
في توجيهه الأول منذ تولّيه منصبه، أمهل وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أبرز قادة الجيش أسبوعين لتزويده بتقارير عن برامج منع الاعتداءات الجنسية في المؤسسة العسكرية، وتقييم ما نجح منها وما لم ينجح.
وتفي مذكرة أوستن بالتزام قدّمه لمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، خلال جلسات الاستماع للمصادقة على تعيينه في المنصب. وكان تعهد بمعالجة فورية لمشكلة الاعتداء والتحرّش الجنسيَّين في الجيش. ووَرَدَ في مذكرته: "هذه مسألة قيادة. سنقود".
وواجه أوستن أسئلة ملحّة من أعضاء كثيرين في المجلس، لمعرفة خططه بشأن هذه المشكلة التي تواجه منذ سنوات مسؤولي وزارة الدفاع والقادة العسكريين. وأفادت تقارير أعدّتها الوزارة بارتفاع نسبة الاعتداءات الجنسية بشكل مطرد منذ عام 2006، بما في ذلك زيادة بنسبة 13% في عام 2018، وأخرى بنسبة 3% في عام 2019، علماً أن بيانات عام 2020 لم تتح بعد.
وأثارت الزيادة المسجلة في عام 2018 غضباً في الكونغرس بشأن هذا الملف، ودعا مشرعون مرات إلى اتخاذ تدابير، بما في ذلك إجراء تغييرات في قانون القضاء العسكري، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".
"إنهاء بلاء"
وسألت السيناتور الديمقراطية كيرستن غيليبراند أوستن، خلال جلسة المصادقة على تعيين أوستن: "هل توافق على أننا لا نستطيع الاستمرار في فعل الأمر ذاته الذي كنا نفعله طيلة العقد الماضي؟ هل لديّ التزام منك بأن تكون بلا هوادة في هذه المسألة، كي نتمكّن من إنهاء بلاء العنف الجنسي في الجيش؟". ووافقها أوستن الرأي، قائلاً لأعضاء مجلس الشيوخ: "هذا يبدأ بي ويمكنكم الاعتماد عليّ بأن أحقق ذلك في اليوم الأول".
وخلال جلسة الاستماع، وفي مذكرته، أقرّ أوستن بأن الجيش كافح منذ فترة طويلة لتسوية هذه المشكلة، مستدركاً أنه مُطالَب بأفضل ممّا فعل.
وتلزم المذكرة جميع قادة الجيش بتقديم ملخّص عن الإجراءات التي اتخذوها في العام الماضي لمكافحة الاعتداء والتحرّش الجنسيَّين، التي تُظهر نتائج واعدة، إضافة إلى تقييم لتلك التي لم تكن كذلك. وتطالب المذكرة ببيانات ذات صلة، تطال العقد الماضي، بما في ذلك الجهود المبذولة لدعم الضحايا.
وحضّ أوستن قادة الجيش على تضمين تقاريرهم "بحثاً في أساليب جديدة لأيّ من هذه المجالات"، وزاد: "يجب ألا نخشى أن نكون مبدعين". وأشار إلى أنه يعتزم عقد اجتماع في هذا الصدد مع أبرز القادة العسكريين في الأيام المقبلة.
تفاؤل حذر
وقال نيت غالبريث، القائم بأعمال مدير مكتب منع الاعتداءات الجنسية والاستجابة لها في وزارة الدفاع الأميركية، في أبريل الماضي، إنه متفائل بحذر بأن الزيادة المنخفضة المُسجلة في عام 2019، تشير إلى اتجاه نحو تراجع الاعتداءات. واستدرك أن معرفة ذلك صعبة جداً، لانعدام الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية إلى حد كبير.
وأطلق غالبريث والقادة العسكريون برامج جديدة مرات طيلة سنوات، تتضمّن زيادة في التعليم والتدريب، وجهوداً لتشجيع الجنود على التدخل عندما يرون أمراً مشيناً. كذلك أعلن مسؤولون العام الماضي تدابير جديدة لاجتثاث متحرّشين متسلسلين.
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن ضحايا كثيرين لا يقدّمون تقارير جنائية، ما يحرم المحققين من ملاحقة المهاجمين المزعومين. وينصّ النظام الجديد على تشجيع الضحايا، الذين لا يرغبون في تقديم تقرير جنائي عام، على تقديم تفاصيل سرية حول مهاجمهم المزعوم، كي يتمكّن المحققون من كشف احتمال تورّطهم بجرائم أخرى.
واعتبر غالبريث وآخرون أن الزيادة في التقارير تشكّل علامة جيدة، إذ أظهرت أن الضحايا كانوا أكثر استعداداً لطرح مشكلتهم، ما يوحي بأنهم باتوا أكثر ثقة بنظام العدالة.