
حذر تقرير لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، من توسيع الصين لقدراتها العسكرية من أجل "إعادة التوحيد مع تايوان بالقوة الغاشمة"، فيما انتقدت بكين أحدث صفقة أسلحة أميركية لتايبيه، معتبرة أنها "تسرع" من خطر اندلاع الحرب.
وفي الأسبوع الماضي، وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حزمة مبيعات قياسية من الأسلحة لتايوان بقيمة 11.1 مليار دولار، تشمل منصات إطلاق صواريخ محمولة على شاحنات، وصواريخ مضادة للدبابات، وقطع مدفعية، وطائرات مُسيرة.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية تشانج شياو قانج، في مؤتمر صحافي، الخميس، إنه يتعين على الولايات المتحدة وقف جميع "الاستفزازات"، وتصحيح "أفعالها الخاطئة"، معتبراً أن هذه الصفقة "تسرع من خطر اندلاع حرب في مضيق تايوان"، بحسب ما أوردت وكالة "رويترز".
وتأتي التحذيرات الصينية لواشنطن، بينما اعتبر تقرير للبنتاجون أن الصين تحرز تقدماً في تطوير الأسلحة وتوسيع قدرة قواتها المسلحة على العمل بعيداً عن البر الرئيسي، بما في ذلك ضد تايوان.
وأفاد التقرير بأن بكين وحتى العام الماضي، كانت لا تزال غير متأكدة من قدرتها على "غزو تايوان والسيطرة عليها"، رغم إصرار الجيش الصيني على امتلاك القدرات اللازمة للاستيلاء على الجزيرة بالقوة بحلول عام 2027، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الخميس.
وأضاف تقرير البنتاجون، أن "الجيش الصيني يواصل إجراء تعديلات على خيارات عسكرية متعددة لفرض توحيد تايوان بالقوة الغاشمة". لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن قادة الصين "لا يزالون غير واثقين من جاهزية الجيش للنجاح في السيطرة على تايوان".
وقلّل ترمب من احتمالات لجوء بكين إلى استخدام القوة ضد تايوان، وبدا مصمماً على تعميق العلاقات مع الرئيس الصيني شي جين بينج، مع استعداد الجانبين لعقد قمة في أبريل المقبل.
الصين "تجس النبض"
وذكر تقرير البنتاجون، أن الإدارة الأميركية ستسعى إلى توسيع نطاق الاتصالات العسكرية المباشرة مع الصين، إلى جانب وسائل أخرى لتوضيح "نواياها السلمية".
وأوضح التقرير أن القوات الصينية أجرت خلال عام 2024 مناورات لاختبار "مكونات أساسية" لعملية "غزو برمائي، وضربات نارية، وفرض حصار بحري على تايوان".
وأشار إلى أن الصين صعّدت بشكل كبير من عمليات "جس النبض" عند الحدود الجوية والبحرية لتايوان منذ عام 2023، حيث ارتفع النشاط داخل منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية بأكثر من 60%، من 1703 حوادث في ذلك العام إلى 2771 حادثاً خلال العام الماضي، كما كثفت السفن الحربية الصينية عملياتها في مضيق تايوان.
وتطالب بكين بتايوان بوصفها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وأكدت أنها ستعيد توحيد الجزيرة ولو بالقوة إذا اقتضت الضرورة.
وعلى مدى عقود، تقوم السياسة الأميركية تجاه مطالبة الصين بالسيادة على تايوان على ما يصفه المسؤولون بـ"الغموض الاستراتيجي"، وهي فكرة تهدف إلى إبقاء بكين في حالة "عدم يقين" بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً بشكل مباشر في حال اندلاع صراع، وفي الوقت نفسه كبح تايوان عن إعلان الاستقلال رسمياً، ما قد يستفز هجوماً صينياً.
ويقل تقرير البنتاجون الجديد بنحو النصف عن تقرير العام الماضي خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، والذي تألف من 100 صفحة.
ويعد هذا التقييم الأول للبنتاجون خلال الولاية الثانية لترمب، ويأتي عقب صدور استراتيجية للأمن القومي تركز على الدفاع عن نصف الكرة الغربي. ودعت استراتيجية الأمن القومي الجديدة، إلى توثيق التعاون مع الشركاء والحلفاء في منطقة المحيط الهادئ لردع أي محاولات للسيطرة على تايوان، لكنها لم تذكر الصين سوى مرات محدودة، وغالباً في سياق العلاقة الاقتصادية.
600 رأس نووي صيني
وجاء في تقرير البنتاجون الجديد، أن "الحشد العسكري التاريخي للصين جعل الأراضي الأميركية أكثر عرضة للخطر".
وقدّر التقرير امتلاك الصين مخزوناً يزيد على 600 رأس نووي، لكنه أشار إلى أن وتيرة بنائه تبدو أبطأ من السنوات الأخيرة، رغم استمرارها في تنفيذ "توسع نووي ضخم"، مع توقعات ببلوغ أكثر من ألف رأس نووي بحلول عام 2030.
ولفت إلى أن بكين رفضت في السنوات الأخيرة دعوات أميركية لإجراء محادثات حول ضبط التسلح، بسبب سعيها للحاق بواشنطن وموسكو، معتبرة أن القوتين النوويتين الأكبر يجب أن تخفضا ترسانتيهما أولاً.
وأشار تقييم البنتاجون إلى أن الصين تستهدف امتلاك ست حاملات طائرات بحلول عام 2035، ليصل إجمالي أسطولها إلى تسع حاملات، موضحاً أن البحرية الصينية أنهت مؤخراً التجارب البحرية لحاملة الطائرات الثالثة، وهي الأولى التي صُممت محلياً.
وأوضح أن حاملة الطائرات الجديدة "فوجيان" (Fujian)، تتميز بسطح مستوٍ يشبه حاملات الطائرات الأميركية، بخلاف أول حاملتين صينيتين اللتين تعتمدان على منصات إقلاع مائلة في المقدمة، كما أنها مزودة بنظام إطلاق كهرومغناطيسي للطائرات، مشابه للتقنية المستخدمة في حاملات الفئة "فورد" الأحدث في الأسطول الأميركي.
وكتب رايان فيداسيوك، من معهد "أميركان إنتربرايز"، على منصة "إكس": "يوضح التقرير للمرة الأولى بشكل علني أن بحرية الجيش الصيني تعتزم تشغيل تسع حاملات طائرات بحلول عام 2035… وهو ما سيضع أسطولها من الحاملات مباشرة خلف الأسطول الأميركي".
ويمتلك سلاح البحرية الأميركي حالياً 11 حاملة طائرات.
وأشار تقرير البنتاجون أن الصين تواصل اتخاذ خطوات لإبراز "قوتها العسكرية على المستوى العالمي"، لافتاً إلى أن الجيش الصيني افتتح في أبريل الماضي "مركزاً لوجيستياً وتدريبياً في قاعدة بحرية بكمبوديا، إلى جانب وجود عسكري صيني قائم بالفعل في جيبوتي قرب البحر الأحمر".










