
حذّر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، السبت، الولايات المتحدة، وحلفاءها من خلق "تهديدات أمنية" لروسيا وكوريا الشمالية، معتبراً أن التعاون بين موسكو وبيونج يانج يسهم في استقرار الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وفق إعلام روسي.
وقال لافروف في تصريحات أدلى بها للصحافيين في أعقاب مباحثات مع نظيرته الكورية الشمالية تشوي سون هوي في منتجع وونسان جنوب شرق كوريا الشمالية: "روسيا تحذر الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واليابان من إساءة استخدام العلاقات بينها لبناء تحالفات موجهة ضد أي طرف، بما في ذلك كوريا الديمقراطية وروسيا".
وأضاف أن قيادة كوريا الشمالية توصلت إلى استنتاجات مناسبة قبل وقت طويل من الضربات الإسرائيلية الأميركية ضد إيران، و"لهذا السبب بالذات، أي أن هذه الاستنتاجات تم التوصل إليها في الوقت المناسب، لم يفكر أحد في استخدام القوة ضد كوريا، رغم أن البناء العسكري حولها بمشاركة الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان مستمر".
وأوضح الوزير الروسي أن موسكو تتفهم الأسباب التي دفعت بيونج يانج لتنفيذ برنامجها النووي وتحترم إجراءاتها، مشيراً إلى أن "التقنيات التي تستخدمها كوريا الديمقراطية هي نتاج عمل علمائها".
وقال لافروف إن روسيا وكوريا الشمالية "تعتبران محاولات اللاعبين من خارج المنطقة لإنشاء شبكة من التحالفات الضيقة في شمال شرق آسيا، ومنطقة آسيا، والمحيط الهادئ ككل، وكذلك نشر بنية تحتية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) هناك، أمراً خطيراً".
وأضاف: "نرى أنه من المهم العمل على إنشاء آليات موثوقة لضمان أمن متساو، وغير قابل للتجزئة لجميع الدول في منطقة آسيا، والمحيط الهادئ، على أن تكون آليات لا تعتمد على منطق التكتلات".
واعتبر لافروف أن التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية يسهم في استقرار الوضع في شبه الجزيرة الكورية"، لافتاً إلى أن موسكو وبيونج يانج تخططان لاستئناف حركة الملاحة البحرية.
كوريا الشمالية تدعم موسكو في حرب أوكرانيا
وتطرّق الوزير الروسي إلى مشاركة القوات الكورية الشمالية في تحرير منطقة كورسك الروسية التي توغلت فيها القوات الأوكرانية على نطاق واسع قبل نحو عام، ووصفها بأنها دليل مباشر على أن العلاقات بين البلدين يمكن وصفها بـ"الأخوة التي لا تقهر".
وقال لافروف إن الجانب الكوري الشمالي أكد دعمه القاطع لجميع أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وإجراءات القيادة الروسية، مضيفاً: "لم يكن لدى روسيا أي سبب لرفض مساعدة بيونج يانج في العملية الخاصة، فقد كان ذلك تعبيراً صادقاً عن التضامن".
وأوضح لافروف أن "قضية تقديم المزيد من المساعدة لروسيا في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا يقررها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون بنفسه، فيما تستجيب موسكو لمقترحات كيم جونج أون فيما يتعلق بشكل واتجاهات المساعدة في العملية الخاصة".
وأشار إلى أن موسكو لا تأخذ على محمل الجد محاولات إنشاء "قوة متعددة الجنسيات لحماية أوكرانيا"، ووصفها بأنها "محض خيال".
ولفت لافروف إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكيم جونج أون على تواصل دائم، معرباً عن ثقته باحتمال عقد لقاءات شخصية بينهما في المستقبل.
فيما قالت وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي، إن بلادها تدعم حق روسيا في حماية سلامة أراضيها وسيادتها، "دون قيد أو شرط وبشكل ثابت".
وأضافت سون هوي خلال الاجتماع، أن بيونج يانج تدعم موسكو في معارضة ما وصفته بـ"المؤامرات المهيمنة للإمبرياليين"، معربة عن استعداد حكومة بلادها "لتنفيذ جميع بنود الحوار الدولي الجديد بجدية"، وفق ما أوردت وكالة "سبوتنيك" الروسية.
وحول آفاق خفض التوتر بين بيونج يانج وواشنطن، قال لافروف: "لقد سمعنا وسمع أصدقاؤنا أيضاً تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول ضرورة استئناف الاتصالات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، بما في ذلك على أعلى مستوى، ولكن الأمر توقف عند هذا الحد".
وأضاف: "في ما يتعلق بالعلاقات بين كوريا الشمالية وسول، لن نعمل إلا في الاتجاهات المقبولة لكوريا الشمالية وتلك التي تهتم بها. إنها (بيونج يانج) حليفتنا وسننطلق من هذا".
جولة ثانية من الحوار الاستراتيجي
ووصل لافروف إلى كوريا الشمالية، في زيارة تستمر 3 أيام، قادماً من العاصمة الماليزية كوالالمبور، بعد حضور اجتماع لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وتعد زيارة لافروف أحدث اجتماع رفيع المستوى بين البلدين في ظل تطوير كبير لتعاونهما الاستراتيجي الذي يشمل الآن اتفاقية دفاع مشترك.
ومن المتوقع أن يتوجه لافروف بعد اختتام زيارته لكوريا الشمالية إلى الصين لحضور اجتماع منظمة شنجهاي للتعاون المقرر عقده، الاثنين، والثلاثاء، بحسب وكالات أنباء روسية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الأربعاء، إن زيارة لافروف في الفترة من 11 إلى 13 يوليو هي جزء من "الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين كبار الدبلوماسيين"، بحسب وكالة "تاس" الحكومية للأنباء.
اتهامات غربية
وعملت الدولتان على تعميق العلاقات بينهما بعد توقيع معاهدة عسكرية العام الماضي، لتوسيع شراكتهما الاستراتيجية في ظل تصاعد العقوبات الدولية، وفق "بلومبرغ".
واتهمت حكومات غربية الكرملين بمقايضة التقنيات العسكرية الروسية بالأسلحة والقوة البشرية الكورية الشمالية وسط الحرب على أوكرانيا، فيما ساعد نشر قوات كورية شمالية في روسيا جيش بيونج يانج على اكتساب خبرة قتالية حديثة وعملية.
وقال رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، كيريلو بودانوف، في مقابلة مع "بلومبرغ"، إن كوريا الشمالية تزود روسيا الآن بما يصل إلى 40% من الذخيرة اللازمة للحرب، و"هذه أسلحة جيدة"، مضيفاً: "كوريا الشمالية لديها مخزونات ضخمة وإنتاجها مستمر على مدار الساعة".
وأفاد جهاز الاستخبارات في كوريا الجنوبية، بأن الجارة الشمالية ربما تستعد لنشر قوات إضافية في روسيا، بعد إرسال أكثر من 10 آلاف جندي للقتال في صفوف القوات الروسية في الحرب ضد أوكرانيا.
تأتي هذه الزيارة بعد أقل من شهر من موافقة بيونج يانج على إرسال 6 آلاف من المهندسين العسكريين، وعمال البناء لإعادة إعمار منطقة كورسك الروسية، خلال اجتماع عُقد في يونيو بين كيم جونج أون، وكبير مساعدي الرئيس فلاديمير بوتين الأمنيين سيرجي شويجو. وكانت تلك هي المرة الثالثة التي يزور فيها شويجو بيونج يانج في غضون عدة أشهر.