
كشفت مصادر مطلعة على المفاوضات غير المباشرة الجارية بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية، لـ"الشرق"، أن الإدارة الأميركية تبذل جهوداً كبيرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، على أساس خطة مبعوثها الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مشيرة إلى أن المفاوضات تركز على 3 عقبات، حالت حتى الآن دون التوصل إلى اتفاق.
واعتبرت المصادر، في تصريحاتها لـ"الشرق"، أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية "خلقت فرصة للتوصل لمثل هذا الاتفاق" في غزة.
وقالت المصادر، إن المفاوضات التي تدور حالياً من خلال الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة)، تتركز حول العقبات الثلاث الرئيسة التي حالت دون موافقة "حماس" على خطة ويتكوف التي وافقت عليها إسرائيل، وهي، وقف إطلاق النار أثناء المفاوضات، وعودة المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع من خلال المنظمات الدولية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كان يتواجد فيها قبل استئناف الحرب في الثاني من مارس الماضي.
وأوضحت المصادر، أن الجانب الأميركي قدم "تعديلات طفيفة" على خطة ويتكوف، وأن المفاوضات الجارية تتركز حول مضمون هذه التعديلات والصياغات التي يمكن قبولها من قبل الطرفين.
وتبدي واشنطن تفاؤلاً بقرب التوصل إلى اتفاق جزئي في غزة، على أساس خطة ويتكوف، إذ أعلن الرئيس دونالد ترمب، الجمعة، أنه يتوقع التوصل إلى هذا الاتفاق، الأسبوع المقبل.
وقف الحرب خلال المفاوضات
تتركز نقطة الخلاف الأولى في مفاوضات غزة، على النص المتعلق بوقف الحرب أثناء المفاوضات. فقد نصت "خطة ويتكوف" على إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء و18 جثماناً، نصفهم في اليوم الأول والنصف الثاني في اليوم السابع من فترة وقف إطلاق النار التي تبلغ 60 يوماً، وذلك قي مقابل 125 أسيراً فلسطينياً يقضون حكماً بالسجن المؤبد، وألف و111 أسيراً من قطاع غزة اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر 2023، دون أن يكون لهم علاقة بالهجوم على بلدات جنوب إسرائيل.
كما نصت على استئناف المفاوضات "غير المباشرة" بين "حماس" وإسرائيل، بشأن باقي المحتجزين الإسرائيليين، في اليوم الثالث لسريان وقف إطلاق النار.
وطالبت "حماس" بإضافة جملة تنص على "عدم عودة إسرائيل للحرب"، طالما أن المفاوضات مستمرة.
كما طالبت الحركة الفلسطينية أيضاً، بتوزيع إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين على مدار فترة الستين يوماً، وليس في الأسبوع الأول فقط.
تعديلات أميركية جديدة
وكشفت المصادر في تصريحاتها لـ"الشرق"، أن التعديلات الجديدة التي اقترحها الجانب الأميركي، نصت على "استمرار وقف إطلاق النار طالما أن المفاوضات استمرت بنوايا حسنة".
واعترضت "حماس" على مصطلح "النوايا الحسنة"، مشيرة إلى أن هذه الفكرة تتيح لإسرائيل العودة إلى الحرب في أي وقت تحت عنوان "عدم توفر نوايا حسنة".
ونصت التعديلات الجديدة، على إطلاق سراح 8 محتجزين إسرائيليين أحياء في اليوم الأول، واثنين في اليوم الثلاثين.
آلية توزيع المساعدات
أما العقبة الثانية التي يجري التفاوض حولها في مفاوضات غزة، وفق المصادر، فتتمثل في آلية وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.
وتصر إسرائيل على إشراف شركة أميركية على توزيع المساعدات الإنسانية (مؤسسة غزة الإنسانية Gaza Humanitarian Foundation) من خلال مراكز توزيع محددة. وترفض "حماس" هذه الصيغة، إذ تصر الحركة على قيام المؤسسات الدولية والأممية العاملة في غزة، بتلقي وتوزيع هذه المساعدات.
وبحسب المصادر، فإن المفاوضات تتركز حول "آليات تكفل عدم وصول أي جزء من هذه المساعدات" لحركة "حماس".
تموضع القوات الإسرائيلية
وتتمحور نقطة الخلاف الثالثة في مفاوضات غزة، حول تموضع الجيش الإسرائيلي أثناء تطبيق الاتفاق في فترة الستين يوماً الأولى من وقف إطلاق النار. ففيما تصر تل أبيب على بقاء قواتها في المواقع الحالية، تصر "حماس" على انسحابها إلى المواقع التي كانت تنتشر فيها قبل الثاني من مارس الماضي، حينما استأنف الجيش الإسرائيلي الحرب.
وأشارت المصادر، إلى أن المفاوضات الجارية تحاول إيجاد صيغة مقبولة للطرفين.
تأثير حرب إيران
اعتبرت المصادر المطلعة على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، أن توقف الحرب الإسرائيلية على إيران، يفتح فرصة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على غزة، في حال استجابة حركة "حماس" للشروط الأميركية والإسرائيلية.
وترى هذه المصادر، في تصريحاتها لـ"الشرق"، أن الإدارة الأميركية تتحرك في المرحلة الراهنة لإعادة ترتيب القضايا الإقليمية في المنطقة، "على نحو يضمن عودة إيران إلى الاهتمام بشؤونها الداخلية، والتوقف عن التطلع للحصول على سلاح نووي، والتوقف عن دعم فواعل غير حكومية في المنطقة خاصة في غزة ولبنان واليمن والعراق".
ويهدف التحرك الأميركي أيضاً، إلى إقامة علاقات تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، بما يتطلبه ذلك من وقف للحرب على غزة أولاً، وإيجاد مسار لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
اتفاق شامل
في إسرائيل، يقولون إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بات يفضل "حلاً شاملاً"، وليس جزئياً، لكنه يضع العديد من الشروط لذلك.
وسيزور وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، واشنطن، الاثنين المقبل، لعقد لقاءات مع المسؤولين في الإدارة الأميركية، لبحث ترتيبات زيارة مقبلة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، ومناقشة تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين في دائرة نتنياهو، قولهم، إن الأخير يسعى لـ"حل شامل للحرب"، يتضمن تجريد قطاع غزة من السلاح، وإبعاد عدد من قادة حماس إلى الخارج، وتولي سلطة محلية إدارة شؤون القطاع، مقابل إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي، والسماح بإعادة الإعمار.
رؤية نتنياهو لـ"حل شامل" في غزة:
- نزع السلاح من قطاع غزة.
- إبعاد عدد من قادة "حماس" إلى خارج القطاع.
- تولي سلطة محلية مسؤولية إدارة شؤون القطاع مقابل إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي والسماح بإعادة الإعمار.
ويرى المسؤولون في إسرائيل، أن ذلك يشكل مرحلة أولى قبل التوجه إلى حل سياسي يتطلع نتنياهو إلى أن يضمن من خلاله أجزاءً من الضفة الغربية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون.
ومن المستبعد حدوث تقدم في أي مفاوضات لدمج إسرائيل في الإقليم، وخلق مسار لإقامة دولة فلسطينية في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية. ويرى مراقبون أن الذهاب إلى أي مسار سياسي يتطلب من نتنياهو الذهاب إلى "انتخابات مبكرة".