
أنهى القضاء في ولاية جورجيا الأميركية، الأربعاء، آخر القضايا الجنائية المرتبطة بمحاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب تغيير نتائج انتخابات 2020، بعدما أعلن المدعي الجديد المكلّف بالقضية رفضه المضي في الملاحقات، ما دفع القاضي إلى إسقاط القضية بالكامل، وفق "أسوشيتد برس".
وأوضحت الوكالة أن قاضي محكمة مقاطعة فولتون العليا، سكوت ماكافي، أصدر قراراً يقضي بإسقاط قضية التدخل في انتخابات جورجيا بحق ترمب وآخرين، بعدما أعلن المدعي بيت سكاندالاكيس، المدير التنفيذي لمجلس المدعين العامين في جورجيا، أنه لن يتابع التهم الموجهة في هذه القضية، منهياً بذلك آخر محاولة لمساءلة الرئيس الأميركي قضائياً عن جهوده لقلب خسارته في انتخابات 2020.
وكان سكاندالاكيس تولّى القضية في وقت سابق من الشهر، خلفاً لمدعية المقاطعة فاني ويليس، التي أُبعدت بسبب ما وُصف بـ"مظهر من مظاهر عدم الانضباط المهني"، بعد الكشف عن علاقة عاطفية جمعتها بالمدعي الخاص، الذي اختارته لتولي القضية.
وبدأت القضية قبل نحو خمس سنوات، عندما أعلنت فاني ويليس نيتها التحقيق فيما إذا كانت هناك محاولات غير قانونية للتأثير على نتائج انتخابات 2020، في ولاية جورجيا، بما في ذلك المكالمة الهاتفية المؤرخة في 2 يناير 2021، التي سُجل خلالها ترمب وهو يطلب من سكرتير الولاية المساعدة في العثور على الأصوات اللازمة لقلب خسارته في الولاية الحاسمة.
ولفتت الوكالة إلى أن هذه القضية كانت الأوسع نطاقاً من بين أربع قضايا جنائية رُفعت ضد ترمب في عام 2023، وأن حجمها وتعقيدها جعلا من غير المستغرب أن يرفض مدعون آخرون تولّيها بعد إبعاد ويليس.
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن إسقاط قضية جورجيا يعكس مدى قدرة ترمب على النجاة من سلسلة الملاحقات القضائية التي كانت تهدد مسيرته السياسية وحريته الشخصية.
وكان المحقق الخاص في وزارة العدل، جاك سميث، الذي وجّه لترمب تهمة التآمر لقلب نتائج انتخابات 2020، والاحتفاظ بوثائق سرية في منتجعه الخاص بفلوريدا "مار الاجو"، قد أسقط قضيتين أخريين بعد فوز ترمب بالرئاسة العام الماضي، استناداً إلى سياسة الوزارة التي تمنع توجيه لائحة اتهام لرئيس أثناء توليه المنصب.
ولفتت الوكالة إلى أن أي إجراءات قانونية ضد ترمب باتت شبه مستحيلة بصفته رئيساً، غير أن 14 متهماً آخرين لا يزالون يواجهون ملاحقات، بينهم رودي جولياني، عمدة نيويورك الأسبق ومحامي ترمب، ومارك ميدوز، كبير موظفي البيت الأبيض السابق.
ورحّب ستيف سادو، المحامي الرئيسي لترمب في جورجيا، بقرار إسقاط القضية، قائلاً: "انتهى أخيراً الاضطهاد السياسي للرئيس ترمب من جانب المدعية غير المؤهلة فاني ويليس. هذه القضية لم يكن ينبغي أن تُرفع من الأساس، وقد أنهى مدعٍ عادل ونزيه هذه الحرب القانونية".
واحتفى ترمب بالقرار في منشور مطوّل على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: "القانون والعدالة انتصرا في ولاية جورجيا العظيمة، بعد إسقاط حملة فاني ويليس الفاسدة ضدي وضد غيري من الوطنيين الأميركيين العظماء".
مراجعة القضية وسبب إسقاطها
وقال سكاندالاكيس إنه أجرى مراجعة شاملة للقضية "مدركاً مدى الخطورة التي ينظر بها كثير من المواطنين إلى الأحداث الواردة فيها"، مضيفاً: "أُشاركهم مخاوفهم، وأقر بالأثر الذي سيتركه قراري".
وأشار إلى أن لائحة الاتهام "تتضمن مجموعة مختلفة من الأفعال، والتي لو ثبتت بما لا يدع مجالاً للشك، ستؤكد وجود مؤامرة شارك فيها عدة أشخاص بهدف قلب نتائج انتخابات 2020"، لكنه أوضح في مذكرته الأسباب التي دفعته إلى عدم متابعة القضية.
ومن بين العوائق التي ذكرها: "تعقيد الإجراءات القانونية" المتعلقة بمحاكمة ترمب، موضحاً أنه حتى لو جاءت القرارات كافة لصالح الادعاء، فإن "عرض هذه القضية أمام هيئة محلفين في 2029 أو 2030 أو حتى 2031 سيكون إنجازاً مذهلًا بكل المقاييس".
وأضاف أنه درس فصل محاكمة المتهمين الآخرين ومحاكمتهم بشكل منفصل، لكنه رأى أن ترمب هو المتهم الرئيسي و"يتحمّل مسؤولية أي مؤامرة" يمكن إثباتها، معتبراً أن إجراء محاكمات منفصلة سيكون "غير منطقي ومرهق ومكلف للغاية".
كيف انهارت القضية؟
أعلنت ويليس، وهي ديمقراطية منتخبة، في أغسطس 2023 توجيه لائحة اتهام إلى ترمب و18 آخرين، مستخدمة قانون الولاية لاتهامهم بالمشاركة في "مؤامرة واسعة" لقلب خسارة ترمب في جورجيا بشكل غير قانوني. وقد أقرّ أربعة متهمين بالذنب بعد التوصل إلى صفقات مع الادعاء.
وسعى محامو الدفاع لإبعاد ويليس بعد الكشف في يناير 2024 عن علاقتها العاطفية مع ناثان ويد، المدعي الخاص الذي كلّفته بتولي القضية. ونفت ويليس وويد أن تكون علاقتهما قد شكّلت أي تضارب مصالح.
وأعرب القاضي عن استيائه من ويليس؛ بسبب ما وصفه بـ"سوء التقدير الجسيم"، لكنه لم يجد تضارباً يستوجب استبعادها، مشترطاً فقط تنحّي ويد، وهو ما فعله الأخير بعد ساعات.
لكن محامي الدفاع استأنفوا، فقررت محكمة الاستئناف في جورجيا، في ديسمبر 2024، استبعاد ويليس من القضية، فيما رفضت المحكمة العليا النظر في الطعن المقدم من جانبها على القرار.










