شنت إسرائيل، الأربعاء، غارات جوية مكثفة على العاصمة السورية دمشق، بالتزامن مع تصاعد أزمة السويداء، وتجدد الاشتباكات في المحافظة ذات الأغلبية الدرزية، بينما تعهدت الرئاسة السورية بمحاسبة المتورطين في انتهاكات، بعد انتشار مقاطع فيديو، ترصد انتهاكات منسوبة لعناصر من قوات الجيش والأمن الداخلي بحق مواطنين من الدروز في المحافظة.
واستهدفت غارات إسرائيل، مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق، فيما أشار شهود عيان إلى أن القصف الإسرائيلي، طال مناطق قريبة من قصر الرئاسة السورية.
وتجددت الاشتباكات في محافظة السويداء السورية، الأربعاء، لليوم الرابع على التوالي منذ اندلاعها الأحد الماضي، إذ شهدت الساعات الأخيرة اشتباكات عنيفة وقصفاً مدفعياً في بعض أحياء المدينة، حيث تسعى قوات مشتركة من الجيش والأمن الداخلي إلى استكمال فرض سيطرتها على المدينة.
قصف أهداف في دمشق
وأعلن الجيش الإسرائيلي، قصف بوابة الدخول إلى مجمع الأركان العامة السوري في دمشق، وذلك بعد سلسلة من الضربات التي استهدفت القوات السورية المنتشرة في محافظة السويداء جنوبي البلاد.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن "الجيش يواصل ضرب أهداف عسكرية للنظام السوري في دمشق"، مضيفاً أنه "هاجم قبل قليل مقر الأركان العامة التابع للنظام السوري في منطقة دمشق".
وأضاف: "تمت مهاجمة هدف جوي في منطقة القصر الرئاسي للنظام السوري في دمشق"، مشيراً إلى أن الجيش "يواصل مراقبة الأوضاع والأنشطة المرتكبة ضد المواطنين السوريين في منطقة جنوب سوريا، وبناء على توجيهات المستوي السياسي يهاجم في المطنبة ويبقى في حالة تأهب للسيناريوهات المتنوعة".
وأشار المتحدث إلى أنه "بعد سلسلة الضربات التي شنها الجيش الليلة الماضية ضد قوات النظام السوري، أوعز رئيس الأركان الجنرال إيال زامير بإرسال تعزيزات إضافية لوسائل جمع المعلومات والاستطلاع ووسائل هجومية إلى جانب الدفع بقوات إضافية إلى القيادة الشمالية لزيادة وتيرة الضربات ووقف الهجمات ضد الدروز في سوريا".
وأكد المتحدث التزام الجيش بـ"التحالف العميق" مع الدروز، حيث "يقوم بمهاجمة أهداف في أنحاء سوريا لحمايتهم في منطقة السويداء وجبل الدروز وكل مكان يتطلب ذلك".
ونوّه بأنه "سيتم تعزيز المنطقة الخاضعة لمسؤولية الفرقة 210 بمزيد من القوات وفي المواقع الموجودة في المنطقة الأمنية الأمامية"، محذراً من أن "اجتياز السياج إلى سوريا دون سيطرة يعرض الدروز وقوات الجيش للخطر، ويجب أن يتوقف فوراً".
عدة أيام من القتال
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن الجيش الإسرائيلي شن حتى ظهر الأربعاء، 160 غارة جوية على قوات النظام السوري في المناطق القريبة من السويداء، تمهيداً لقتال "يستمر عدة أيام".
وذكرت صحيفة "جيروزالم بوست"، أن الجيش الإسرائيلي استهدف أجزاءً من وزارة الدفاع السورية والقصر الرئاسي في دمشق.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش الإسرائيلي، قولها إن "الجيش مستعد لشن حملة لعدة أيام لإقناع قوات النظام السوري بالانسحاب من السويداء، وترك الدروز السوريين الدروز لحكمهم الذاتي".
مع ذلك، قال الجيش الإسرائيلي، إن الوضع بالنسبة للدروز السوريين "يائس"، وأنه على الرغم من الهجمات الجوية للجيش الإسرائيلي، إذا كان الدروز قد سيطروا، الثلاثاء، على نحو 70% من السويداء، فإن القوات السورية سيطرت بحلول، الأربعاء، على نحو 70% من المدينة.
وزعم الجيش الإسرائيلي أن "النظام السوري لديه نحو 200 من رجال الفصائل المسلحة الذين يرتكبون جرائم وحشية بحق الدروز في السويداء، في حين يتواجد 1000 آخرين من قوات الجيش السوري الرسمية لتطويق وعزل المدينة".
وألمح الجيش الإسرائيلي، إلى أن الأزمة الحالية تطوّرت بشكل أساسي بين الدروز والبدو السوريين، وأن النظام "انتهز فرصة الأزمة لمحاولة تأكيد سلطته وسيطرته" في هذا الجزء من جنوب سوريا، الذي تقطنه أغلبية درزية.
تنديد بالعنف ودعوات للحوار
ودعا السفير الأميركي لدى تركيا توم باراك، في تعليقه على التطورات في سوريا، إلى "التراجع خطوة للوراء والتفاوض من أجل وقف إطلاق النار بمدينة السويداء السورية"، كما ندد بـ"العنف ضد المدنيين".
وكتب السفير باراك، وهو أيضا المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا على منصة "إكس": "نندد بشدة بالعنف ضد المدنيين في السويداء. نقطة توقف. على جميع الأطراف التراجع خطوة للوراء والانخراط في حوار هادف يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، ويجب محاسبة الجناة".
بدوها، قالت الخارجية التركية، إن الغارات الجوية الإسرائيلية على دمشق، التي استهدفت مقراً عسكرياً ووزارة الدفاع والمناطق المحيطة بها، تهدف إلى تقويض جهود سوريا لإرساء السلام والأمن.
وأضافت الوزارة أن سوريا لديها فرصة تاريخية للعيش بسلام والاندماج في العالم بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
تعزيزات عسكرية إسرائيلية
وشدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في وقت سابق من الأربعاء، على أن الجيش الإسرائيلي، سيواصل قصف قوات الحكومة السورية، ما لم تنسحب من مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب سوريا.
وقال كاتس، في بيان: "يجب على النظام السوري أن يترك الدروز في السويداء وشأنهم ويسحب قواته. وكما أوضحنا وحذّرنا، فإن إسرائيل لن تتخلى عن الدروز في سوريا وستطبق سياسة نزع السلاح التي قررناها"، وفق ما أوردت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي: "سيستمر الجيش الإسرائيلي في ضرب قوات النظام حتى تنسحب من المنطقة، وسيصعّد رده ضد النظام قريباً إذا لم تفهم الرسالة".
ودفع الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، بثلاث كتائب إضافية من قوات حرس الحدود ولواء "جولاني"، إلى حدود إسرائيل مع سوريا، خوفاً من محاولات اقتحام جماعية للسياج من قبل الدروز إلى داخل إسرائيل، وكتيبة أخرى من قوات حرس الحدود تم استدعائها، ظهر الثلاثاء، بالإضافة إلى قوات الشرطة العسكرية التي تعمل في المنطقة.