
أقر مجلس الأمن الدولي، الاثنين، مشروع قرار مقدم من الولايات المتحدة يتضمن إنشاء "قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة"، وترحيباً بخطة الرئيس دونالد ترمب المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في غزة.
وأيّد القرار 13 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت، وهنأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب العالم بتصويت مجلس الأمن الدولي على الاعتراف بـ"مجلس السلام"، موضحاً أنه سيُدار برئاسته وسيتضمن "أقوى وأبرز القادة في العالم".
وكتب ترمب على منصة "تروث سوشيال": "تهانينا للعالم على التصويت المذهل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل لحظات، والذي اعترف وأيد مجلس السلام، الذي سيرأسه أنا، ويضم أقوى وأعزم القادة في جميع أنحاء العالم".
وأضاف أن هذا القرار " سيُسجل باعتباره من بين أكبر القرارات التي حظيت بموافقة في تاريخ الأمم المتحدة، وسيقود إلى مزيد من السلام في جميع أنحاء العالم، وهو لحظة ذات أهمية تاريخية حقيقية".
ووجّه الرئيس الأميركي شكره إلى الأمم المتحدة وجميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وهي: الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا والجزائر والدنمارك واليونان وجويانا وكوريا الجنوبية وباكستان وبنما وسيراليون وسلوفينيا والصومال.
كما شكر الدول التي ليست ضمن المجلس لكنها "دعمت الجهد بقوة، وتشمل: قطر ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا وتركيا والأردن".
وختم ترمب بالقول إنه "سيتم الكشف عن أعضاء مجلس السلام والعديد من الإعلانات المثيرة الأخرى خلال الأسابيع المقبلة".
روبيو: محطة تاريخية في بناء غزة سلمية
ووصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، عبر منصة إكس، قرار مجلس الأمن بأنه "محطة تاريخية في بناء غزة سلمية ومزدهرة تُحكم من قبل الشعب الفلسطيني، وليس حماس".
وقال إن "الرئيس ترمب يدفع نحو تغيير حقيقي وملموس في المنطقة، ومع هذا التصويت، أصبحنا أقرب من أي وقت مضى لتحقيق غزة منزوعة السلاح، خالية من التطرف، ومستقرة".
من جانبه، اعتبر سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك ولتز، في كلمة له، أن القرار "يمثل خطوة مهمة أخرى نحو غزة مستقرة يمكن أن تزدهر، وفي بيئة تتيح لإسرائيل العيش بأمن"، لافتاً إلى أن "مجلس السلام، الذي سيقوده الرئيس دونالد ترمب، يبقى حجر الزاوية في جهودنا".
وأوضح أن المجلس "سينسّق تقديم المساعدات الإنسانية، ويسهّل تنمية غزة، ويدعم تشكيل لجنة تكنوقراطية من الفلسطينيين تتولى العمليات اليومية للخدمات المدنية والإدارة في غزة بينما تنفذ السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي بالكامل".
وأشار ولتز إلى أن القرار "يوفّر للدول المساهمة بقوات الإطار اللازم للمضي قدماً في قوة الاستقرار الدولية، ويوفّر للمؤسسات المالية العالمية الآليات المطلوبة لتوجيه الاستثمار"، لافتاً إلى أن "الأولى ستدعم منطقة خالية من قبضة حماس، والثانية ستدعم إعادة إعمار غزة وتنميتها".
وقال السفير الأميركي إن "الطريق إلى الازدهار يتطلّب أولاً الأمن الذي هو الأكسجين الذي تحتاجه الحوكمة والتنمية كي تعيش وتزدهر"، موضحاً أن "قوة الاستقرار الدولية ستعمل على تثبيت الأمن، ودعم نزع السلاح في غزة.. والحفاظ على سلامة المدنيين الفلسطينيين".
ويرى أن الاستثمارات التي ستتبع اعتماد القرار "ستنعش اقتصاد غزة وتمنح الفلسطينيين فرصة بدلاً من بقائهم تحت عبء الاعتماد الدائم على المساعدات"، معرباً عن تطلع بلاده إلى العمل مع البنك الدولي في دعم إعادة التنمية طويلة الأمد لغزة، بالتوازي مع تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.
