ومساعدة أوكرانيا ومواجهة روسيا، محذراً مما سماه "الطلاق الغاضب" مع واشنطن.
وأضاف في كلمة له خلال منتدى جائزة "شارلمان" الأوروبية: "ليس فقط من الممكن، بل يكاد يكون من المحتم أن نضطر للاعتماد على أنفسنا في المسائل الدفاعية في أوروبا، لأن الأميركيين سينسحبون تدريجياً من القارة".
وذكر كوبليوس، أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لكنها "تحوّل تركيزها باتجاه منطقة الهند والمحيط الهادئ بسبب التهديد العسكري المتصاعد من الصين".
تقاسم المسؤوليات
وقال المفوض الأوروبي: "لتجنب طلاق عاطفي وغاضب، على الأوروبيين تغيير طريقة تفكيرهم"، مشيراً إلى أهمية أن يقلل الأوربيين "الشكاوى من أنهم يتعرضون للخيانة"، و"الاستعداد لتقاسم المسؤوليات".
وأشار إلى أنه، "بالنظر إلى احتمالية الانسحاب الأميركي، واستمرار الحرب في أوكرانيا، والتقارير الاستخباراتية التي تفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزداد عدوانية، فإن أوروبا تواجه الآن العاصفة المثالية، التي قد تقود إلى أزمة عميقة".
وأضاف: "في حال وقوع عدوان روسي على دولة عضو في (الناتو) أو الاتحاد الأوروبي، سنواجه جيشاً روسياً خاض معارك، ومزوداً بملايين الطائرات المسيّرة. فهل نحن مستعدون لذلك؟ أشك في ذلك".
لكنه شدد على ضرورة أن "يبدأ الاتحاد الأوروبي بالاستعداد بدلاً من الإصابة بالذعر"، وأضاف: "كما يُقال غالباً لا تُضيع الأزمة الجيدة دون اتخاذ قرارات جريئة وتنفيذ إصلاحات".
ودعا المفوض، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لتعويض ما وصفه بـ"الفجوة الكبيرة" في الاستعداد الدفاعي، موضحاً أن "الاستعداد المادي يتطلب زيادة هائلة في تطوير وشراء الأسلحة الجديدة، ورفع مستوى الإنتاج الصناعي داخل القارة الأوروبية".
وأشار إلى أنه "ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى موارد مالية كافية"، لافتاً إلى أن قمة الناتو المقبلة، المقرر عقدها الشهر المقبل في لاهاي "من المرجح أن تطلب من الدول الأعضاء رفع أهدافها المتعلقة بالقدرات العسكرية بنسبة 30%".
لكنه حذّر قائلاً: "الحلفاء بالفعل متأخرون بنسبة 30% في الوفاء بالأهداف الحالية".
تريليون دولار
ولتحقيق الهدف الجديد، يجب على أوروبا تعزيز الإنتاج الصناعي وتقوية ما يُعرف بـ"الممكنات الاستراتيجية"، مثل الاستخبارات الفضائية، ومراكز القيادة والسيطرة، وقدرات النقل الجوي الثقيل، وهي مجالات تعتمد فيها أوروبا بشكل كبير على الولايات المتحدة، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وأكد كوبليوس، أنه "بلا شك، سيتطلب ذلك الكثير من المال"، مضيفاً أن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية يقدّر أن كلفة تعويض مساهمة الولايات المتحدة الحالية في الناتو قد تصل إلى تريليون دولار.
وبينما تعزز الدول الأوروبية دفاعاتها، من المتوقع أن تواصل أيضاً إرسال الأسلحة والمساعدات إلى أوكرانيا.
وأشار المفوض الأوروبي، إلى أن "كلا الهدفين يمكن تمويلهما عبر أداة (الأمن من أجل أوروبا) SAFE"، التي أُقرت مؤخراً بقيمة 150 مليار يورو كقروض مقابل الأسلحة، واصفاً هذه الأداة أو الصندوق بأنها "اختراق كبير في دعمنا لأوكرانيا".
وأضاف: "مع امتلاك كييف جيشاً ذا خبرة في المعارك، ووسط الخطر الروسي المتزايد، على أوكرانيا وبريطانيا أن تكون جزءاً أساسياً من الهيكل الأمني الأوروبي الجديد".
وطرح المفوض سؤالاً: "هل السلام في أوكرانيا، وهل انتصار أوكرانيا ممكنان بعد الانسحاب الأميركي؟"، وأجاب: "إجابتي هي نعم، إنه ممكن".