
أفادت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلاً عن مسؤولين رفيعي المستوى، السبت، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب، خلال اتصال هاتفي أجراه، الخميس الماضي، مع نظيره الأميركي دونالد ترمب تخلي أوكرانيا عن منطقة دونيتسك ذات الأهمية الاستراتيجية، باعتبار ذلك شرطاً لإنهاء الحرب.
ويرى المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما نظراً لحساسية النقاشات، أن تركيز بوتين على منطقة دونيتسك يشير إلى أنه لم يتراجع عن مطالبه السابقة، التي أبقت الصراع في حالة جمود، وذلك رغم تفاؤل ترمب بإمكانية التوصل إلى اتفاق.
من جانبه، لم يدل الرئيس الأميركي بأي تعليق علني بشأن طلب بوتين المتعلق بمنطقة دونيتسك، كما لم يُبدِ تأييداً لهذا الطلب في تصريحاته التي أعقبت اجتماعه، الجمعة، مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ويعتزم ترمب لقاء بوتين في المجر، خلال الأسابيع المقبلة، لمواصلة المباحثات بشأن سبل إنهاء الحرب.
زابوريجيا وخيرسون
وخلال الاتصال الهاتفي بين ترمب وبوتين، أبدى الرئيس الروسي استعداده للتخلي عن أجزاء من منطقتي زابوريجيا وخيرسون، اللتين تسيطر عليهما موسكو جزئياً، مقابل الحصول على السيطرة الكاملة على دونيتسك، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن المسؤولين.
واعتبرت الصحيفة الأميركية أن هذا الطرح يُعد "أقل تطرفاً" من المطالب التي قدمها بوتين، في أغسطس الماضي، خلال قمة جمعته بترمب في ولاية ألاسكا الأميركية.
وقال أحد المسؤولين المطلعين على المكالمة إن "بعض مسؤولي البيت الأبيض يرون أن هذا التغيير يشكّل تقدماً". غير أن دبلوماسياً أوروبياً رفيع المستوى، أعرب عن تشككه في هذا التقييم، مشيراً إلى أن الأوكرانيين على الأرجح لن يروا في ذلك تقدماً حقيقياً.
وعلى مدى العام الماضي، شهدت خطوط المواجهة بين القوات الروسية والأوكرانية حالة من الجمود، دون أن يحرز أي من الطرفين تقدماً ميدانياً كبيراً. وتسيطر روسيا حالياً على قرابة 20% من الأراضي الأوكرانية، بعد غزوها للبلاد في فبراير 2022.
وعاد ترمب مؤخراً لتكثيف جهوده الرامية إلى إنهاء الحرب، بعد نجاحه في التوسط لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين في قطاع غزة.
وكانت أوكرانيا تأمل في الحصول على صواريخ "توماهوك" الأميركية بعيدة المدى خلال اجتماع، الجمعة، لكنها خرجت منه دون التوصل إلى اتفاق.
"سوء فهم"
وبحسب المسؤولين، مارس المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ضغوطاً على الوفد الأوكراني خلال الاجتماع، لحثه على التنازل عن منطقة دونيتسك، مستنداً إلى كون المنطقة "ناطقة بالروسية في غالبيتها"، وهو طرح يتماشى مع الخطاب المتكرر للكرملين، والذي ينظر إليه الأوكرانيون والأوروبيون باعتباره متعاطفاً مع المطالب الروسية.
وكان ويتكوف هو المسؤول الرئيسي عن التنسيق مع الكرملين نيابة عن البيت الأبيض قبيل قمة ألاسكا، والتي وصفها مسؤولون أوروبيون بأنها أدت إلى "سوء فهم" لمطالب روسيا، وأسفرت عن "فشل" في تحقيق تقدم ملموس عقب اللقاء.
ويتولى وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، قيادة فريق الإعداد للقمة المرتقبة في العاصمة المجرية بودابست بين ترمب وبوتين، وهي خطوة رحبت بها كييف.
وأيدت أوكرانيا دعوة ترمب لوقف إطلاق النار عند خطوط القتال الحالية، تمهيداً لمفاوضات تهدف إلى اتفاق دائم ينهي الحرب.
وذكر مسؤولون أوكرانيون في تصريحات غير علنية أنهم يدركون أن روسيا من المرجح أن تحتفظ بسيطرة فعلية على الأراضي التي استولت عليها، لكنهم يسعون في المقابل للحصول على ضمانات أمنية قوية من أميركا وأوروبا، لردع موسكو عن استئناف الحرب مستقبلاً.
استهداف البنية التحتية للطاقة
وتستعد أوكرانيا لمواجهة شتاء قاسٍ جديد، في ظل استمرار روسيا في استهداف البنية التحتية للطاقة، وهي استراتيجية ردت عليها كييف بأساليب مماثلة ضد المنشآت الروسية.
وكان ترمب لوّح سابقاً بإمكانية إرسال صواريخ "توماهوك" القوية إلى أوكرانيا قبل الاجتماع، لكنه تراجع بعد مكالمته الهاتفية مع بوتين، الخميس، بحسب "واشنطن بوست".
وخلال ظهوره إلى جانب زيلينسكي، الجمعة، أعرب الرئيس الأميركي عن أمله في إنهاء الحرب دون الحاجة إلى إرسال هذه الصواريخ.
وعند سؤاله عما إذا كان بوتين يسعى لكسب المزيد من الوقت، أجاب ترمب بأنه "غير قلق، وأنه لا بأس إذا استغرق الأمر بعض الوقت، لكنني أعتقد أنني جيد جداً في هذا النوع من الأمور".