وأردف: "خطة الرئيس ترمب التاريخية المكونة من 20 نقطة شكّلت بداية ما سيكون منطقة قوية ومستقرة ومزدهرة، موحدة في رفض طريق العنف والكراهية".
تعديلات عربية
من جهته، قال السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع إن "الجزائر تُعرب عن شكرها للولايات المتحدة وقيادتها، وبشكل خاص إلى الرئيس ترمب، الذي كان لانخراطه الشخصي دور حاسم في إرساء وقف إطلاق النار في غزة، ما أدى إلى وضع حد للمعاناة".
وأشار بن جامع إلى أن "الجزائر تُقرّ بالجهود التي بذلها الرئيس ترمب في تعزيز السلام حول العالم"، مؤكداً في الوقت ذاته أن "السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه دون العدالة للشعب الفلسطيني الذي انتظر لعقود إقامة دولته المستقلة".
وأضاف أن "الجزائر شاركت في مفاوضات هذا القرار نيابة عن المجموعة العربية وبالتشاور والتنسيق الوثيقين مع الممثلين الفلسطينيين، حيث قدمت ما اعتبرته تعديلات أساسية لضمان التوازن والنزاهة في النص".
وأوضح أن "بعض هذه المقترحات جرى تبنيها، وأن الجزائر واصلت العمل حتى النهاية، سواء باسم المجموعة العربية أو بصفتها الوطنية، لإدراج عناصر ترى أنها تُحسّن مشروع القرار".
وأكد أن هذا النص "حظي بدعم من الدول العربية والإسلامية الشقيقة التي، وبكل مسؤولية، أعلنت دعمها النسخة النهائية لمشروع القرار ودعت إلى اعتماده". كما نوّه إلى أن "السلطة الفلسطينية وعلى أعلى المستويات رحّبت علناً بالمبادرة ورددت الدعوة إلى دعم النص".
بريطانيا: نقطة انطلاق مهمة لتنفيذ خطة السلام
وقال سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة جيمس كاريوكي إن "القرار هو نقطة انطلاق مهمة لتنفيذ خطة السلام من أجل الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة ولطي صفحة عامين مدمرين من الصراع، للتوجه نحو السلام الدائم".
وأكد على "أهمية البناء على هذا الزخم ليتم نشر قوة الاستقرار الدولية بشكل عاجل لدعم وقف إطلاق النار، وتجنب حدوث فجوة قد تستغلها حماس".
كما شدد على "ضرورة تعزيز الجهود لدعم العمل الإنساني الذي تقوم به الأمم المتحدة، بما يتطلب فتح جميع المعابر، وضمان أن تتمكن الوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية من العمل بدون عوائق".
فلسطين ترحب وتطالب بالتطبيق فوراً
ورحبت دولة فلسطين بقرار مجلس الأمن الدولي، الذي قالت إنه "يؤكد تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والشامل في قطاع غزة، وإدخال وتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق، ويؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة".
وأكدت فلسطين، في بيان نشرته وكالة الأنباء "وفا"، "ضرورة العمل فوراً على تطبيق هذا القرار على الأرض، بما يضمن عودة الحياة الطبيعية، وحماية شعبنا في قطاع غزة ومنع التهجير، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال وإعادة الإعمار ووقف تقويض حل الدولتين، ومنع الضم".
وأبدت دولة فلسطين استعدادها الكامل للتعاون مع الإدارة الأميركية وأعضاء مجلس الأمن والدول العربية والإسلامية والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء والأمم المتحدة وجميع أطراف التحالف الدولي والشركاء في إعلان نيويورك، "من أجل تنفيذ هذا القرار بما يؤدي إلى إنهاء معاناة شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والذهاب إلى المسار السياسي الذي يقود إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق حل الدولتين المستند للقانون الدولي والشرعية الدولية، بحسب البيان.
