
أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، عن استعداد بلاده للانتقال إلى المرحلة الثانية من العقوبات على روسيا بسبب النزاع في أوكرانيا، وسط تصاعد مطالب كييف بضرورة فرض مزيد من العقوبات رداً على شن موسكو أكبر هجوم جوي خلال الحرب.
ورداً على سؤال خلال مغادرته البيت الأبيض، بشأن ما إذا كان مستعداً للانتقال إلى المرحلة الثانية من العقوبات على روسيا، أجاب ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: "نعم.. أنا مستعد".
جاء ذلك بعد أن أعلن مسؤولون أميركيون، عن انفتاح الولايات المتحدة على الشراكة مع الدول الأوروبية لفرض مزيد من الضغط على روسيا، ومعاقبة الدول التي تشتري النفط الروسي، مشيرين إلى أن المحادثات بشأن توقيت العقوبات الإضافية ومستواها سيبدأ اليوم وغداً.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت لشبكة NBC NEWS: "نحن مستعدون لزيادة الضغط على روسيا، لكننا بحاجة إلى أن يتبعنا شركاؤنا الأوروبيون"، مضيفاً: "نحن في سباق الآن بين مدى قدرة الجيش الأوكراني على الصمود، مقابل مدى قدرة الاقتصاد الروسي على الصمود".
وأشار إلى أنه في حال "تمكنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من فرض مزيد من العقوبات ورسوم ثانوية على الدول التي تشتري النفط الروسي، فإن الاقتصاد الروسي سيكون في حالة انهيار كامل، وذلك سيجبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الجلوس إلى الطاولة".
وفي الشهر الماضي، فرضت إدارة الرئيس دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 50% على الهند، وهي من أعلى الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة على أي دولة أجنبية، مشيرة إلى استمرار نيودلهي في شراء نفط موسكو وسط الحرب في أوكرانيا.
وجاءت تصريحات بيسنت بعد ساعات فقط من شن روسيا أكبر هجوم جوي خلال الحرب ضد أوكرانيا، وكذلك بعد أسابيع من اجتماع ترمب مع بوتين في ولاية ألاسكا، قبل أن يستضيف نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض لبحث إمكانية إنهاء الحرب.
ومنذ ذلك الحين، يبدو أن محادثات وقف إطلاق النار أو إنهاء الحرب قد توقفت، فيما واصلت روسيا هجماتها الجوية على أوكرانيا.
توقيت ومستوى العقوبات
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتجه لفرض عقوبات على روسيا عقب شنها هجوماً كبيراً على كييف، قال مدير المجلس الاقتصادي القومي الأميركي كيفن هاسيت، إن "أخبار الليلة الماضية مخيبة جداً للآمال. وأنا متأكد من أنه سيكون هناك الكثير من النقاش اليوم وغداً بشأن توقيت العقوبات الإضافية ومستواها".
وذكر هاسيت لشبكة CBS NEWS، أن "توقيت ومستوى العقوبات على روسيا يعتمد على الرئيس ترمب".
وفي وقت سابق الأحد، قال مسؤولون أوكرانيون، إن روسيا شنت أكبر هجوم جوي في الحرب خلال الليل ما أدى إلى اشتعال النيران في المقر الرئيسي للحكومة الأوكرانية بالعاصمة كييف، ولقي 4 أشخاص على الأقل بينهم رضيع حتفهم.
وقال الرئيس الأوكراني، إن قصف الطائرات المسيرة والصواريخ أودى بحياة 4، وألحق أضراراً بالغة بشمال وجنوب وشرق البلاد، بما في ذلك مدن زابوريجيا وكريفي ريه وأوديسا، بالإضافة إلى منطقتي سومي وتشيرنيهيف.
وتابع قائلاً في مناشدة جديدة لحلفاء بلاده لتعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية: "عمليات القتل هذه الآن، وفي وقت كان من الممكن أن تبدأ فيه الدبلوماسية الحقيقية منذ زمن بعيد، هي جريمة متعمدة وإطالة لأمد الحرب".
وسلط الهجوم الضوء على تنامي الشعور بالتشاؤم لدى أوكرانيا والدول المتحالفة معها بشأن إمكانية انتهاء الحرب قريباً، مع رفض بوتين الدعوات لوقف إطلاق النار، وتشجعه بتوطيد العلاقات مع الصين.
