قالت السلطات الصحية في ذي قار، جنوب العراق، إن العديد من مديري مستشفيات استقالوا من مناصبهم في المحافظة، منذ الحريق المميت الذي أتى على وحدة مرضى فيروس كورونا في مستشفى الحسين في مدينة الناصرية، الاثنين.
وأفاد المسؤول العام عن الهيئات الصحية الدكتور سعد المجيد، أن مديري ونواب مديري ما لا يقل عن خمسة مستشفيات في المحافظة غادروها، تاركين إدارة المؤسسات لموظفين أقل أهلية.
وأوضح أن الدافع هو الخوف من تحميلهم المسؤولية في حال وقوع كارثة جديدة، مع تتالي الحرائق في مستشفيات العراق المتداعية.
فصل الصلاحيات
قالت مصادر حكومية في محافظة ذي قار لـ"الشرق"، إن هناك إجراءات إدارية تقوم بتطبيقها الحكومة المحلية هناك بعد حادث مستشفى الحسين، تهدف بالأساس لإبعاد الأحزاب المتنفذة عن إدارة الملف الصحي وإنهاء مظاهر التحزب والمحاصصة.
وكشفت مصادر طبية عراقية في صحة ذي قار ومستشفياتها، أن سبب امتناع الأطباء عن إدارة المستشفيات والمناصب الإدارية العليا انهم يكونون طعما سهلاً لدى الأحزاب المتنفذة وهم الذين يتحملون الأخطاء وتبعات سوء الإدارة والفساد، فضلاً عن مواجهة القضاء والسجن، كونهم غير منتمين لجهات حزبية تحميهم، كما حدث مع مدير مستشفى ابن الخطيب الدكتور سلمان الشمري، الذي دخل السجن وهو بريء، على حد قولهم.
إنهاء الازدواجية
من جانبه، قال مدير صحة ذي قار، سعدي الماجد لـ"الشرق"، إن هذا الإجراء جاء بسبب الازدواجية في إدارة المستشفيات، حيث أن هناك معاون إداري ومعاون فني. وأشار الماجد إلى أن هذا قرار الفصل الصلاحيات الذي اتخذه بعد أيام قليلة من استلامه منصب إدارة صحة محافظة ذي قار هدفه حماية الإطباء من الإشكالات التي تطالهم كون الإدارة ليست من اختصاصهم، وإيكال المهمة إلى الإداريين من ذوي الاختصاص .
ولقي ما لا يقل عن 60 شخصاً مصرعهم في حريق مروع دمر رواقاً في مستشفى الحسين في الناصرية لإيواء مرضى كورونا. واعتقل إثر ذلك ثلاثة مسؤولين بينهم مدير المؤسسة، وصدرت 10 أوامر قبض أخرى من القضاء، لكن ذلك لم يهدئ غضب المواطنين.
حوادث وتبريرات
وحصلت مأساة مماثلة في وحدة علاج مرضى كورونا في مستشفى في بغداد في أبريل الماضي، أسفرت عن وفاة أكثر من 80 شخصاً.
مع كل مأساة، يلقي العراقيون اللوم على الإهمال وانتهاك قواعد السلامة الأساسية والفساد وتقصير السلطات.
منذ بداية وباء كورونا الذي حصد أرواح أكثر من 17 ألف شخص في العراق، شيّدت على عجل أروقة خاصة في المستشفيات لاستقبال المصابين بالفيروس. وأقرت الحكومة بداية الأسبوع بأن غالبية تلك الأروقة والمستشفيات لا تراعي شروط السلامة.
واندلع السبت حريق في رواق نصب لإيواء عمال الصيانة في مؤسسة صحية بمدينة الناصرية. وتمت السيطرة بسرعة على الحريق الذي لم يخلف ضحايا.
دليل انهيار
واعتبر الناشط ورئيس تحرير إحدى الصحف المحلية عدنان دافار، أن الاستقالات المتتالية لمديري المستشفيات "دليل على انهيار منظومتنا الصحية"، منتقداً المسؤولين الذين "فروا من مسؤولياتهم بشكل مخجل".
بدوره، استنكر الإعلامي عدنان توما "تهربهم من كل واجباتهم في حين يجب أن يضاعفوا جهودهم"، مؤكداً أن معظم المستقيلين "واصلوا العمل في عياداتهم الخاصة".
بعد الحريق، شهدت مدينة الناصرية تظاهرات عدة ووقفات احتجاجية ليلية احتجاجاً على انعدام كفاءة السلطات.