
أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، نقلاً مصادر مطلعة، بأن الولايات المتحدة تضغط على اليابان وأستراليا، لتوضيح الدور الذي ستلعبانه إذا دخلت مع الصين في حرب حول تايوان، وهي مطالب أثارت استياء أهم حليفين لواشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ونقلت الصحيفة عن 5 أشخاص مطلعين على المناقشات، قولهم إن وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات إلبردج كولبي، طرح هذه المسألة خلال اجتماعات مع مسؤولي الدفاع في كلا البلدين خلال الأشهر الأخيرة.
وشغل كولبي منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستراتيجية وتطوير القوات خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب. ويعرف عنه دفاعه عن ضرورة إعطاء الجيش الأمريكي الأولوية للمنافسة مع الصين، وتحويل تركيزه بعيداً عن الشرق الأوسط وأوروبا.
وقال كولبي في منشور على منصة "إكس"، إن "وزارة الدفاع تركز على تنفيذ برنامج الرئيس (أميركا أولاً) المنطقي لاستعادة الردع وتحقيق السلام من خلال القوة"، والذي "يتضمن حث الحلفاء على زيادة إنفاقهم الدفاعي وغير ذلك من الجهود المتعلقة بدفاعنا الجماعي".
وهذه المحاولة تمثل أحدث جهوده لإقناع حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بتعزيز الردع، والاستعداد لحرب محتملة على تايوان.
والولايات المتحدة أهم مورد أسلحة لتايوان، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بينهما.
"طلب صادم"
ووفقاً للتقرير، استهدف هذا الضغط مسؤولين في وزارتي الدفاع اليابانية والأسترالية، وليس المستويات العليا من الحكومة، فيما قال شخص آخر إنه كان هناك "حالة مفاجأة" من قبل ممثلين في اليابان وأستراليا وحلفاء آخرين للولايات المتحدة.
ورفض مسؤول دفاعي أميركي التعليق على الطلب المتعلق بتايوان، لكنه شدد على أن "المسألة المحفزة" لمناقشات كولبي مع الحلفاء، هي "تكثيف وتسريع الجهود لتعزيز الردع بطريقة متوازنة وعادلة".
وقال المسؤول الأميركي: "نحن نأتي إلى حلفائنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، على غرار ما فعله الرئيس في أوروبا، ونقول هذه هي بيئة التهديد".
وأضاف: "من الواضح أن بعض هذه المحادثات صعبة، بما في ذلك ما يتعلق بالإنفاق الدفاعي. لكننا نعتقد أنها ستجعلنا جميعاً في مكان أفضل"، معرباً عن ثقة الإدارة بأن اليابان وأستراليا ستعززان الإنفاق الدفاعي بسرعة أكبر من حلفاء أوروبيين.
وتشمل المحادثات جهوداً لإقناع الحلفاء بزيادة الإنفاق الدفاعي، وسط قلق متزايد بشأن تهديد الصين لتايوان؛ لكن المطالبة بالتزامات تتعلق بالحرب على الجزيرة، هو مطلب جديد من الولايات المتحدة.
وقال أحد المصادر، إن "التخطيط العملياتي الواقعي والتدريبات التي يمكن تطبيقها بشكل مباشر على حالة طوارئ في تايوان، تمضي قدماً مع اليابان وأستراليا"، مضيفاً: "لكن هذا الطلب فاجأ طوكيو وكانبيرا، لأن الولايات المتحدة نفسها لا تقدم ضمانات مطلقة لتايوان".
في المقابل، قالت وزارة الدفاع اليابانية إنه من الصعب الإجابة على سؤال افتراضي بشأن "حالة الطوارئ في تايوان"، مشيرة إلى أن أي استجابة "سيجري تنفيذها على أساس فردي ومحدد وفقاً للدستور والقانون الدولي والقوانين واللوائح المحلية".
وأشارت الصحيفة مؤخراً إلى أن اليابان ألغت اجتماعاً وزارياً رفيع المستوى مع الولايات المتحدة بعد أن ضغوط من كولبي بشكل مفاجئ بشأن طلب الولايات المتحدة المزيد من الإنفاق الدفاعي.
سياسة "الغموض الاستراتيجي"
ولطالما اتبعت الولايات المتحدة سياسة "الغموض الاستراتيجي"، التي لا تقول بموجبها ما إذا كانت ستدافع عن الجزيرة.
والرئيس الأميركي السابق جو بايدن حاد عن مسار أسلافه بشأن المسألة في 4 مناسبات، قائلاً إن الولايات المتحدة "ستتدخل"، فيما حذا ترمب حذو الرؤساء الآخرين في رفض الإفصاح عما سيفعله.
وتعتبر الصين أن تايوان جزء لا يتجزء من أراضيها، وتعهدت باستراجها ولو بالقوة يوماً ما. كما كثفت ضغوطها حول الجزيرة على مدى السنوات الخمس الماضية، ونظمت سلسلة من المناورات الحربية المكثفة، ودوريات يومية للقوات البحرية والجوية.
وترفض تايوان مطالبات الصين بالسيادة عليها، ويقول الرئيس التايواني لاي تشينج تي إن شعب الجزيرة "هو الوحيد الذي يمكنه تقرير مستقبله".