كما عبّر الرئيس الأميركي، عن إحباطه المتزايد من موسكو منذ لقائه ببوتين الشهر الماضي، لكنه قاوم حتى الآن فرض عقوبات أشد على روسيا لإرغام موسكو على التفاوض.
وقال ترمب، الجمعة الماضي، إنه لا يزال يعمل على تحديد ضمانات أمنية لأوكرانيا، مضيفاً أنها ستساعد في إنهاء أعنف صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وتعهد حلفاء كييف الأوروبيون بالوقوف إلى جانب أوكرانيا سياسياً وعسكرياً، لكن عروض المساعدة الملموسة، بما في ذلك إمكانية إرسال قوات برية، لا تزال قيد المناقشة.
"أعطى بوتين ما أراده"
من جهته، ذكر زيلينسكي، أن قمة ترمب مع بوتين في ألاسكا منحت الأخير "ما كان يريده" مضيفاً: "من المؤسف أن أوكرانيا لم تكن هناك، لأنني أعتقد أن الرئيس ترمب أعطى بوتين ما أراده. لقد كان يريد بشدة أن يلتقي بالرئيس ترمب، برئيس الولايات المتحدة. وأعتقد أن بوتين حصل على ذلك. وهذا مؤسف".
وأشار الرئيس الأوكراني في لقاء مع شبكة ABC NEWS، إلى أن "بوتين لا يريد أن يلتقي بي، لكنه يرغب جداً أن يلتقي برئيس الولايات المتحدة، ليُظهر للجميع مقاطع الفيديو والصور التي تثبت أنه هناك".
ومن داخل مصنع أميركي مدمَّر بأوكرانيا، قال زيلينسكي خلال اللقاء الذي تم تصويره، الجمعة الماضي، إنه يعتقد أن "إنهاء الحرب يتطلب مزيداً من الضغط من الحلفاء الأميركيين والأوروبيين على روسيا".
وأردف: "قلت إنني أعتقد أن الرئيس ترمب محق بشأن الأوروبيين، أنا ممتن جداً لجميع الشركاء، لكن بعضهم لا يزالون يشترون النفط والغاز الروسي. وهذا ليس عادلاً.. لذلك علينا التوقف عن شراء أي نوع من الطاقة من روسيا".
وبشأن مدى إمكانية عقد اجتماع مع بوتين، قال زيلينسكي، إن الرئيس الروسي "طرح شروطاً لا يمكنه قبولها من أجل عقد اللقاء"، وأن بوتين "يلعب لعبة مع الولايات المتحدة".
وقالت كبيرة مراسلي الشؤون العالمية في شبكة ABC News، مارثا راداتز خلال لقاءه مع زيلينسكي: "لقد قال إنه سيلتقي بك إذا جئت إلى موسكو"، فردّ الرئيس الأوكراني بسخرية: "يمكنه أن يأتي إلى كييف".
وتابع: "لا أستطيع الذهاب إلى موسكو بينما بلادي تحت الصواريخ وتحت الهجمات يومياً. لا أستطيع الذهاب إلى عاصمة هذا الإرهابي. هذا أمر مفهوم. وهو يفهم ذلك".
واعتبر أنه "يفعل ذلك مجدداً من أجل تأجيل اللقاء الذي اتفقنا عليه"، لكنه اعتبر أن احتمال عقد اجتماع ثنائي بين الجانبين "ليس مستبعداً"، لكن "ليس على الأراضي الروسية".
وزاد: "قلت له: انظر يا سيادة الرئيس، أنا مستعد لأي نوع من اللقاءات، لكن ليس في روسيا، أي نوع من اللقاءات، ثنائية، ثلاثية. سنكون سعداء إذا كنت حاضراً فيها".
وعن الضمانات الأمنية التي تطلبها أوكرانيا من الحلفاء الأميركيين والأوروبيين في حال انتهاء الحرب، قال زيلينسكي، إن "أي ضمانات أمنية في أوكرانيا لا يمكن أن تبنى إلا على جيشنا".
وأضاف: "أعتقد أن الرئيس ترمب يريد إنهاء هذه الحرب. لكن إذا تحدثنا عن سلام عادل ودائم، فمن المهم أن ننهي الحرب، وألا تكون هناك إمكانية لعودة العدوان بعد 6 أشهر، أو سنة، أو سنتين. ليس المهم فقط أن نوقف الحرب. نعم، هذا مهم جداً، ولكن المهم أن نحصل على سلام دائم وأمن".