وجددت دولة فلسطين "التأكيد على جاهزيتها لتحمل كامل مسؤولياتها في قطاع غزة، في إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات، باعتبار القطاع جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطين"، بحسب البيان.
ووجهت فلسطين الشكر إلى جميع الدول التي أعربت عن جاهزيتها للعمل معها والأطراف المعنية "من أجل إسناد جهود دولة فلسطين والشعب الفلسطيني نحو نهاية الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال، انطلاقاً من سعيها إلى إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يحقق السلام والاستقرار والأمن في المنطقة والعالم أجمع".
حماس: لا يرتقي إلى حقوق الفلسطينيين
في المقابل، قالت حركة "حماس" إن القرار الأميركي بشأن غزة، الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي، "لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا الفلسطيني السياسية والإنسانية".
وأضافت، في بيان، أن القرار "يفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وهو ما يرفضه شعبنا وقواه وفصائله، كما يفرض آلية لتحقيق أهداف الاحتلال التي فشل في تحقيقها عبر حرب الإبادة الوحشية".
ورأت الحركة أن القرار "ينزع قطاع غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية، ويحاول فرض وقائع جديدة بعيداً عن ثوابت شعبنا وحقوقه الوطنية المشروعة، بما يحرم شعبنا من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس".
وتابعت: "مقاومة الاحتلال بكل الوسائل حق مشروع كفلته القوانين والمواثيق الدولية، وإن سلاح المقاومة مرتبط بوجود الاحتلال، وأيّ نقاش في ملف السلاح يجب أن يبقى شأناً وطنياً داخلياً مرتبطاً بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة وتقرير المصير".
وذكرت "حماس" أن "تكليف القوة الدولية بمهام وأدوار داخل قطاع غزة، منها نزع سلاح المقاومة، ينزع عنها صفة الحيادية ويحوّلها إلى طرف في الصراع لصالح الاحتلال".
أبرز مضامين القرار الأميركي
ورحب القرار الذي حمل رقم 2803، بخطة ترمب المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في غزة والتي من بينهما إنشاء "مجلس السلام" باعتباره "هيئة إدارية انتقالية ذات شخصية قانونية دولية تتولى وضع إطار العمل وتنسيق التمويل لإعادة تنمية غزة وفقاً للخطة الشاملة.. ريثما تستكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي بشكل مرضٍ، على النحو المبين في المقترحات المختلفة، بما في ذلك خطة السلام التي قدمها الرئيس ترمب عام 2020 والمقترح السعودي - الفرنسي، ويكون بمقدورها استعادة زمام السيطرة على غزة بشكل آمن وفعال".
وجاء في القرار أنه "بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بأمانة وإحراز تقدم في عملية إعادة التنمية في غزة، قد تتوافر الظروف أخيراً لتهيئة مسار موثوق يتيح للفلسطينيين تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية".
وورد في القرار أن "الولايات المتحدة ستعمل على إقامة حوار بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على آفاق العمل السياسي بغية التعايش في سلام وازدهار".
ويأذن القرار للدول الأعضاء التي تتعاون مع مجلس السلام بـ"إنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة تُنشر تحت قيادة موحدة يقبلها مجلس السلام، وتتألف من قوات تساهم بها الدول المشاركة، بالتشاور والتعاون الوثيقين مع مصر وإسرائيل، وباستخدام جميع التدابير اللازمة لتنفيذ ولاية هذه القوة الدولية بما يتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني".
وستعمل القوة الدولية على "مساعدة مجلس السلام في مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، وإبرام الترتيبات التي قد تكون ضرورية لتحقيق أهداف الخطة الشاملة".
وينص القرار على أن "يظل الإذن الصادر لكل من مجلس السلام وأشكال الوجود المدني والأمني الدولي سارياً حتى 31 ديسمبر 2027، رهناً باتخاذ مجلس الأمن إجراءات أخرى، وأن يكون أي تجديد للإذن الصادر للقوة الدولية بالتعاون والتنسيق الكاملين مع مصر وإسرائيل والدول الأعضاء الأخرى التي تواصل العمل مع القوة الدولية".









