تسبب استيلاء حركة "طالبان" على معبر حدودي رئيسي بين أفغانستان وباكستان في ارتفاع كلفة الشحن البري بشكل كبير، إذ يفرض المتمردون والمسؤولون الحكوميون كل على حدة ضرائب على التجار، فيما يطالب قطاع الطرق برشى للسماح بمرور البضائع بشكل آمن.
وتعبر آلاف العربات يومياً من تشامان في جنوب غرب باكستان إلى سبين بولداك على الجانب الآخر من الحدود، محملة بسلع وجهتها قندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان، وفي طريق العودة تحمل العربات منتجات زراعية إلى اسواق أو موانئ باكستان.
وكانت التجارة الثنائية البالغ حجمها مئات ملايين الدولارات سنوياً، توقفت نهائياً في وقت سابق هذا الشهر، بعد أن استولت "طالبان" على المدينة الحدودية، لكنها استؤنفت هذا الأسبوع تحت إشراف الحركة التي سيطرت على المعبر.
واستولت الحركة على مساحات شاسعة من البلاد منذ مطلع مايو الماضي، بعد عمليات عسكرية واسعة ترافقت مع المراحل الأخيرة من انسحاب القوات الأجنبية.
ولم يسيطر المتمردون بعد على أي من عواصم الولايات، لكنهم استولوا على عدد من المعابر الحدودية الرئيسية مع إيران وطاجيكستان وتركمانستان وباكستان، التي تمثل مداخيل حيوية من عائدات الجمارك على السلع التي تصل البلد الذي ليس له منفذ على البحر.
وقال سائق شاحنة يدعى هداية الله خان لوكالة "فرانس برس" في معبر تشامان: "حمّلنا عنباً في قندهار، وتعرضنا للابتزاز 3 مرات على الأقل ونحن في الطريق"، مضيفاً: "أحيانا يتقاضون 3 آلاف روبية (20 دولاراً) وأحياناً أخرى 2000 روبية وفي بعض الأماكن 1000 روبية".
يضاف ذلك إلى الضرائب التي تعين عليه دفعها لمسؤولي "طالبان" في سبين بولداك، ولمسؤولي الجمارك الأفغان المتواجدين في قندهار.
"فوضى وارتباك"
تحدث سائقو شاحنات في تشامان قابلتهم "فرانس برس" في وقت سابق هذا الأسبوع، عن فوضى وارتباك في الجانب الأفغاني من الحدود.
وأعطى نائب رئيس الغرفة التجارية الباكستانية الأفغانية المشتركة عمران ككار، مثالاً عن شاحنة محملة بالقماش من كراتشي متوجهة إلى قندهار.
تقاضت "طالبان" 150 ألف روبية (نحو ألف دولار) من السائق بشكل رسوم جمركية في سبين بولداك، لكن عندما وصلت الشاحنة إلى قندهار، كان المسؤولون الحكوميون في الانتظار أيضاً.
وقال ككار: "اضطررنا أن ندفع رسوماً جمركية أعلى إذ لا يعلمون قيمة المبالغ المدفوعة لطالبان".
وتعيد تلك المشاهد إلى الذاكرة، أفغانستان خلال فترة الحرب الأهلية الوحشية في تسعينات القرن الماضي عندما كانت فصائل مسلحة مختلفة تسيطر على طرق تجارة رئيسية وتبتز سائقي الشاحنات والأهالي الذين يعبرون تلك الطرق، متى شاءت.
وكانت مئات الشاحنات مصطفة الأربعاء في طابور على الجانب الباكستاني من الحدود بانتظار إذن العبور.
رحلات خطيرة
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، عند طريق مغبر خلفه تلال وعرة، كان سائقون وعمال متدربون يتفقدون عرباتهم قبيل الرحلة.
وعلى الرغم من أن المسافة لا تتعدى 100 كيلومتر، فإن الرحلة محفوفة بالمخاطر. فالسيارات والعربات تفتقر لمعايير الصيانة اللازمة، بينما النقاط الحدودية التي تديرها الشرطة والجيش تطلب بشكل روتيني "مبلغاً لكوب شاي" أو أكثر من كل سائق، فيما قطاع الطرق بدورهم ينتظرون، إما لسرقة سلع أو للمطالبة بمبالغ إضافية للعبور بشكل آمن.
يضاف إلى ذلك مخاطر الوقوع وسط تبادل إطلاق النار بين "طالبان" والقوات الحكومية.
مع ذلك يقول التجار والسائقون، إن ليس لديهم خيارات تذكر باستثناء مواصلة النقل بالشاحنات.
وقال السائق عبد الرزاق الذي يحمل معه صيصان إلى قندهار: "رحى الحرب تدور ونحن نعلم ذلك، لكن ليس لدينا خيار آخر.. نقل السلع هو الوسيلة الوحيدة لنا لإعالة أُسرنا".
اقرأ أيضاً: